أدلى الفنزويليون، أمس، بأصواتهم في أول انتخابات رئاسية بعد وفاة الرئيس الراحل هوغو تشافيز، تنافس فيها 7 مرشحين، أبرزهم خليفته الرئيس بالوكالة نيكولاس مادورو مع زعيم المعارضة أنريكي كابريلس. وبحسب المؤشرات، فإن نتائج الانتخابات ستكون أقرب إلى إعلان فوز مادورو الذي دخل الانتخابات مستنداً إلى تقدمه الكبير في استطلاعات الرأي على منافسه كابريليس (40 عاماً) حاكم ولاية ميراندا (شمال). وتراوح نسبة تقدمه على خصمه بما بين 10 و20 نقطة بحسب الاستطلاعات.
ودعي نحو 19 مليون ناخب للتوجه إلى صناديق الاقتراع منذ الصباح الباكر للإدلاء بأصواتهم بإشراف حوالى 150 ألف عنصر من قوات النظام. وحث كلا المعسكرين المؤيدين على التصويت مبكراً وأن يتنبهوا لحدوث تزوير. وبالنظر إلى الشك المتبادل، فإن تقارب النتيجة أو طعن أي من المرشحين بها قد يزيد من فرصة حدوث اضطرابات.
ومنذ الفجر تشكلت طوابير المواطنين أمام بعض مكاتب الاقتراع في كاراكاس. الوضع الغالب الذي ساد كان التزام مؤيدي تشافيز بانتخاب خليفته، في تعبير عن الالتزام بالخيار الذي اختاره. وأعلن دينيز أوروبيسا الموظف في متحف في حي «23 يناير»، المعقل التاريخي الذي يوجد فيه قبر «الكوماندانتي» (تشافيز)، لوكالة «فرانس برس»، أن «الالتزام بالثورة قوي جداً والناس هنا. الشعب سيصوت بكثافة للدفاع عن إرثه».
وقرب المدرسة التي كان يدلي فيها تشافيز بصوته، بثت شاحنة تسجيلاً لأغانيه الوطنية. وأكد أليخندرو الميدا، وهو عامل متقاعد في السابعة والستين من عمره، «أن صوتي سيكون لمادورو، لكن قلبي سيكون مع تشافيز»، ملخّصاً بذلك شعور غالبية الموالين الذين لا يزالون شديدي الحزن على زعيمهم الراحل.
وأوضح مدير معهد «داتانانلايسيس»، الخبير السياسي لويس فيسنتي ليون، لوكالة «فرانس برس»، أن «استراتيجية مادورو تقوم على تجسيد كل ما يرمز إليه تشافيز وعلى تحقيق رغبته الأخيرة».
بدروه، قال المحلل السياسي إنياسيو أفالوس لـ«فرانس برس» إن «حملة مادورو تركزت على واقع أنه ابن (الكوماندانتي) وأن فوزه سيكون بمثابة فوز لتشافيز»، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى «تقلص» الفارق بين المنافسين بفضل «القيادة المهمة» لكابريليس و«شجاعته السياسية».
بالمقابل، التفّت المعارضة خلف زعيمها الحاكم الطموح لولاية ميراندا (شمال)، فتعهدت من ناحيتها بعدم حصر مساعدة الحكومة بـ«المدعومين».
وقبل يوم من المعركة، اتهم كابريليس مادورو بكسر القواعد الانتخابية عندما ظهر على شاشات التلفزة وهو يزور قبر تشافيز برفقة مارادونا، وهو ما اعتبره إثارة لمشاعر مناصري تشافيز. كابريليس حث أنصاره عبر موقع «تويتر» على التوجه إلى صناديق الاقتراع بـ«أمل وثقة وشجاعة». وتعهد المحامي المؤيد لاقتصاد السوق بوضع حد لـ«الهدايا» المقدمة إلى كوبا والحلفاء الآخرين للنظام الذين يستفيدون من أكثر من مئة ألف برميل من الخام يومياً، في «دبلوماسية بترولية» بنت عليها فنزويلا نفوذها الإقليمي.
كابريليس حاول قبيل الانتخابات اللعب على المشاكل الكثيرة التي تعانيها البلاد، مذكّراً بالإحباط الموجود بين المواطنين نتيجة تردي حالة البنية التحتية المتهالكة للبلاد، والتي لم تستطع الحكومة استكمال مشاريع الأشغال العامة، بالإضافة إلى التضخم ونقص الغذاء والدواء.
وشدد كابريليس، الذي أخذ على خصمه أنه «يختبئ» وراء ظل مرشده، على الآفات الاجتماعية التي يعيشها الفنزويليون يومياً، من انعدام أمن قياسي مع 16 ألف جريمة قتل لـ 29 مليون نسمة، العام الماضي، وانقطاعات في التيار الكهربائي ونقص متكرر في المواد الغذائية.
أنصار كابريليس أجمعوا على رغبتهم في إحداث تغيير جذري في الحياة السياسية في البلاد والانتهاء من «إرث تشافيز». وأمل ألكسي تشاكون، وهو صاحب شركة في الرابعة والسبعين من عمره، رؤية نهاية ما سمّاه «كابوس هوغو تشافيز». كذلك أعلن بيترو بلاسيكو، وهو مزارع سابق في الخامسة والسبعين، بعدما صوّت في إحدى مدارس حي الأعمال في تشاكاو، «أريد تغييراً لأن الوضع سيئ. لا يوجد أمن والبلد منقسم إلى قسمين».
مهما تكن نتيجة الانتخابات، إلا أن القاسم المشترك بين الخصمين يبقى في أن الفائز سيرث خلافة مثقلة بالمهمات الشاقة، وسيرث أيضاً اقتصاداً ضعيفاً مع ديون توازي نصف إجمالي الناتج الداخلي وأكبر تضخم في أميركا اللاتينية تجاوز معدله 20%.
(أ ف ب، رويترز)