أطلقت طهران أمس، بالتزامن مع استئناف مفاوضات جنيف -3 بينها وبين القوى الكبرى، مواقف متشددة في الموضوع النووي، كان أبرزها على لسان المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي قال إن بلاده لن تتراجع «قيد أنملة» عن حقوقها النووية، وإن هناك حدوداً لن يتخطاها فريق المفاوضات الإيراني مع مجموعة «5+1». وأفادت مصادر ديبلوماسية بأن الاجتماع الموسع بين إيران ومجموعة «5+1» بشأن البرنامج النووي الإيراني انتهى بعد أقل من عشر دقائق على بدئه أمس في مقر الأمم المتحدة في جنيف، موضحة أن المباحثات أمس «كانت عبارة عن جلسة تقديم سريعة، وعقدت بعدها اجتماعات ثنائية».
وكانت وكالة «فارس» الإيرانية قد نقلت عن رئيس وفد المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي، قوله قبل بدء الاجتماع: «سنبدأ بعد ظهر اليوم (أمس) المباحثات بشأن المسار التفاوضي، وإذا حصلنا على نتيجة مرضية فإن المفاوضات ستبدأ على الأرجح غداً (اليوم) بشأن النص... يجب استعادة الثقة المفقودة».
وكان عراقجي يشير بذلك إلى التعديلات التي أُدخلت على نص الاتفاق بناءً على طلب فرنسا في التاسع من تشرين الثاني الماضي. وانتهى الاجتماع يومها من دون التوصل إلى اتفاق.
وفي بداية الجولة الثالثة من المفاوضات بين إيران ومجموعة الست التي تضم كلاً من الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، في جنيف، التقى وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف، مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، حيث وصف المحادثات معها بأنها كانت جيدة. وقال: «تقرر أن نعقد جلسة قصيرة في الساعة السادسة مساءً، وبعد ذلك تبدأ المحادثات الثنائية، ومن ثم نتحدث نشارك أنا وآشتون بمعية وفدي إيران والاتحاد الأوروبي»، مشيراً إلى أنه لا يوجد في الجولة الحالية من المفاوضات نص جديد بشأن الاتفاق.
وفي طهران، أعلن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية أمام عشرات الآلاف من المتطوعين في ميليشيا «الباسيج» أنه يقدم دعمه الكامل للمفاوضين الإيرانيين، لكنه شدد في الوقت نفسه على ضمان حقوق بلاده النووية. وأضاف: «إنها مهمة شاقة، وهم يحتاجون إلى الدعم والمساندة، وأنا ساعدتهم وساندتهم (الحكومة ومسؤوليها). هذا جزء مهم من الاتفاق، وهذا واضح جداً. لكن الجزء الآخر من الاتفاق هو أنني أصر على الحفاظ على حقوق الأمة الإيرانية، بما في ذلك حقوقها النووية». وكرر مواقف طهران السابقة بقوله: «نؤكد أننا لن نتراجع قيد أنملة عن حقوقنا».
لكن خامنئي تابع قائلاً: «لا نتدخل في تفاصيل هذه المحادثات. هناك خطوط حمراء وحدود معينة يجب مراعاتها. وجهت إليهم تعليمات بالتزام هذه الحدود».
وبحضور نحو 50 ألفاً من قوات «الباسيج»، أكد خامنئي «أن النظام الإسلامي ليس لديه أي عداء مع الشعب الأميركي، رغم أن الإدارة الأميركية تمارس الغطرسة والعداء والحقد إزاء الشعب الإيراني والنظام الإسلامي».
وأكد المرشد الأعلى الإيراني أن «أسس النظام الصهيوني ضعفت كثيراً، وهو آيل إلى الزوال».
موقف دفع المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، نجاة فالو بلقاسم، إلى وصفه بأن من شأنه «تعقيد المفاوضات» في جنيف.
من جهته، أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في اتصال هاتفي أوردت مضمونه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا) أمس، أن إيران «ستدافع بحزم عن حقوقها النووية» وسترفض «أي تمييز» في هذا المجال.
وقال روحاني لكاميرون: «كما أن إيران مصممة على أن تكون أنشطتها النووية سلمية، فهي ستدافع بحزم عن حقوقها النووية. لن نقبل أي تمييز في هذا المجال». وأجرى روحاني أيضاً اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، مؤكداً له أن إيران «تريد اتفاقاً يصون حقوقها وتظهر عبره أن برنامجها النووي سلمي بحت».
وطلب من الصين «التحرك ضد مطالب بعض الدول المبالغ فيها» في إشارة إلى فرنسا.
وخلال حضوره جلسة مجلس الوزراء في طهران أمس، أكد روحاني قائلاً: «إننا قلنا إنه من أجل التفاوض يجب أن يكون المنطق والعقلانية على طاولة المفاوضات، وإن خيار التهديد والبارود لا يمكنه أن يؤثر على المفاوضات».
في السياق، شدد رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، من جهته أيضاً أمام النواب على تصميم إيران على الدفاع عن كامل «حقوقها النووية» من دون أي تراجع.
وفي السياق، حضّ الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، إيران على «أن تقدم إجابات، لا عدداً معيناً من التصريحات المستفزة» في ما يتعلق ببرنامجها النووي، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد محادثات في موسكو مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «يحدوني الأمل إلى أن تفضي المحادثات التي استؤنفت اليوم (أمس) في جنيف إلى نتيجة».
وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية، إنه سيكون من «الصعب جداً» إن لم يكن مستحيلاً التوصل إلى اتفاق نووي مبدئي مع إيران في المحادثات الجارية في جنيف هذا الأسبوع.
وقال المسؤول أيضاً إن الغالبية العظمى من العقوبات المفروضة على إيران ستبقى نافذة بعد أي اتفاق أولي لوضع حدود لبرنامجها النووي المثير للخلاف وإن واشنطن ستنفذها «بقوة».
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما، قد قال لمجلس إدارة صحيفة «وول ستريت جورنال»: «لا نعرف إن كان بوسعنا إبرام اتفاق مع إيران هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل».
وأشار إلى أن أي اتفاق مقترح يجب أن يحظى بقبول حلفاء أميركا المتشككين مثل إسرائيل. وقال أوباما إن الاتفاق مع إيران الآن من شأنه شراء بعض الوقت لمعرفة ما إذا كان العالم سيكون قادراً على أن يقول بوضوح إن إيران لا تصنع سلاحاً نووياً.
وذكر أن هذا الاتفاق المقترح سيسمح برفع محدود للعقوبات الاقتصادية المفروضة على طهران والإفراج عن نسبة صغيرة من الأصول الإيرانية.
(أ ف ب، رويترز، فارس، إرنا، مهر)