نواكشوط | في مدينة اكجوجت، مسقط رأس الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، وسط جو مشحون ومأسوي، ودّع أمس الآلاف من الموريتانيين، يتقدمهم زعماء المعارضة من أحزاب ونقابات، عامل شركة النحاس محمد ولد المشظوفي، إلى مثواه الأخير، بعد مقتله الأحد الماضي خلال فك عناصر من الأمن اعتصاماً أقامه عمال مناجم النحاس للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية. وفيما اعتبر الطب الشرعي أن الوفاة طبيعية ولا وجود لأي إصابة في الأعضاء، ندد قادة المركزيات النقابية في مدينة اكجوجت (شمال موريتانيا) بما اعتبروه فبركة الحكومة للتقرير الطبي، قائلين إن طرد الاختصاصي الذي انتدبوه من أجل الإشراف على التشريح مع لجنة التحقيق الطبية يؤكد عمل الجهات الرسمية على تزوير التقرير. وقال الأمين العام لعمال موريتانيا الساموري ولد بي، البلد يعيش فوضى جسيمة تتمثل في نهب ثرواته من قبل الشركات الأجنبية، مشيراً إلى أن تلك الفوضى تشمل تهميش العمال واتخاذهم مطية لكسب الدراهم التي تذهب إلى جيوب زمرة من المفسدين، مندداً باستهدافهم الذي أصبح أمراً عادياً».من جانبه، أكد الأمين العام للكونفدرالية الوطنية للشغيلة، محمد أحمد ولد السالك، خلال مهرجان عمالي في اكجوجت، رفض النقابات لنتيجة التشريح الطبي واعتباره فبركة إعلامية قامت بها السلطات للتغطية على حادث مقتل ولد المشظوفي.
واتهم نائب رئيس حزب اتحاد قوى التقدم اليساري المعارض، عضو البرلمان محمد المصطفى ولد بدر الدين، نظام الرئيس بالتواطؤ مع شركة النحاس، مشيراً إلى أن عمال الشركة المذكورة سبق أن نظموا إضرابات عديدة وتفاوضوا مع إدارتها ووقّعوا معها اتفاقاً مثلت فيه الأطراف الثلاثة (الحكومة والشركة والعمال)، تستجيب الشركة بموجبه للمطالب الاستعجالية للعمال. وأضاف «عندما تلكأت في التزامها، عاد العمال إلى الإضراب من جديد». كما اتهم الحكومة بارتكاب «جريمة» مقتل العامل، «بتسترها على الجناة ودفاعها عن مؤسسة تنهب الثروات في وضح النهار»، متعهداً بمواجهة منسقية أحزاب المعارضة «بكل ما أوتيت»؛ على حد وصفه.
من جانبه، أكد نائب رئيس حزب التواصل الإسلامي المعارض، محمد غلام ولد الحاج الشيخ، أن التشريح «لا يمكن اعتماده لأن قطاع الصحة فاشل وفاسد مثل قطاعي العدالة والإدارة اللذين أصبحا أداة لقهر الشعب وظلمه». وأضاف: «هذا النظام لا يرجى منه إلا القمع وتكريس الاستبداد بواسطة أجهزته المعروفة، والمنسقية لن تسكت عن جريمة قتل ولد المشظوفي».
وكانت أجهزة الأمن الموريتانية قد صدّت مسيرة شبابية نظّمتها منسقية شباب المعارضة (مشعل)، كانت في طريقها إلى مباني وزارة الداخلية، للاحتجاج على «مقتل» العامل المنجمي.