أصبحت الصحافة في تركيا في ظل حكم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان مهنة محفوفة بالمخاطر، إذ إن عشرات المراسلين وكتّاب الافتتاحيات أو الأخبار فقدوا وظائفهم. باتوا ضحايا قمع الحركة الاحتجاجية المناهضة للحكومة التي هزّت البلاد منذ نهاية تموز الماضي. تترافق هذه الحملات مع استمرار حزب العدالة والتنمية الحاكم في قص أجنحة العسكر، حيث أيّدت محكمة الاستئناف أمس إدانة ثلاثة عسكريين متقاعدين بالتخطيط لمؤامرة لإطاحة الحكومة منذ عشر سنوات. وفي ما يتعلق بالتضييق على الصحف، روى الصحافي علي أكبر ارترك لـ«فرانس برس» أن صحيفة «أقسام» صرفته الشهر الماضي من العمل لأنه عبّر عن دعمه للمتظاهرين. وقال مسؤول نقابة الصحافيين الأتراك ارجان ايبكجي «إن الوضع من سيّئ الى أسوأ. إن الخوف بات سيد الموقف في العديد من وسائل الاعلام». وأضاف أن 85 صحافياً على الأقل يُعتَبرون مناهضين للسلطة صُرِفوا من العمل أو دُفِعوا الى الاستقالة، منذ التظاهرات التي انطلقت من حديقة غيزي في اسطنبول في 31 ايار.
ولم ينج منها أصحاب الاقلام المعروفون. فقد طُرد جان دوندار (52 عاماً) هذا الصيف من صحيفة «ملييت»، حيث كان يعمل منذ عام 2001. وبحسب هذا الصحافي المشهور، فإن انتهاكات حرية الصحافة أرجعت بلاده الى «الأوقات الحالكة لطغيان العسكر».
لكن الحكومة التي استُجوِبت مرات عدة حول مصير الصحافيين، تنفي ممارسة أي أنواع الضغط على وسائل الإعلام التي أظهرت بعض التعاطف مع المحتجين في حزيران. إلاّ أن الأمثلة عن عملية التخويف لا تنقص. فإسماعيل سايماز، الذي يعمل لصحيفة «راديكال» الليبرالية، تعرض لتهديد من قبل حاكم محلي لأنه أجرى تحقيقاًَ حول ظروف مقتل شاب متظاهر في التاسعة عشرة من العمر ونشر سلسلة مقالات تشير الى إهمال الشرطة.
وكتب محافظ اسكيشهير (غرب) عظيم تونا، في رسالة إلكترونية، «إن واصلتَ العمل على هذا الموضوع وكتابة تعليقات فأنت سافل وغير جدير بالاحترام».
وقال إسماعيل سايماز «أعمل تحت الضغط منذ 2009 وقدمت نحو عشرين شكوى ضدي، (لكنها) المرة الاولى التي أتلقى فيها مثل هذه الرسالة الالكترونية من طرف محافظ أرسلت من عنوانه الخاص. إنه أمر مثير للدهشة والسخرية».
والتهديد لا يصدر حصراً عن السلطات السياسية، بل أيضاً عن أصحاب وسائل الإعلام التي معظمها كناية عن تكتلات صناعية يرتهن رقم أعمالها في الغالب بشكل وثيق بالأسواق العامة.
وأكبر مجموعة إعلامية تركية «دوغان» تخلصت من صحيفة «ملييت» بعد أن فرضت الحكومة عليها تصحيحاً ضرائبياً قياسياً في 2009.
وخلال الحراك الاحتجاجي، سخر متظاهرون عديدون من وسائل الإعلام التركية المتهمة بنظرهم بالتقليل عمداً من أهميته، كحالة شبكة التلفزة الاخبارية «سي ان ان تورك» التي فضلت أن تبث في 31 أيار فيلماً وثائقياً عن طائر البطريق بدلاً من بث مباشر للصدامات في ساحة تقسيم. ويقرّ نائب الرئيس الفخري لرابطة الصحافيين الأوروبيين، التركي دوغان تيليتش، بأن الوضع الكارثي للصحافة في تركيا الذي وصفته المنظمات الدولية «صحيح مئة في المئة».
من جهة أخرى، أيّدت محكمة الاستئناف التركية أمس إدانة ثلاثة عسكريين متقاعدين بالتخطيط لمؤامرة لإطاحة الحكومة منذ عشر سنوات، بينما نقضت إدانة عشرات آخرين من المتهمين من بين أكثر من 300 عسكري صدرت عليهم أحكام في أيلول الماضي في قضية التآمر التي شملت التخطيط لتفجير مساجد في اسطنبول لتمهيد الطريق أمام انقلاب عسكري. وأيدت محكمة الاستئناف حكم السجن 20 عاماً على كل من المتهم الأول القائد السابق للجيش الأول، أجتين دوغان، والقائد السابق لسلاح الجو إبراهيم فرتينا، والأميرال المتقاعد أوزدن أورنيك. ومن بين الشخصيات الأخرى البارزة التي أيدت محكمة الاستئناف الأحكام الصادرة عليهم الجنرال المتقاعد انجين الآن الذي انتخب الى البرلمان عام 2011 والجنرال المتقاعد بلجين بالانلي الذي كان مرشحاً قبل اعتقاله ليصبح قائداً للسلاح الجوي.
(أ ف ب، رويترز)
2 تعليق
التعليقات
-
التدقيق الواجبالسيّد سامي حاجي، أعتقد أنّه من حقّنا (إن لم يكن من واجبنا) نحن غيرَ المنتسبين للتنظيم العالميّ أن نطالبك بأدلّة ووقائع تثبت الكلام الّذي تدّعيه من مثل: "فرفعت القضايا ضدّ كلّ من تجرّأ على نقد السلطة الحاكمة من الصحافيين و الإعلاميّين ، و حوكم أصحاب الرأي من أجل آرائهم"، وذلك حتّى لا يظلّ الكلام يلقى على عواهنه! وهل لي أن أسأل عن رؤيتك لحرّيّة الرأي والتعبير "الشاسعة" الآن في مصر مثلا؟!!
-
تدجين الإعلام و امبراطوريّة القطيع و أنا أقرأ هذا الخبر عن ديمقراطية أردوغان الزائفة و دكتاتوريّته الناصعة ، ارتسم أمامي الواقعان التونسيّ و المصريّ . فعقب الثّورتين التونسية و المصريّة التين نادتا بالحرية و الديمقراطية و قدمتا الشهداء فداء لذلك ، صعد إلى الحكم الفرعين التونسي و المصريّ من التنظيم العالمي و طبّقا نفس سياسة الفرع التركيّ تجاه حرّية الرّأي و التعبير . فرفعت القضايا ضدّ كلّ من تجرّأ على نقد السلطة الحاكمة من الصحافيين و الإعلاميين ، و حوكم أصحاب الرّأي من أجل آرائهم و انضافت إلى اضطهاد أجهزة السلطة الرّسميّة فتاوى تكفيرهم و تحليل دمائهم من أذرعها "الدّعويّة " و حلفائها المخفيّين من المتزمّتين و المتعصّبين . وقع الإعلاميّون في البلدين بين مطرقة الحاكم و سندان هذه الحركات ، و وجدوا أنفسهم محاصرين بالسّجن أو القتل أو الإخراج من الملّة .. و الحقيقة أنّ هذه السّياسة ليست غريبة عن البرنامج العامّ للتنظيم العالمي الذي يريد محو الفوارق و الاختلافات و تكوين امبراطوريّة " التوائم المتشابهين " ، امبراطوريّة القطيع الذي يقاد و لا يقود ، القطيع الذي يؤمر فيسمع و يطيع . و هذا المشروع لا يمكن تحقيقه إلاّ بتدجين الإعلام و إخضاع رجاله للسلطة و لتوجيهات المرشد العامّ ... فبئس المشروع و بئس الأفعال المشينة .