قد يكون غلاف مجلة «نيويوركر» لهذا الأسبوع أفضل معبّر عن المعضلة التي تواجه الناخبين في مناطق الشمال الشرقي الأميركي المنكوبة بعد الإعصار، إذ يصوّر شاباً يحمل في يده ضوءاً كاشفاً يضيء أمامه جداراً عليه لافتة مكتوب عليها «التصويت هنا»، فيما باقي الغلاف غارق في اللون الأسود، إذ لا يزال عشرة ملايين مواطن أميركي على الشاطئ الشرقي يعانون من انقطاع التيار الكهربائي. ويترافق ذلك مع تدمير عشرات مراكز الاقتراع في الولايات المنكوبة بالإعصار «ساندي» الأسبوع الماضي. فهل سيؤثر ذلك فعلياً على الانتخابات؟ لا أحد يعلم.
ويتوجه اليوم نحو 180 مليون ناخب أميركي لاختيار رئيسهم للسنوات الأربع المقبلة. وفيما يبدو أنّ هناك أكثر من 40 ولاية قد حسمت نتائجها بين المرشحين، تبقى تسع ولايات نتائجها متأرجحة، تميل بين الجمهوري ميت رومني والرئيس الديموقراطي باراك أوباما يومياً، ومنها بعض الولايات ذات عدد أصوات مرتفع في المجمع الانتخابي. نبدأ بالولايات ذات العدد الأصغر، ومنها نيو هامبشير (4 أصوات). الولاية في العادة تصوّت أكثر للجمهوريين، رغم أنّ معظم الناخبين فيها مسجلين تحت صفة «غير محدد». لكنها اليوم تميل إلى أوباما، إذ أظهرت آخر الاستطلاعات تقدم الرئيس على منافسه (49.2 مقابل 47.7 في المئة)، تليها ولايتا أيوا ونيفادا (6 أصوات لكل منهما). ناخبو نيفادا الديموقراطيون هم أكثر عدداً، فيما تميل أيوا أكثر إلى ناحية الجمهوريين تاريخياً. لكن الاستطلاعات تشير الى أن أوباما قد يربح في الولايتين، بتفوق بسيط جداً. أما كولورادو (9 أصوات) فهي منقسمة بين الطرفين، وتميل اليوم لصالح أوباما، وكذلك ولايات أوهايو (18 صوتاً) وفيرجينيا (13 صوتاً) وويسكونسن (10 أصوات)، فيما يبدو أنّ رومني قد يكتسح فلوريدا (29 صوتاً) ونورث كارولاينا (15 صوتاً). لكن كل هذه التوقعات قد تتبدل اليوم، إذ هي مبنية على أرقام استطلاعات الاثنين والأحد، والتي يمكن أن تتغير بسرعة.
وإذا صدقت هذه الأرقام، فسيضيف أوباما 66 صوتاً انتخابياً إلى الـ237 التي يضمنها حتى اليوم ليربح الانتخابات بـ303 أصوات من المجمع الانتخابي (يحتاج الى 270 لينجح).
لكن ماذا لو لم ينجح أوباما؟ يتوقع بعض المحللين أن يصاب الحزب بضربة كبيرة في هذه الحالة، إذ إنّ الأغلبية الساحقة من الديموقراطيين الملتزمين والفاعلين حزبياً يحبون الرئيس ويعتبرونه قدوة لهم وقائداً، وهؤلاء واثقون جداً من ربحهم اليوم. وإذا حصلت هذه الكارثة، فسيلوم الديموقراطيون أوباما، وتحديداً سلوكه السيّئ في المناظرة الأولى. ويمكن أيضاً اعتبار أن فشله في إخراج البلاد كلياً من أزماتها الاقتصادية وتركة بوش الابن الثقيلة قد يسهمان في خسارته. كما يمكن أن يخسر أوباما بسبب قانون الرعاية الصحية، الذي أقرّ العام الماضي ولا يزال يتعرض للهجوم من الجمهوريين، إذ لم يستطع الديموقراطيون تفسيره جيداً لبعض الناخبين المشككين فيه، ولا تزال بعض الولايات تحاول إبطاله.
على الجانب الجمهوري، الوضع مختلف، إذ لا يحظى رومني بمساندة كبيرة بين القاعدة الشعبية الجمهورية المنقسمة حوله، والتي توزع ولاءها على سياسيين كثر، لكنه يحظى بمساندة كبار مسؤولي الحزب. ولذلك فهو إذا خسر اليوم، فسيكون مكسر عصا كل من لا يحبه داخل الحزب. كذلك قد ينحو البعض باللوم على مستشاره ستيورات ستيفنز. لكن لا شك في أنّه يمكن لوم الإعصار «ساندي» على خسارة رومني المحتملة، إذ لم يستطع أن يستغل الأيام التي تلت الكارثة الطبيعية في أي عمل ذي معنى إلا جمع التبرعات وإطلاق التصريحات، فيما كان أوباما يصول ويجول في البلاد ويساعد الناس من موقعه. وفي جميع الأحوال، فإنّ قاعدة الحزب الجمهوري المكوّنة بمعظمها من رجال بيض فوق الأربعين، قد تسهم في خسارة رومني مع تراجع نسب تأييد الحزب بين الأقليات العرقية بسبب مواقف الحزب المتشددة حيال الهجرة في السنوات الماضية.