أكّد رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أمس، ان لقاءه الضيف الاميركي وزير الخارجية، جون كيري، سيركز على إيران وما يجري في سوريا، قبل أن يضيف موضوع تحريك المفاوضات، رغم أنّ محور زيارة كيري الى المنطقة هو عملية التسوية. في وقت اختار فيه الأخير أن يضيف الى برنامج زيارته بعض الترفيه والاستعراض، فتجوّل في أحد شوارع رام الله وتناول الشاورما والكنافة.
وقال نتنياهو إنه يعتز بالصداقة التي تربط الجانبين، والتي «تتجلى من خلال زيارة الرئيس الاميركي، باراك اوباما الى اسرائيل في آذار الماضي، ومن خلال القرار الاستثنائي الذي تبناه مجلس الشيوخ الاميركي، بالوقوف الى جانب اسرائيل ضد البرنامج النووي الايراني، وقرار لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، بتوسيع العقوبات على ايران». وأضاف في مستهل لقائه بكيري إن «اللقاء سيتناول الى جانب الموضوع الايراني، المجازر المروعة وعدم الاستقرار في سوريا، لكن ايضا نريد ان نحرك من جديد محادثات السلام مع الفلسطينيين». وأعرب نتنياهو عن الأمل بإمكان تحريك المفاوضات، مشيراً الى أن الجانبين الاميركي والاسرائيلي، عملا معاً من أجل تحقيق ذلك، و«هذا ما أريده أنا وتريده انت (كيري)، وآمل أن الفلسطينيين يريدونه أيضاً».
من جهته، أكد الوزير الاميركي على «التزام الولايات المتحدة الآن، كما كان الأمر دائماً، بأمن اسرائيل». واشار الى أن «أمن اسرائيل يأتي في مقدمة النقاشات المتعلقة بعملية السلام». وقال «اعرف هذه المنطقة جيدا بالقدر الذي يجعلني اعرف أن هناك شكوكاً، بل وسخرية (بإمكان نجاح المفاوضات)، ولنأمل أن نتمكن من خلال العمل الجاد والصبر، من وضع المسيرة السلمية على مسارها الصحيح». مع ذلك، تناول كيري الاوضاع في سوريا، وأكد على أن « عمال العنف والفظائع في سوريا تنتشر في الأردن وفي لبنان، الأمر الذي من شأنه التأثير على إسرائيل».
وعرض كيري الجهود التي بذلت اخيرا لتحريك المفاوضات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. وقد ذكرت «معاريف»، أن ممثلاً عن الادارة الاميركية، وهو مسؤول سابق في الجيش الأميركي، الجنرال جون آلن، يحاول في الفترة الأخيرة مساعدة كيري على تقليص الفجوات بين اسرائيل والفلسطينيين، وتحديداً في مسألة الترتيبات الامنية. الا أن الصحيفة نقلت عن آلن تشاؤمه من إمكان نجاحه.
وذكرت «معاريف» أن المقربين من وزيرة القضاء، تسيبي ليفني، المعنية بملف المفاوضات مع الفلسطينيين، والتي تؤكد أن «الأسابيع القريبة المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة إلى احتمال استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين»، يعربون عن التشاؤم الشديد حيال التسوية. وبحسب مستشارها للشؤون القانونية ويدها اليمنى، تل بيكر، فإنه «ما من فرصة لنجاح المفاوضات، وعلى الاقل في السنوات القريبة المقبلة»، مشيرا الى ان رئيس السلطة، محمود عباس، غير متحمس للعودة الى المفاوضات، و«هذا هو الشعور لدى الطرف الاسرائيلي»، لكنه أضاف «الضغط الاميركي من شأنه أن يفعل فعله، وأن يدفع أبو مازن للجلوس على الطاولة، حتى وإن كان لا يرغب في ذلك، لأنه يرغب أيضاً في عدم اغضاب الأميركيين».
ونقلت الصحيفة عن مصدر اسرائيلي رفيع المستوى قوله، ان «المشكلة هي أبو مازن ورئيس الفريق المفاوض لديه، صائب عريقات، اللذان يؤكدان أن المفاوضات لن تؤدي إلى شيء في حال استئنافها ». وهذا ما أكدته أيضاً مصادر أردنية رسمية رفيعة، خلال محادثات أجرتها أخيراً مع محافل اسرائيلية واميركية.
وفي رام الله، ترك وزير الخارجية المسار الدبلوماسي وخرج إلى أحد شوارع الضفة الغربية، حيث تناول شطيرة شاورما وكنافة فلسطينية بالفستق. وفي لفتة نادرة من مسؤول مثله، توقف كيري أمام مطعم سامر في مدينة رام الله بالضفة الغربية للاستمتاع بوجبة شرق أوسطية تقليدية. وقال بعدما قضم شطيرة الشاورما «إنها رائعة يا رجل». وبعد ذلك عبر الشارع وتوجه إلى متجر للحلوى مملوك لنفس الرجل، وتناول الكنافة واحتسى بعضاً من القهوة.
وقبل التسكّع في شوارع رام الله، التقى الرئيس الفلسطيني وبحث معه خطة السلام. وقال كبير المفاوضين صائب عريقات عقب اللقاء «الخطة ما زالت حتى الآن في مرحلة الاعداد والاتصالات مع كافة الاطراف الفلسطينية والاسرائيلية والعربية والاوروبية، وروسيا وكافة الاطراف الدولية المعنية بالسلام والاستقرار في منطقتنا».
وبحسب عريقات، فان «كيري يقوم بجولات مكثفة واتصالات واسعة للوصول الى صيغة لخطته»، مشيراً الى أنه «ما من طرف في العالم يستفيد من السلام كما يستفيد منه الشعب الفلسطيني، وما من طرف يخسر من استمرار الاحتلال كما يخسر الشعب الفلسطيني». الى ذلك، كشف موقع «واللا» الاخباري العبري، ان رئيس الحكومة الاسرائيلية السابق، ايهود اولمرت، عرض عام 2008 الانسحاب من الحرم القدسي الشريف أمام أبو مازن، في اطار تسوية دائمة بين الجانبين. وعرض الموقع خريطة رسمها محمود عباس بخط يده، تظهر حدود الدولة الفلسطينية وتشمل القدس الشرقية والحرم القدسي الشريف، مع توسيع لقطاع غزّة ضمن مبدأ تبادل الاراضي. وأشار الموقع الى أن أبو مازن رسم الخريطة في اجتماع للقيادة الفلسطينية في مقر الرئاسة في رام الله، بعد انتهاء اجتماعه بأولمرت، في جلسة خاصة جمعته به بتاريخ 16 ايلول عام 2008، وتناولت اقتراحا تقدم به أولمرت لعباس، يشمل تنازلاً اسرائيلياً عن الحرم القدسي الشريف.
وذكر الموقع أنه تحدث مع أولمرت، الذي اكد بدوره ما ورد في الخريطة، وتشديده على أنها صحيحة تماما، وجاءت كما عرضها على أبو مازن. واشار الى أنها «تضمنت الانسحاب من القدس ومنح السيطرة الكاملة للجانب الفلسطيني على المسجد الاقصى». وأضاف الموقع أن «أبو مازن أصر على أخذ الخريطة معه بعد انتهاء الجلسة، الا أن اولمرت شدد على ضرورة التوقيع عليها قبل أن يتسلمها، ومع رفض التوقيع عليها، بقيت الخريطة لدى أولمرت، وقام أبو مازن لاحقاً برسم نفس الخريطة كما يتذكرها في مقر المقاطعة أمام القيادة الفلسطينية».