ماذا سيحصل بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران؟ ما تأثير ذلك على العلاقات الإسرائيلية ــ الأميركية؟ هل يجب على الولايات المتحدة أن تحاول ثني إسرائيل عن مهاجمة إيران؟ هل يمكن لإسرائيل أن تثق بالولايات المتحدة في المسألة الإيرانية؟ عن أي نافذة دبلوماسية يتحدثون؟ ما هي نوايا إيران؟ ماذا عن الرؤوس النووية الاسرائيلية؟ صحافيون وباحثون موالون لإسرائيل وآخرون مؤيدون لأوباما ومحافظون ويساريون، سألوا عن كل تلك الأمور وحاولوا تقديم إجابات منطقية.

1ــ ماذا سيحصل بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران؟

سؤال طرحه إيهود آيران في مجلة «فورين أفيرز». المسؤول الاسرائيلي السابق، الباحث في جامعة «هارفرد»، يرى أنه يجب التركيز على تداعيات الضربة الاسرائيلية أي يجب السؤال عن «اليوم التالي». آيران يشير الى أن هناك مجموعة صغيرة من النخبة في الحكومة الاسرائيلية تبحث في هذا الأمر وراء الأبواب المغلقة. ويقول إن هؤلاء يفكرون بالدرجة الأولى بكيفية التصدي العسكري الفوري لأي هجوم إيراني مضاد. لكن، حسب الباحث، يغفل هؤلاء عن بعض الحسابات الطويلة الامد مثل: جهوزية الجبهة الداخلية في إسرائيل، معالم استراتيجية الخروج، التأثير على العلاقات الإسرائيلية ــ الأميركية، التداعيات الدبلوماسية الدولية، استقرار أسواق النفط العالمية، والنتائج داخل إيران ذاتها. آيران ينقل عن مسؤول الاستخبارات العسكرية السابق إفراييم كام تصوّره بأن إيران ستردّ بطريقتين: إما بإطلاق الصواريخ على إسرائيل مباشرة أو عبر حزب الله وحماس، وإما بتنفيذ هجمات إرهابية ضد أهداف إسرائيلية في الخارج. الباحث ينقل عن عدد من الخبراء الاسرائيليين قولهم إنه «بغض النظر عن نشوب حرب مع إيران، من المتوقع جداً حدوث معركة طويلة مع حزب الله. لذا فإن الحرب مع إيران سيكون من شأنها تسريع المحتوم فقط، ومن المفضل القيام بالأمر قبل امتلاك إيران السلاح النووي». وفي ما يتعلق بتنفيذ إيران أو وسطائها هجمات على أهداف إسرائيلية أو يهودية في الخارج، يقلل الخبراء من القدرة الايرانية على النجاح بذلك حالياً ويصفونها بـ«المحدودة». لكن، مقابل هذه الطروحات المتفائلة لصالح إسرائيل، يذكّر آيران ببعض نقاط الضعف التي تشوب وضع إسرائيل الحالي مثل: «عدم جهوزية الجبهة الداخلية من حيث تأمين الحماية للمواطنين من أي هجوم صاروخي. وعدم حسم استراتيجية نهائية للخروج من المعركة، تماماً كما حصل في غزو لبنان عام ١٩٨٢ عندما امتدت الحرب الى ١٨ شهراً بدل انهائها بيومين، وكما تكرر أيضاً في حرب تموز ٢٠٠٦ عندما استمرت المعارك بشكل غير متوقع على مدى ٣٣ يوماً وانتهت بطريقة ملتبسة».
الكاتب يلفت أيضاً الى تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة واضطراب أسواق النفط العالمية، وإفشال المساعي الدبلوماسية لمحاصرة إيران وخنق النظام... بعد تنفيذ الهجوم.

2 ــ ما تأثير الهجوم على العلاقات الاسرائيلية ــ الأميركية؟

السؤال لروبرت دابليو ماري في مجلة «ذي ناشيونال إنترست». الكاتب يرى أن «إيران لن تواجه الهجوم الاسرائيلي بطريقة هادئة. بل ستسعى إلى إغلاق مضيق هرمز الذي سيؤثر على سوق النفط العالمي وعلى الولايات المتحدة خصوصاً، كما ستزرع الفوضى في مختلف أرجاء الشرق الاوسط وتحاول استغلال الاحداث لتقوية موقعها الجيوسياسي في المنطقة. ما سيولد أزمة اقتصادية كبيرة وارتفاعاً في أسعار النفط، الأمر الذي سيستدعي تدخلاً أميركياً عسكرياً قوياً جواً وبحراً وبرّاً. أميركا ستجد نفسها اذاً غارقة في أزمة مالية كبرى وتخوض حرباً غير محدودة الأفق. فهل يبدو من المنطقي أن نسأل عن حال العلاقات الاسرائيلية ــ الاميركية في ظل تلك النتائج الكارثية التي ستواجهها الولايات المتحدة إن جرّتها إسرائيل الى حرب لا تريد خوضها؟ يسأل الكاتب، ويحوّل إجابته الى النقاش القديم ـ الجديد حول ما اذا كانت المصالح الاميركية والاسرائيلية هي فعلاً متباعدة بشكل جوهري.

3 ــ هل يجب على الولايات المتحدة أن تحاول ثني إسرائيل عن مهاجمة إيران؟

السؤال الثالث تنقله مؤسسة «راند» الاميركية، ويجيب عنه مسؤول الامن الدولي فيها، النائب سابق لوزير الخارجية الاميركية، جايمس دوبينز. ويقول إن «إسرائيل لا تنذر عادة أعداءها قبل أن تشنّ هجومها عليهم، وما تقوم به أخيراً من إطلاق التهديدات ليس موجها الى طهران بل الى واشنطن». دوبينز يرى أنه حسب كلام أوباما الأخير، فإن نقطة الخلاف الوحيدة بين إسرائيل وبلاده لا تدور حول «إمكانية قصف إيران» بل حول «متى تنفيذ الهجوم؟». المحلل يخلص الى القول إنه «من المهم بالنسبة للحكومة الاسرائيلية في اتخاذ قرار ضرب إيران، أن تشعر بالثقة بأن واشنطن ستعتبر نفسها ملزمة بمساعدة إسرائيل في مواجهة تداعيات قرار الهجوم».

4 ــ هل يمكن لإسرائيل أن تثق بالولايات المتحدة في المسألة الايرانية؟

هكذا سأل يوسي كلين هاليفي في مجلة «ذي نيو ريبابليك»، وجوابه كان واضحاً: «حتى الاسابيع القليلة الماضية لا ثقة». هاليفي يعود في مقاله الى حرب عام ١٩٦٧، ويذكّر بموقف الرئيس الاميركي حينها ليندون جونسون، الذي لم يدعم الحرب الاسرائيلية على مصر، لانشغاله بجبهة فييتنام. الكاتب، يقول «حتى لو كان أوباما رئيساً داعماً فعلياً لإسرائيل فإن تجربة جونسون تؤكد أن ذلك ليس مهماً حقاً. وكما جونسون، أوباما يرأس اليوم دولة لا تريد خوض حرب جديدة في الشرق الاوسط». وفيما ينتقد الكاتب لهجة الادارة الاميركية الضبابية وغير الداعمة للمواقف الاسرائيلية تجاه إيران، يستنتج أن «مسألة الثقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل هي ليست استراتيجية فقط بل هي أخلاقية. فمن مسؤولية إسرائيل الاخلاقية ألّا تفاجئ أقرب صديق لها بأي خطوة قد تؤثر جوهرياً عليه. ومن مسؤولية الولايات المتحدة الاخلاقية عدم الضغط على أقرب حليف لها في الشرق الاوسط للتفريط بحقه بالدفاع عن
نفسه».

5 ــ عن أي نافذة دبلوماسية يتحدثون؟

جوناثان توبين في «ذي كومنتري» طرح هذا السؤال، مستهجناً كلام أوباما الأخير عن «وجود نافذة تسمح بحل دبلوماسي للأزمة». توبين يقول إن «البديل عن الدبلوماسية هو أمر غير مرغوب من قبل الطرفين، لكن على أي أساس لا تزال الادارة الاميركية تعوّل على تلك النافذة؟». الكاتب يقر بفشل كل الطرق الدبلوماسية التي اعتمدت مع إيران منذ عهد جورج دبليو بوش، ويستنتج غاضباً وشاتماً أوباما «إن كلامه عن الدبلوماسية سيدعم فكرة الايرانيين بأنه يمكنهم استكمال اللعب على المفاوضات وكسب الوقت والتلاعب به كأبله ومغفل».

6ــ ما هي نوايا إيران؟

استشهد نعوم تشومسكي على موقع «زي نت» بما قدمته الاستخبارات العسكرية الاميركية الى الكونغرس حول إيران، ومفاده أن الأخيرة لا تشكل تهديداً عسكرياً حقيقياً. فحسب هؤلاء، إيران ليست قادرة فعلياً على نشر جنودها بشكل كبير وعقيدتها الاستراتيجية هي عقيدة دفاعية تسعى إلى منع أي غزو لمدة كافية من أجل العودة الى الدبلوماسية. ويضيف تشومسكي «اذا كانت إيران تطور سلاحاً نووياً ـ وهذا ما لم يثبت بعد ـ فهذا يدخل ضمن استراتيجيتها الدفاعية تلك».



النووي الإسرائيلي

السؤال السابع تجرّأ على طرحه جون كاسيدي في مجلة «ذي نيويوركر» وهو: ماذا عن الرؤوس النووية الإسرائيلية؟
كاسيدي أشار الى تقديرات استخبارية أميركية سابقة تؤكد امتلاك إسرائيل بين ٦٠ و٨٠ رأس حرب نووياً، فيما تظهر تقارير حديثة أن العدد بات يتخطى الـ٢٠٠. الصحافي يلفت الى التكتم الشديد الذي تعتمده الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة حول السلاح النووي الإسرائيلي، ويذكّر بقيام المسؤولين بملاحقة ومضايقة كل من يدلي بأي معلومة حول الموضوع، مثل ما حصل مع موردخاي فانونو، آفنر كوهين، واسحق ياعكوف. كاسيدي ينهي مقاله بتوجيه دعوة الى واشنطن قائلاً: «في الوقت الذي يقوم فيه اللوبي الإسرائيلي بالتعاون مع المرشحين الجمهوريين، بالضغط على الولايات المتحدة لدعم سياسة نتنياهو المتطرفة حول إيران، فربما قد حان الوقت لإعادة النظر في الاتفاق (الاسرائيلي ـ الاميركي) القائم». ويردف «يجب على واشنطن أن تعترف علناً بأن إسرائيل هي قوة نووية علّها تنجح بإبعاد تهمة اعتماد المعايير المزدوجة في سياستها».