رغم الاحتفالات الكبرى التي شهدتها مدن كرواتيا وعاصمتها زغرب أمس بعدما انضمت الى الاتحاد الاوروبي، ظلت مناخات قاتمة مسيطرة على المشهد في ما يتعلق بمستقبل البلاد في ظل أزمات اقتصادية خانقة. مناخات انسحبت على العديد من بلدان الاتحاد التي اصبح عددها 27 دولة، في ظل المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية التي ستحملها تجاه العضو الجديد.ويبدو أن كرواتيا ستكون عرّابة انضمام دول أخرى من منطقة البلقان الى المنظومة الأوروبية؛ ففي اليوم الأول من بدء عضويتها في الاتحاد الأوروبي، استقبلت زغرب رؤساء سلوفينيا وصربيا والبوسنة ومقدونيا ومونتينغرو، وكذلك كوسوفو (الإقليم الصربي سابقاً الذي أعلن استقلاله عام 2008)، إلى جانب ألبانيا.
وقال الرئيس الكرواتي ايفو جوزيبوفيتش، في ختام الاجتماع، «إن مجموعتنا ترغب في المساعدة على تسوية المسائل العالقة» في هذه المنطقة حيث العلاقات بين الدول المجاورة صعبة وشهدت نزاعات تلت تفكك يوغوسلافيا الشيوعية سابقاً.
وأضاف أنها مبادرة مشتركة مع سلوفينيا (اول جمهورية يوغوسلافية سابقة تنضم الى الاتحاد الاوروبي في 2004)، وان المشاركين يرغبون في تكرارها ودعوة قادة أوروبيين كبار للانضمام إليهم.
وتابع: «في الوقت الراهن، نلفت الى نية الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الطيبة في ان يكون معنا في الاجتماع المقبل».
ومع منح صربيا الضوء الأخضر لفتح مفاوضات الانضمام والموافقة التي أُعطيت لكوسوفو للتوصل إلى اتفاق استقرار وشراكة، يبدو استمرار عملية توسيع الاتحاد نحو البلقان مضموناً.
لكن في بروكسل يشير المحللون الى ان العملية قد تكون اطول وانها يجب ان تتم مع توخي حذر اكبر.
وبين دول البلقان فتحت مونتينغرو في حزيران الماضي مفاوضات الانضمام مع الاتحاد، في حين أن الدول الأخرى لا تزال في مختلف مراحل عملية التقارب.
لكن في المانيا ذكرت صحيفة «زود دويتشي» أنه يجب «حل اكبر مشكلة في حقبة ما بعد يوغوسلافيا، وهي مشكلة البوسنة والهرسك التي بالكاد تسير فيها الأمور»، حيث إنها لا تزال منقسمة الى كيانين كرواتي - مسلم وصربي.
من جهتها، حملت صحيفة «دي فيلت» الألمانية هاجس العبء الاجتماعي الذي سيلقى على الدول القوية اقتصادياً في القارة العجوز مثل ألمانيا، قائلة إن «الطفل المقبل مع المشاكل يصل الى الاتحاد الأوروبي»، راسمة صورة قاتمة جداً لدولة تسود فيها العراقيل البيروقراطية وتحاول بصعوبة اجتذاب الاستثمارات.
وكرواتيا هي أول دولة تنضم الى الكتلة الاوروبية منذ انضمام رومانيا وبلغاريا في 2007، إذ كان هذا الانضمام لحظة تاريخية، لكن الصعوبات الاقتصادية القت بثقلها على الاحتفالات التي عمّت البلاد.
واحتفالاً بالصفة الجديدة للدولة البلقانية، تجمع نحو عشرين الف شخص في الساحة الرئيسية في زغرب ليل الاحد الاثنين، وانضموا الى قرابة مئة مسؤول اوروبي للاحتفال بهذا الحدث عند منتصف الليل، حين اصبحت كرواتيا رسمياً العضو الثامن والعشرين في الاتحاد الاوروبي.
وقال رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو، مخاطباً جموع المحتفلين في العاصمة زغرب: «مرحباً بكم في الاتحاد الأوروبي»، لتنطلق بعدها معزوفة «أنشودة الفرح» لبيتهوفن، نشيد الاتحاد الأوروبي، معلنة رسمياً كرواتيا العضو الرقم 28 في الكتلة الاوروبية.
وتزامناً مع ذلك، رُفع شعار الاتحاد الاوروبي على الحدود البرية مع صربيا، الجمهورية اليوغوسلافية السابقة أيضاً التي حصلت الأربعاء الماضي على موافقة بروكسل لفتح مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد بحلول كانون الثاني 2014.
وشارك في الاحتفال الضخم الذي أُقيم في الساحة الرئيسية في العاصمة أكثر من 700 فنان ومغنٍّ وموسيقي وراقص، فيما أُقيمت احتفالات مشابهة في بقية المدن الكبرى.
في المقابل، طغت المخاوف على أجواء الاحتفالات من الصعوبات الاقتصادية.
وقال برانكا هورفات وهو موظف اداري في زغرب يبلغ من العمر 30 عاماً: «ليس هناك شيء يدعو للاحتفال، الأمور لن تتحسن والاسعار سترتفع وسنصبح قوة عاملة رخيصة الثمن».
وقال سريتين ايليسيتش سائق التاكسي من زغرب: «لا شيء سيتغير بالنسبة إلينا وهذا الانضمام الى الاتحاد الاوروبي سيكلفنا غالياً»، معرباً عن معارضته للاتحاد.
وتأمل الحكومة (وسط - يسار) في ان يؤدي الانضمام الى الاتحاد الاوروبي الى جذب الاستثمارات الأجنبية التي تحتاجها البلاد بشدة وان يتحسن الاقتصاد مع مساعدة مالية محتملة بقيمة 11,7 مليار يورو.
واقتصاد كرواتيا الذي يعتمد الى حد كبير على السياحة كان إما في انكماش او ركود على مدى السنوات الأربع الماضية، فيما يبلغ معدل البطالة نحو 20 في المئة.
واجمالي الناتج الداخلي في البلاد يقل بنسبة 39 في المئة عن المعدل في الاتحاد الأوروبي، حيث تحل خلفه فقط رومانيا وبلغاريا كما تظهر أرقام الاتحاد الاوروبي.
وكان رئيس الوزراء الكرواتي زوران ميلانوفيتش، قد رفض في وقت سابق المخاوف من ان كرواتيا التي تعد 4,2 ملايين نسمة ستكون عبئاً اقتصادياً على الاتحاد الاوروبي.
وقال: «في نهاية الأمر، لسنا جزءاً من منطقة اليورو»، في اشارة الى الأزمة التي تعانيها هذه المنطقة.
(أ ف ب)