قد يكون إعصار «ساندي» فعلاً حدد نتيجة الانتخابات الأميركية، بعدما لبست تهمة إلغاء «الوكالة الفدرالية لإدارة الطوارئ» (FEMA)» المرشح الجمهوري ميت رومني، وجعلت الناس يتمسكون بالوكالة أكثر، وخصوصاً بعد الكشف عن حجم الدمار والأضرار الهائلة التي لحقت بالولايات المنكوبة. ودفع ذلك حملة رومني إلى إصدار بيان في وقت متأخر من ليل الأربعاء/ الخميس يقول فيه إنّه يؤمن بأنّ الوكالة «تلعب دوراً أساسياً مع الولايات والسلطات المحلية للاستعداد للكوارث الطبيعية والاستجابة لها. إذا انتخبت رئيساً فسأتأكد من أنّ الوكالة ستحصل على كل التمويل اللازم لإنفاذ مهمتها...».
إذاً، لن يلغي رومني الوكالة، ربما تحت الضغط الشعبي، وجاء تماشياً مع نتائج استطلاع أجرته جريدة «هافنغتون بوست» الإلكترونية ومنظمة «YOUGOV» يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، إذ قال 64 في المئة من المستطلعين إنّهم يفضّلون أن تتولى الحكومة الفدرالية مساعدة الولايات في الكوارث، مقابل 19 في المئة فضّلوا اهتمام الولايات وحدها بالموضوع. وقال 48 في المئة من الجمهوريين المستطلعين إنّهم مع إعطاء الحكومة الفدرالية كل الصلاحيات.
ويجد ميت رومني نفسه معزولاً عمّا يجري، بعد تركيز كلّ وسائل الإعلام على زياة الرئيس الأميركي باراك أوباما لولاية نيوجيرسي وقضائه يوم الأربعاء كله مع حاكمها الجمهوري كريس كريستي متفقداً الأضرار. وربما لذلك نشرت حملته صورة له يتلقى بنفسه التبرعات العينية من مناصريه في ولاية أوهايو (رغم تشديد الصليب الأحمر الأميركي أكثر من مرة على عدم جمع التبرعات العينية لصعوبة توزيعها والتركيز على التبرع بالمال أو الدم). وقد يكون زاد انزعاج رومني بعد رؤيته عناوين الصحف الصادرة أمس، التي تشيد بعلاقة العمل الجيدة بين أوباما وكريستي، إذ ذكرت صحيفة «بوليتيكو» مثلاً عدد المرات التي شكر فيها كريستي أوباما خلال المؤتمر الصحافي المشترك بينهما (ست مرات) وعنونت مقالها «الرئيس أوباما وكريس كريستي: قصة حب بسبب ساندي». أما صحيفة «نيويورك تايمز» فقد خصصت الجزء الأول من مقال «ثنائي سياسي تجمعه الكارثة» في وصف كيف مشى أوباما وكريستي جنباً الى جنب، وكيف وضع الرئيس يده على كتف حاكم نيوجيرسي، غامزة من قناة ميت رومني، إذ رأت أنّ اللقاء بين الرئيس والحاكم شكل ابتعاداً عن «الحملة الانتخابية البشعة»، وذلك من دون أن تنسى التذكير بأنّ كريستي هو من أشرس مناوئي أوباما، لكنّه كان لبقاً جداً، ربما لأجل عيون «ساندي». وعنونت مجلة «ذا أتلانتيك» أحد مقالاتها بـ«أوباما وكريستي ينهيان جولتهما كأفضل الأصدقاء». أما صحيفة «واشنطن بوست»، فإلى جانب صورة الغلاف التي تجمع الرئيس وحاكم نيوجيرسي، فهي نشرت الصورة التي يضع فيها أوباما يده على كتف كريستي تحت عنوان «في خضم الكارثة كريستي وجد صديقاً جديداً: أوباما»، في الصفحات الداخلية. ولا يمكن استبعاد أن يكون كريستي قد تصرف بشكل لائق ولطيف جداً مع أوباما ليظهر كمرشح محتمل لانتخابات 2016، باعتباره قادراً على التعاون مع الحزب الآخر وإعادة إعمار ولايته بعد كارثة كبيرة (هو كان من الأسماء المطروحة في الحزب الجمهوري قبل بدء الانتخابات الحزبية، لكنّه انسحب نهاية 2011).
ويعيش الرئيس أوباما أياماً جيدة في ما يتعلق باستطلاعات الرأي، إذ إن معظمها يصبّ في صالحه، عدا استطلاع واحد لشركة «راسموسن» يضع ميت رومني في المقدمة (49% مقابل 47%). وعاد أوباما أمس الى متابعة حملاته الانتخابية، وتنقل بين أربع ولايات: ويسكونسن، أيوا، نيفادا وكولورادو. ووصل بعد منتصف الليل الى أوهايو التي يتوقع لها أن تكون الولاية التي ستحسم السباق الانتخابي هذا العام، ويصفها بعض المعلقين والمحللين بأنّها «فلوريدا انتخابات 2012». وربما رغب أوباما في زيارة ايوا وويسكونسن لترسيخ تقدمه على رومني، إذ يتقدم منافسه في ايوا بست نقاط (50% مقابل 44%)، وفي ويسكونسن بثلاث (49% مقابل 46%). كذلك فإنّ الرئيس لا يزال يتقدم على رومني في نيوهامبشير بنقطتين (49% مقابل 47%)، وهي من الولايات التي تأثرت فيها شعبيته بعد المناظرات، إذ كان الفرق بداية أيلول سبع نقاط (51% مقابل 44%).
ونشرت حملة أوباما أمس الإعلان الخاص بمساندة كولن باول للرئيس، مشددة على أنّ باول كان جمهورياً كل حياته، وهو لا يساند الرئيس من منطلق عرقي، بل لأنّه مؤمن ببرامجه ومعجب بإنجازاته وقيادته.