يبدو أن سلطان عُمان، قابوس بن سعيد، سيكون أول من يحاول فتح كوة في جدار العلاقات الإيرانية الأميركية في عهد الرئيس الجديد حسن روحاني، أو بالأحرى تسهيل حوار بنّاء غير مباشر، وصولاً إلى حوار مباشر بين واشنطن وطهران، وذلك في خلال زيارته «الخاصة» اللافتة في توقيتها وترتيباتها المقررة الأحد المقبل للعاصمة الإيرانية.
وتقول مصادر عُمانية واسعة الاطلاع إن الخطوات التي ستمهد لهذا الحوار، والتي سيبحثها قابوس في طهران، ستتركز على حل مشكلة السويفت التي تعرقل وصول نحو ثمانين مليار دولار إلى الحكومة الإيرانية موجودة في الخارج موزعة في عواصم عديدة، ومن ثم على مشكلة التخصيب النووي. وتوضح أن «توافقاً ما يفترض أن يحصل، مفاده أن تقبل إيران بخفض حجم التخصيب وسرعته في مقابل إقرار الغرب بمبدأ التخصيب».
واللافت في هذه الزيارة، وهي الثانية للسلطان العماني منذ قيام الثورة الإسلامية، أنها ستكون «خاصة» وأنه أول شخصية أجنبية ستحل ضيفاً خاصاً على الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني.
وتشير المعلومات إلى أنّ وزير الخارجية الإيراني الجديد محمد جواد ظريف «هو من سيكون مضيف السلطان، أي المرافق الدائم له»، وأنّ قابوس «لن يلتقي سوى المرشد علي خامنئي والشيخ روحاني». وتضيف المعلومات أن روحاني سيستقبل ضيفه العماني على مرحلتين: الأولى يوم وصوله، والثانية بعد لقائه خامنئي، وسيجري اللقاءان بحضور ظريف.
وكان قابوس قد زار إيران في عهد الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد، «وفي لحظة مهمة، حاول يومها أن يوقف الحرب الشعواء على إيران أو بالأحرى جموح صقور الإدارة الأميركية ضدها». جاءت تلك الزيارة بعد «فتنة دعاوى تزييف الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 2009، وبذهابه إلى طهران فك الحصار الغربي النفسي على إيران». أما زيارته الحالية، فتأتي في ظروف داخلية إيرانية مواتية، ولكن أجواء إقليمية بالغة التعقيد، حيث «تتجه المنطقة إلى حروب ولكنها صغيرة متناثرة ومنتشرة وغير مركزة وبالوكالة». وتشير المصادر العمانية إلى اعتقادها بأن «الولايات المتحدة باتت على قناعة بضرورة الإقرار بأنّ إيران باتت قوة خليجية متوسطية إقليمية لا يمكن تجاوزها لحل أي ملف من ملفات المنطقة الساخنة، لذلك أعادت إحياء دور السعودية لإيجاد توازن محلي إقليمي ومناكفة الدور الإيراني ومن أجل تخفيف حجم الامتيازات التي استوجب على واشنطن دفعها لطهران».
وتضيف المصادر أن مبادرة قابوس تجري «بالتفاهم الضمني مع الإدارة الأميركية، وإن كانت تبقى طموحاً عمانياً ورغبة جامحة من السلطان لاعتقاده بضرورتها الإقليمية ولحاجته القطرية لها حتى لا تتحول السلطنة من كوريدور تجاري سياحي لوجيستي إلى كوريدور اختبار قوى وعرض عضلات إقليمية ودولية».
وترى أوساط إقليمية معنية بهذا الملف أنّ «المبادرة العمانية تُعَدّ اختباراً جدياً للخيار الإيراني الجديد»، مشيرة إلى أنها «لم تكن تحصل لولا الضوء الأخضر من الجانب الإيراني الاستراتيجي، أي من القيادة العليا، ولا الجانب الأدائي التفصيلي، أي الحكومة الإيرانية الجديدة». وتضيف: «لا شك أنه سيكون هناك تفاوت جدي بين خيار نجاد الذي كان يمارس سياسة حافة الخاوية وبين سياسة روحاني التي سيكون عنوانها السير بالخطوط المتكافئة».
ومعروف أن السلطان قابوس سبق أن نجح في وساطة لإطلاق سراح ثلاثة أميركيين، هم سارا شورد وخطيبها شاين باور وصديقهما جوش فتال، كانوا مسجونين في إيران بتهمة التجسس بعدما اعتقلوا في تموز 2009، في مقابل الإفراج عن الأستاذ الجامعي الإيراني مجتبى عطاردي الذي عاد إلى بلاده من طريق مسقط. وأطلق سراح الثلاثة على دفعات خلال السنوات الماضية، ونقلوا إلى بلدهم على متن طائرات عمانية.
وكان السلطان قابوس مدعواً لحضور حفل تنصيب روحاني، لكنه لم يفعل، وأرسل بدلاً منه موفداً سلطانياً رفيع المستوى، واعداً بأنه سيكون أول من يزور طهران في العهد الجديد، وقد أوفى بوعده.
تجدر الإشارة إلى أن السلطان قابوس يبني ميناءً ضخماً اسمه الدقم في بلاده على ضفاف المحيط الهندي، ويقول في مجالسه الخاصة إنّ أحد أهدافه وصل القارة الآسيوية، تجارة وترانزيت، بآسيا الوسطى والقوقاز عبر إيران.
ومعروف أنّ قابوس زار إيران للمرة الأولى في أيام الشاه رضا بهلوي. وهو يحرص دائماً في مجالسه وفي سياساته على ما يسميه «الوفاء وسدّ الدَّين» لهذا البلد الذي وقف معه بقوة وفاعلية للقضاء على تمرد ظفار الشهير.