ما كانت تتخوف منه اسرائيل، منذ انتخاب حسن روحاني رئيساً لإيران، بدأ بالتحقق مع بروز مؤشرات على تمكن الدبلوماسية الإيرانية من كسر حصرية التفاوض مع دول «5+1». فمع اقتراب موعد استئناف المفاوضات الإيرانية مع الغرب، نجح الطرف الإيراني في كسر حصرية الاتصالات مع الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن، الى جانب المانيا، «5+1»، عبر انتزاع موافقة أوروبية على عقد لقاء بين وزير الخارجية الايراني جواد ظريف مع سفراء الاتحاد الاوروبي لدى الامم المتحدة، قبل اسبوع واحد من وصول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الى مقر الامم المتحدة لإلقاء كلمة عن البرنامج النووي الايراني.
النجاح الايراني رفع مستوى القلق الاسرائيلي من استغلال طهران للزخم الايجابي الذي واكب انتخاب روحاني عبر اتباع استراتيجية جديدة، مقرونة بفقدان المبادرة لدى الطرف الغربي، تهدف الى التفكيك بين الدول الغربية، والتوصل الى اتفاق جزئي مقابل تخفيف العقوبات الاقتصادية.
وفي هذا المجال رأت صحيفة «معاريف»، أن الحملة الإعلامية السياسية التي تستعد طهران للقيام بها في نيويورك، واللقاء الايراني الاوروبي سيكون مضراً بمساعي نتنياهو الذي كان يريد استغلال الحدث الأممي من اجل توجيه رسالة الى العالم مفادها أنه ينبغي عدم البناء على التصريحات التي تبدو معتدلة، للرئيس روحاني، ومن الممنوع الافتتان بصفقة تؤدي الى تخفيف العقوبات على ايران.
الواضح حتى الآن، ان الاستراتيجية الإيرانية الجديدة في التفاوض، انتجت شكوكاً لدى الطرف الأوروبي والاسرائيلي تجاه خلفيات الموقف الأميركي الذي قد يبني مسارات جانبية مع طهران. مسارات قد تأتي على حساب حلفائها الآخرين، وهو ما عكسته «معاريف» التي اكدت ان المصلحة الاوروبية في عقد اللقاء على مستوى السفراء مع الطرف الايراني، لا ترتبط بالآمال الجديدة التي اثارها انتخاب روحاني، بل تنبع أساساً من خشيتهم من ان تكون الولايات المتحدة وايران تؤسسان بينهما قناة ثنائية للمحادثات المباشرة، التي ستقود الى تفكيك مجموعة «5+1». وفي حال حصول ذلك، فإن كلاً من بريطانيا وفرنسا والمانيا، ستُدفَع الى الزاوية. انطلاقاً من المخاوف نفسها، سمع مسؤولون إسرائيليون رفيعو المستوى من نظرائهم الأوروبيين تحذيرات من موقف الادارة الاميركية التي قد توافق على اقتراح إيراني جزئي للرقابة على المنشآت النووية، في مقابل تخفيف العقوبات، التي تشكل أحد الانجازات النوعية للدبلوماسية الاسرائيلية.
في سياق متصل، رجّح المبعوث الأميركي السابق للشرق الاوسط دنيس روس، في مقالة نشرتها «واشنطن بوست» ونقلتها «معاريف»، ان يدفع الغاء الضربة العسكرية ضد سوريا، اسرائيل، الى القيام بعمل عسكري ضد ايران، معتبراً ان ذلك يعود لسببين: الأول، انه في اللحظة التي سيتضح فيها ان الولايات المتحدة غير قادرة على استخدام القوة ضد سوريا، سيضعف موقف الرئيس الايراني، الذي ما انفك منذ صعوده الى سدة الحكم يُرسل اشارات عن رغبته بالتوصل إلى صفقة تتعلق بالملف النووي لبلاده. ونتيجة ذلك، يصبح بإمكان صقور الحرس الثوري والدائرة المحيطة بالزعيم الروحي الايراني علي خامنئي، الادعاء أن مواصلة ايران السعي إلى امتلاك السلاح النووي لن تجعلها تدفع ثمناً عسكرياً لامتلاكها، وان ذلك سيقتصر على عقوبات اقتصادية، وهو ما سيعزز موقعها في المنطقة ويزيد قوتها على الردع، فيما سيرى العالم ان العقوبات فشلت وانه ان الاوان لقبول الامر الواقع. في الوقت نفسه، ستصطدم ادعاءات روحاني حول المجازفة وتعريض استقرار النظام للخطر بواقع اسقاط الخيار العسكري، ما يعني التسليم بقبول ايران نووية. وفي ضوء ذلك اسرائيل لن تقبل هذا الواقع. السبب الثاني، بحسب روس، يتمثل بأن عدم التصديق على ضربة عسكرية أميركية ضد سوريا، سيجعل اسرائيل تشعر بأن لا مبرر للانتظار، ولا يوجد ما يدعو لإعطاء فرصة للدبلوماسية، والتصديق بأن تقوم الولايات المتحدة بمعالجة القضية.