مقديشو | في مقر مجلس الشعب في مقديشو، الذي يشهد حالياً عملية لإعادة ترميمه، يلتقي أعضاء مجلسي النواب والشيوخ الصوماليين بعد نحو شهر من الآن، لاختيار رئيس للبلاد في إجراء هو الأول من نوعه بعد 21 عاماً شهدت فيها البلاد صراعاً دموياً عطّل الحياة السياسية والمؤسسات في البلاد. ويتوقع أن يعيّن القبائل ممثليهم في البرلمان الفيدرالي ومجلس الشيوخ الذي سيشكّل أوائل الشهر المقبل، قبل أن يصوّت أعضاء المجلسين لانتخاب الرئيس المقبل لجمهورية الصومال الفيدرالية، وذلك بحضور منظمات دولية وإقليمية لمتابعة هذه العملية.
من جهته، رئيس محافظة «بنادر»، عمدة مقديشو، محمود أحمد نور ترسن، أفاد «الأخبار» بأن العاصمة الصوماليّة تستعد لاستضافة أول انتخابات برلمانية ورئاسية بعد انهيار الحكم المركزي قبل عقدين من الزمان، مذكّراً بأن الانتخابات البرلمانية والرئاسية الانتقالية السابقة أجريت في جيبوتي وكينيا خوفاً من الوضع الأمني المتدهور آنذاك في البلاد، إلا أن أمن العاصمة بدأ يتحسن تحسناً جوهرياً بعد تقدم القوات الحكومية وقوات بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي نحو بلدتي بلعد وأفجوي، المجاورة. وتابع ترسن قائلاً: «مقديشو ستكون المدينة المثالية والعاصمة الأبدية للصومال، ولا يمكن أن تحولها «القاعدة» وأتباعها إلى حمام دم ومدينة مهجورة كي تُنقَل مكانتها إلى بلدة أخرى».
وفي رأي المحلل القانوني أحمد إسحاق، إن المشرعين في مجلس النواب الذي سيتألف من 225 نائباً ومجلس الشيوخ الذي سيتكون من 54 عضواًً، سيصوتون معاً في خلال جلسة جماعية لانتخاب رئيس الجمهورية الذي ستمتد مدة رئاسة حكمه إلى خمس سنوات. وأضاف المحلل في حديثه لـ«الأخبار» أن الانتخابات ستنهي السباق المحموم لمنصب الرئيس الذي يتنافس عليه عدد كبير من المرشحين الذين يقودون تحركات باتجاهات مختلفة، مشيراً الى أن نظام المحاصصة القبلية لاقتسام السلطة والموارد الطبيعية لا يزال محل نقاش ومعركة سياسية بين ثلاث من القبائل الأربع الكبيرة، بينما الأقليات تحارب لإيقاف هذا النظام القبلي.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تصاعدت حدة الوتيرة بين المتصارعين في الحكم، حيث أجرى بعض سلاطين العشائر الصومالية مباحثات واتصالات لتشكيل ائتلافات كبيرة لهم من أجل تحقيق غالبية في مجلسي البرلمان والشيوخ تمكنهم من حيازة منصب رئيس الجمهورية.
وقال الإعلامي في إذاعة «جرووي» سويال إبراهيم، لـ«الأخبار»، إن العاصمة مقديشو تشهد حراكاً سياسياً واسعاً من قبل شخصيات تتنافس في ما بينها على مناصب رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الحكومة. وأضاف أن «الطموحات تتسع والقائمة تبقى مفتوحة بانتظار ما تسفر عنه الانتخابات البرلمانية المقبلة التي يرى المراقبون أنها ستسفر عن تغيير في الخريطة السياسية الصومالية لا يقف عند حد رئاسة الجمهورية، إنما في كافة مفاصل الدولة».
ويرتقب أن يعود الرئيس الانتقالي الحالي شريف شيخ أحمد إلى سدة الحكم، إلا أنه يواجه انتقادات واتهامات من مجموعة الأمم المتحدة للمراقبة بشأن الصومال وإرتيريا. وأكدت المجموعة، في تقريرها لمجلس الأمن الدولي، أن الرئيس الصومالي تلطخت يداه بالفساد ونهب المال العام، ومنح بعض قادة القراصنة جوازات سفر دبلوماسية مع شركائه في الحكم، رئيس البرلمان شريف حسن شيخ آدم، ورئيس الوزراء عبد الولي محمد علي، ورئيس الوزراء السابق محمد عبد الله فرماجو، ورئيس حكومة إقليم «بونت لاند» عبد الرحمن شيخ محمد محمود، ومدير مصلحة الجوازات والهجرة اللواء عبد الله غافو محمود، والسفير الصومالي لدى الإمارات العربية المتحدة عبد القادر شيخي محمد الحاتمي.
وعلى جانب آخر، يتحرك الجيش الصومالي وقوات الشرطة والاستخبارات لتأمين العاصمة ولصدّ العدوان الذي يهدد به تنظيم «القاعدة» وبعض الجماعات المُسلّحة قبل خوض الانتخابات. وعن هذا الوضع تحدث وزير الداخلية والأمن القومي في الحكومة الانتقالية عبد الصمد معلم محمود، لـ«الأخبار»، موضحاً أن الشرطة والاستخبارات ستغلقان خلال الأيام المقبلة شارع مكة المكرمة الذي يربط المطار بالقصر الرئاسي «فيلاصوماليا» ومبنى مجلس الشعب، وستمنعان حركة مرور السيارات المدنية والمواصلات والشاحنات بالأسلاك، حيث ستُفرض إجراءات أمنية مكثفة على السيارات الحكومية لتفتيشها قبل مرورها هذا الشارع الذي يعد أهم الشوارع الرئيسية الستة للعاصمة.
وقال محمود: «ستغلق قواتنا البوابات ومداخل شارع مكة المكرمة لتأمين المقارّ الرئيسية للحكومة لإمكان إجراء الانتخابات الرئاسية على أعلى مستوى دولي لضمان النزاهة التامة، وسيُستعان بمنظمات وهيئات إقليمية ودولية، وسنعتمد منظومات للكشف عن المتفجرات والمفرقعات». وأكد مصدر أمني مسؤول إعلان قوات الجيش والشرطة لحالة التأهب الشديد في أكاديمية مقديشو للشرطة «إسكولا بوليسيا» في حي «حمر ججب» في العاصمة، حيث سيجتمع 825 مبعوثاً من العشائر الصومالية الذين سيمثلون المجلس الوطني التأسيسي للتصديق على مسودة الدستور الجديد الذي صاغه خبراء صوماليون وقانونيون أجانب من الأمم المتحدة في العاصمة الكينية نيروبي.
وحذرت هيئة الاستخبارات القومية الصومالية من نية حركة «الشباب» المرتبطة بتنظيم القاعدة تنفيذ أكثر من عملية انتحارية تستهدف مجمع المجلس التأسيسي مع توقع انعقاد أول جلسة له قبل نهاية الأسبوع الجاري. وقال مدير الاستخبارات العسكرية في محافظة «بنادر» خليف احمد ايريغ، إن أجهزة الاستخبارات أمرت كافة قواتها المدربة في مقديشو برفع اليقظة في المقارّ الحكومية والمواقع العسكرية والأمنية، بما في ذلك نقاط التفتيش لمنع حدوث أي أعمال إرهابية.



أكثر من 25 مرشّحاً


قائمة المرشحين للرئاسة الصومالية تتسع يومياً ليصل العدد الى أكثر من 25 مرشحاً، منهم من هو داخل في العملية السياسية الحالية. ومن أبرز المرشحين الرئيس الانتقالي شريف شيخ أحمد (الصورة)، ورئيس البرلمان الانتقالي شريف حسن شيخ آدم، ورئيس الوزراء الانتقالي عبد الولي محمد علي، ورئيس الوزراء السابق محمد عبد الله محمد فرماجو، ورئيس الوزراء الأسبق علي محمد جيدي، والدبلوماسي المخضرم عبد الله احمد أدو. والى جانب هؤلاء، هناك عسكريون سابقون مثل عبد الرحمن محمد عبد الله باديو، وياسين إبراهيم عيسى، اضافة الى اللواء محمد نور غلال أحد أبرز القادة الميدانيين للجيش الصومالي في الحكومة العسكرية المطاحة سابقاً. كذلك هناك أكاديميون مثل أحمد مؤمن ورفا. وأحمد إسماعيل سمتر. وحسن شيخ محمود وسعيد عيسى محمود لوغولي، وعبد الرحمن محمد عبدي حاشي. ومن أعضاء البرلمان الانتقالي المرشحين، الوزير السابق عبد الرحمن عبد الشكور والوزير السابق، محمد محمود جوليد إعماطيري، وزعيم الحرب السابق محمد قنيري أفرح. وهناك مرشّحون آخرون بينهم رجل الأعمال حاج محمد ياسين المشهور في القرن الأفريقي والسياسي الشاب محمد احمد علي، الرجل المثير للجدل عبد النور احمد درمان.