بعد تعزيز حزب العدالة والتنمية سيطرته على البرلمان، إثر انتخابات الأحد الماضي، دعا أمس الرئيس التركي والزعيم الفعلي للحزب الحاكم، رجب طيب أردوغان، الأحزاب السياسية إلى العمل على وضع دستور جديد للبلاد، يعزز صلاحيات الرئاسة. وتوعد أردوغان بـ«عدم مهادنة» المتمردين الأكراد، طارحاً أمامهم «خياراً» واحداً فقط: الاستسلام غير المشروط.
وعبّر أردوغان أمس عن «أمله» بأن تجتمع الأحزاب السياسية كافة في تركيا، وتعكف سوياً على إعداد دستور جديد للبلاد، يحل محل دستور عام 1980، الذي وضعه الجيش بعد انقلاب. ورأى أردوغان، الذي يهيمن وحزبه على الساحة السياسية التركية منذ أكثر من عقد، أن «حل مسألة اعتماد دستور جديد كان إحدى أهم رسائل انتخابات 1 تشرين الثاني» الماضي.
وفي وقت سابق من اليوم نفسه، قال الناطق باسم الرئيس التركي، إبراهيم كالين، إنه إذا كانت «الآلية» المطلوبة لتحويل نظام البلاد إلى رئاسي هي إجراء استفتاء شعبي، «فسنجري استفتاءً»، مضيفاً أن تغيير النظام «ليس مسألة تتعلق بالمستقبل الشخصي لرئيسنا. لقد دخل (الأخير) التاريخ بالفعل. الدافع الرئيسي هو أن يكون النظام في تركيا على أعلى درجة من الفاعلية... إننا مقتنعون بأن النظام الرئاسي سيرفع من شأن تركيا».
في المقابل، تتخوف المعارضة من تحقيق أردوغان طموحه لجعل الرئاسة تنفيذيةً، خاصة في ظل تصعيد حكومته لحملات القمع والترهيب ضد المعارضة كافة، وإسكاتها الصحافة غير الموالية بشتى الوسائل. وفي مؤشر على استمرار أنقرة بسياستها التدخلية والتوسعية في المنطقة، قال كالين إن سياسة تركيا الخارجية لن تتغير كثيراً بعد الانتخابات الأخيرة. وفي رسالة طمأنة إلى أوروبا، أشار كالين إلى أن أنقرة ستستمر بـ«سياسة الباب المفتوح» أمام اللاجئين السوريين، سواء أحصلت تركيا على مساعدات من الاتحاد الأوروبي أم لا.
وبعد ثلاثة أيام على الانتخابات التشريعية، حيث جاء فوز «العدالة والتنمية» نتيجة تأليب الرأي العام على حزب الشعوب الديمقراطي وقوى اليسار الراديكالي، والتركيز على فزاعة «الإرهاب»، أعلن أردوغان مواصلة الحملة التي تشنها حكومته على متمردي حزب العمال الكردستاني. «لن يكون هناك مهادنة... العمليات ستتواصل بحزم ضد المنظمة الإرهابية (في إشارة إلى «الكردستاني») في داخل تركيا وخارجها»، قال أردوغان، متعهداً بمواصلة القتال «إلى أن تلقي المنظمة الإرهابية السلاح ويستسلم عناصرها وتغادر البلاد». ومع إصراره على المضي في حرب بدأت أولى فصولها منذ عقود، وتبدو بلا أفق منظور، طلب أردوغان من مواطنيه أن لا يقلقوا إزاء المستقبل، قائلاً لهم إن «غداً يوم أفضل».
وأعلن الجيش التركي أمس مقتل جنديين في اشتباكات مع عناصر «الكردستاني»، وقتل 4 من الأخيرين في عملية عسكرية في ولاية هكاري (جنوب شرق). كذلك أعلن الجيش أن طائراته دمرت 16 هدفاً للحزب المذكور في جنوب شرق تركيا وشمال العراق.
وفي موازاة ذلك، واصلت الشرطة التركية أمس حملتها على «الجهاديين»، فأوقفت 9 أشخاص يُشتبه في انتمائهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية. وبحسب مكتب محافظ غازي عنتاب، فإن هؤلاء كانوا يعدّون لتنفيذ هجوم انتحاري على مكاتب حزب سياسي في اسطنبول لم يحدده، وهجمات على مقر صحيفة «جمهورييت» المعارضة في أنقرة ومكاتبها في إسطنبول. وأوضح المكتب أن «أعضاء التنظيم الإرهابي داعش تلقوا تعليمات من قادتهم في سوريا» لشن هذه الهجمات.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، الأناضول)