Kony 2012 «كوني ٢٠١٢» هو عنوان الفيلم الذي شاهده أكثر من ٨٠ مليون شخص حول العالم في الأسبوعين الماضيين، حاصداً أكثر من ٦٠ مليون مشاهدة خلال أسبوع واحد ومطلقاً الحملات التأييدية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي شارك فيها نجوم وفنانون وإعلاميون أميركيون وعالميون، مثل أوبرا وينفري وجاستن بيبر وغيرهما... الشريط الإعلاني المصوّر أطلقته مؤسسة Invisible Children الأميركية، يحث مشاهديه خلال ٣٠ دقيقة على المشاركة في الحملة التي تتبنّاها المؤسسة لتوقيف جوزف كوني واسمها StopKony «أوقفوا كوني». لكن الفيلم الذي راكم المشاهدات يوماً بعد يوم، كدّس أيضاً الانتقادات السلبية والاتهامات المباشرة والتشكيك بمطلقيه وتوقيته وأهدافه غير المعلنة، حتى دعا البعض الى إطلاق حملة مضادة عنوانها Stop stopkony «أوقفوا حملة أوقفوا كوني».

كذلك فإن رئيس وزراء أوغندا، أماما مبابازي، ردّ أمس على الشريط ـــــ الحملة من خلال اعتماد «استراتيجية» المؤسسة الأميركية نفسها، فظهر في شريط بثّ على «يوتيوب» وأرسل بعض التغريدات على موقع «تويتر» يقول فيها إن «الشريط يعطي انطباعاً خاطئاً عن بلاده، وإنه فشل في إعطاء المعلومة الأساسية التي بني عليها وهي أن كوني ليس في أوغندا حالياً».
ماذا عن الشريط ـــ الحملة إذاً؟ وماذا يقول منتقدوه؟
أولاً، في الشكل، انتقد البعض الأسلوب الهوليوودي لإخراج الشريط، والتناقض بين أهمية القضية التي تحملها الطبيعة الترويجية للفيلم وتركيزه على الحملة أكثر من الشق الوثائقي الذي يجب أن يكون محور العمل. أما في المضمون، فقد احتجّ بعض الصحافيين والمتابعين على بعض المعلومات الخاطئة التي استند إليها الشريط ليسوّق لحملته، وقد نقلت بعض المواقع استياء الصحافيين الأوغنديين من تلك الأخطاء، ومنها: أن كوني لم يعد موجوداً في أوغندا، بل هو هارب خارجها مع مجموعة من الرجال الذين يصل عددهم الى ٢٠٠ كأقصى حدّ، ويرجح البعض انتشارهم على الحدود بين الكونغو والسودان. صحافيون آخرون لفتوا الى أن «جيش الرب» الذي أنشأه كوني لم يعد فاعلاً في أوغندا منذ عام ٢٠٠٦. وآخرون، انتقدوا تركيز كل الاهتمام على «جيش الرب»، «فيما المشكلتان الأساسيتان في البلاد هما دعارة الأطفال ومرض الإيدز». إحدى المدوّنات الأوغنديات، روزبيل كواغماير، نشرت تعليقها بالصوت والصورة على «يوتيوب»، رداً على الشريط ـــــ الحملة، وقالت: «هو ليس إلا فيلماً آخر حول دخيل غريب يحاول أن يكون بطلاً وينقذ أطفال أفريقيا»، المدونة تضيف «مرّة جديدة يصوّرون أن الولايات المتحدة الأميركية هي القادرة على التعامل مع الأزمة وحلّها، وليس حكومتنا أو المبادرات المحلية على أرض الواقع»، وتردف «المشكلة هي في تصوير الأفريقيين عاجزين كليّاً عن مساعدة أنفسهم ويحتاجون دائماً إلى العون الخارجي». أما الروائي النيجيري ـــــ الأميركي، تيجو كول، فقد نشر انتقاداً لاذعاً على حسابه على «تويتر»، وهو أرجع حملة «أوقفوا كوني» الى ما سمّاه «المجمّع الصناعي للمخلّص الأبيض» ويقول: «المخلّص الأبيض يدعم السياسات العنفية في الصباح، وينشئ الجمعيات الخيرية بعد الظهر، ويكافأ بالجوائز مساءً». ويردف «هؤلاء المنفعلون والغاضبون يهتمون كثيراً بزعيم حرب أفريقي سيّئ. الأجدر بهم أن يهتموا بأكثر من مليون ونصف مليون عراقي ماتوا بسبب حرب قررتها الولايات المتحدة بملء إرادتها». ويضيف «هذا العالم موجود ببساطة لإشباع الحاجات ـــــ وأهمها الحاجات العاطفية ـــــ للبيض ولأوبرا».
جزء من الانتقادات طاول أيضاً المنظمة غير الحكومية نفسها التي أطلقت الحملة، وخصوصاً أن بعض المواقع المتخصصة برصد المنظمات الخيرية تصنّف Invisible Children بدرجة سيّئة في ما يتعلّق بالشفافية. لكن المنظمة أصدرت بياناً رسمياً على موقعها الإلكتروني فنّدت فيه مصاريفها ودافعت عن حملتها وشرحت اهتمامها بالقضية، وخصوصاً العام الماضي عندما ابتكرت آلية لرصد أفعال «جيش الرب» بين أوغندا والسودان والكونغو. المنظمة الأميركية شددت في بيانها على أن هدفها الأساسي هو «توقيف كوني ومحاكمته أمام محكمة الجنايات الدولية كمجرم حرب بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية».
الفيلم الحملة أعاد أيضاً طرح إشكاليتين أساسيتين، وهما «هل بات بإمكاننا حلّ قضية من دون مغادرة الكنبة التي نجلس عليها؟» و«ما مدى نجاح الحشد الإلكتروني في إنهاء أزمة ما؟».