في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في مقر الرئاسة في رام الله، أمس، رأى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن السلام العادل وإنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 67، وإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، هي الضمان الأكيد للأمن والاستقرار الذي سينعكس على المنطقة. وشكر عباس الرئيس الفرنسي وفرنسا، حكومة وشعباً، وقال «إن هذا المشهد الذي رأيتموه الآن هو جزء بسيط من الدعم المجدي الذي تقدمه فرنسا، حكومة وشعباً، لشعبنا»، حيث تم توقيع عدة اتفاقيات تعاون بين الجانبين. وتابع عباس «يسعدنا ويشرّفنا استقبال فخامتكم والوفد المرافق في هذه الزيارة التاريخية لتعزيز أواصر الصداقة والمودة، فنحن لا ننسى مواقف فرنسا، في إطار متناغم مع الاتحاد الأوروبي، لإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس تعيش بأمن وسلام بجانب إسرائيل»، مؤكداً أنه بحث مع ضيفه تطورات عملية السلام في الشرق الأوسط والعراقيل وما يحدث في المنطقة وأثرها على الأمن والسلم العالميين، إضافة إلى التهديدات التي تقوّض وتجهض عملية السلام، وما يمارسه المستوطنون من عدوانية وتخريب وحرق واعتداءات على المقدسات ودور العبادة واحتجاز الأسرى.
كذلك أشاد أبو مازن بجهود الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير خارجيته جون كيري وأطراف الرباعية الدولية الذين أكدوا أن الاستيطان غير شرعي. وأشاد أيضاً بالقرار الأوروبي حول المستوطنات، الذي من شأنه دفع الحكومة الإسرائيلية إلى التفكير بسياساتها الاستيطانية. وقال «نحن نطالب بمقاطعة منتجات المستوطنات ولا نطالب بمقاطعة إسرائيل».
من جانبه، طالب هولاند إسرائيل بوقف «كامل ونهائي» للنشاطات الاستيطانية التي تعرقل التوصل إلى حل الدولتين، مؤكداً رفض فرنسا للاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، ومعتبراً أن إقامة الدولة الفلسطينية هي الضمانة الفضلى لأمن الإسرائيليين.
وأضاف هولاند: «إن أفضل أمن لإسرائيل هو دولة فلسطينية ديموقراطية قابلة للحياة، وهذا ما تحدّث عنه كل الرؤساء الفرنسيين الذين سبقوني، وهو ما أكده الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران أمام الكنيست الإسرائيلي، وهذا ما أؤكده الآن، وهناك عملية سلام جارية لحل النزاع القائم منذ عقود، والعودة إلى المفاوضات للوصول إلى حل سلمي، واتفاقات تتناول كافة المواضيع ونحن نثق بالطرفين للوصول إلى حل، وهو ما قمتم به أنتم أيضاً يا سيادة الرئيس من خلال البوادر التي طرحتموها للوصول إلى اتفاق».
وتابع: «نحن نقول إن الحل هو الوصول إلى السلام بقيام دولتين لشعبين يعيشان جنباً إلى جنب بسلام، وأن تكون القدس عاصمة للدولتين، وأن تكون الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، مع إمكانية تبادل أراض، وإيجاد آلية دولية للتعويض، وهذا ما يجب الذهاب فيه إلى النهاية في طريق السلام»، مؤكداً أن «ما أحاول فعله في فلسطين وإسرائيل هو أن أكون مفيداً وليس فقط أن أتحدث عن المبادئ، أن أكون مفيداً للسلام وللتنمية الاقتصادية ومفيداً لفرنسا. صحيح أن هناك توقعات تجاه فرنسا وتوقعات بتحرك من قبلها، ولكن المسألة في أن نعمل من أجل السلام، وإذا خرجنا بتقارب في المواقف فهذا جيد جداً».
كذلك شهد الاجتماع بين الطرفين توقيع خمس اتفاقيات دعم وتعاون في مجالات الطاقة في فلسطين، والحكم المحلي، وإنشاء مدارس، والنقل، والتخطيط.
وفي كلمته أمام الكنيست مساء أمس، كرر هولاند موقفه من الاستيطان ولو بلهجة مخففة. وقال بحضور نتنياهو «يجب أن يتوقف الاستيطان، لأنه يقوّض حل الدولتين». كذلك دعا عباس إلى بذل مزيد من «الجهود» والتحلي بـ«الواقعية في جميع المواضيع».
وقال هولاند إن «موقف فرنسا معروف. تسوية عن طريق التفاوض تتيح لدولتي إسرائيل وفلسطين التعايش بسلام وأمن، مع القدس عاصمة للدولتين».
كذلك لم يغب الملف الإيراني عن كلمة هولاند أمام الكنيست لليوم الثاني على التوالي. وقال إن «فرنسا لن تسمح لإيران بالتزود بالسلاح النووي»، مضيفاً «أؤكد هنا أننا سنبقي العقوبات ما لم نتأكد من تخلي إيران النهائي عن برنامجها العسكري».
أما نتنياهو فاستغل فرصة وجود هولاند في الكنيست لتوجيه دعوة الى عباس لزيارة البرلمان الاسرائيلي «للاعتراف بالرابط بين الشعب اليهودي وأرض إسرائيل».
وقال نتنياهو مخاطباً عباس «تعال إلى الكنيست الإسرائيلي وسآتي أنا إلى رام الله. اصعد إلى هذه المنصة واعترف بالحقيقة التاريخية: لدى اليهود رابط عمره نحو أربعة آلاف عام مع أرض إسرائيل».
(الأخبار، أ ف ب)