إدوارد سنودن ملاحق من كل أجهزة السلطات الأميركية، لكن أفعاله لا تزال تدوّي في أرجاء العالم. وثائق جديدة من التي سرّبها الموظف السابق في «وكالة الأمن القومي» الأميركية NSA، نشرتها صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أمس الأول، وكشفت عن برنامج آخر تستخدمه الوكالة للتجسس على الأميركيين وعلى أي مستخدم للإنترنت في العالم. برنامج التجسس يدعى «إكس كيسكور» X Keyscore ويتيح للوكالة أن تعرف «تقريباً كل ما يفعله مستخدم لشبكة الإنترنت أينما كان». باختصار، تمكّنت الوكالة من خلال البرنامج السري المذكور من ممارسة «أكبر قدر من التجسس عبر الإنترنت».
وقالت «ذي غارديان» إن وجود هذا البرنامج «يثبت صحة مزاعم سنودن التي نفاها مسؤولون أميركيون، ومفادها أن «إكس كيسكور» يتيح للعميل أن يراقب بشكل مباشر كل الرسائل الإلكترونية وعمليات البحث عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي أو أي نشاط آخر يقوم به أي شخص على الإنترنت».
ونشرت الصحيفة على موقعها الإلكتروني صفحات مقتطعة من حصّة مخصصة لتدريب عملاء الاستخبارات الأميركية على البرنامج التجسسي. وأوضحت الصحيفة أنها امتنعت عن نشر أربع من الصفحات الـ 32 وذلك لأنها «تكشف معلومات عن عمليات محددة لوكالة الأمن القومي».
«إكس كيسكور» يعمل بواسطة حوالى 500 خادم موزّعين في أنحاء العالم، بما في ذلك روسيا والصين وفنزويلا. وخلافاً لبقية برامج المراقبة والتنصت التي تم كشفها حتى الآن (مثل «بريزم» وغيره)، فإن «إكس كيسكور» يتيح مراقبة شخص ما حتى ولو لم يتمكن العميل من الحصول على خيط قوي يوصله إليه كعنوان بريده الإلكتروني. كيف؟ تبيّن الوثائق أن مجرد قيام أي شخص بعملية بحث بسيطة على الإنترنت يجعل مراقبته المباشرة ممكنة من خلال «إكس كيسكور».
ومن الأمثلة التي أوردتها «ذي غارديان» على عمليات البحث التي يقوم بها أشخاص حول العالم والتي قد ترصدها «وكالة الأمن القومي»، عملية بحث يستخدم فيها الشخص لغة غير متداولة كثيراً في منطقته الجغرافية، مثلاً البحث باللغة الألمانية في باكستان. أو عملية بحث يقوم بها شخص ما عبر موقع «غوغل» للخرائط لمكان «يمكن أن يشكّل هدفاً لاعتداء إرهابي». وبحسب وثائق الصحيفة، فإن هذا البرنامج أتاح للعملاء الأميركيين القبض على «أكثر من 300 إرهابي». ويتم تحديث هذا البرنامج بانتظام لجعله أكثر فعالية وسرعة ولتوسيع نطاق البيانات التي يمكنه الاطلاع عليها.
ولم توضح الصحيفة سبب عدم نشر تفاصيل عن هذا البرنامج منذ أن حصلت على وثائقه في حزيران الماضي عندما كشفت عن البرنامج الآخر الذي يسمّى «بريزم».
وتتزامن التسريبات الجديدة مع جلسة استماع للجنة القضائية في مجلس الشيوخ، يتوقع أن ينتقد خلالها النواب كبار المسؤولين الاستخباريين لتجاوز أجهزتهم نطاق القانون.
من جهتها، علّقت «وكالة الأمن القومي» في بيان على التسريبات الأخيرة بالقول إن «كشف برنامج إكس كيسكور السري عن جمع المعلومات يهدد المصادر والأساليب المستخدمة ويزيد من إحراج البلاد بشأن موضوع مهم جداً».
ويعدّ قيام الاستخبارات الأميركية بالتجسس على المواطنين الأميركيين غير قانوني من دون أمر من المحكمة، وتسريبات سنودن أظهرت أن الأميركيين يخضعون لعمليات تجسس باستمرار وبشكل غير قانوني. لكن البيت الأبيض شدد على أن استخدام هذه الأدوات «متاح فقط للأشخاص المكلّفين بهذا الأمر» وإن ذلك يخضع لمراقبة «تفادياً لأي تجاوزات». وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني «كما شرحنا وشرحت أوساط الاستخبارات، فإن ادعاءات وصول محللين بدون مراقبة الى المعلومات المخزّنة لدى وكالة الأمن القومي هي معلومات خاطئة». ونفت الوكالة في بيان أخير لها أن تكون عملية «جمع المعلومات تعسفية وغير مشروطة».
أما في ما يتعلق بمسرّب الوثائق السرية إدوارد سنودن (30 عاماً) العالق في مطار موسكو منذ 23 حزيران الماضي، فقد نجح أمس في مغادرة مطار العاصمة الروسية بعدما حصل على اللجوء المؤقت في روسيا، كما ذكر محاميه الروسي.
وقال المحامي أناتولي كوتشيرينا إن «سنودن غادر مطار شيريميتيفو. لقد سلمناه لتوّنا وثيقة تفيد بأنه حصل على لجوء مؤقت لمدة سنة في روسيا»، موضحاً أنه «في مكان آمن»، رافضاً تقديم مزيد من التفاصيل «لأسباب أمنية». يذكر أن واشنطن طالبت موسكو ولا تزال بتسليم سنودن للولايات المتحدة، حيث يواجه تهمة التجسس.
(الأخبار، أ ف ب)