«الحرب النووية على الأبواب؟»، سؤال بدأ يتبادر إلى الأذهان في ظل التصعيد الخطر الذي تشهده شبه الجزيرة الكورية، مع إعلان بيونغ يانع الموافقة على «هجوم لا رحمة فيه» على الولايات المتحدة، وهو ما استدعى استنفاراً أميركياً مضاداً لمواجهة ما تراه «خطراً حقيقياً وواضحاً»، كما جاء على لسان وزير دفاعها تشاك هاغل.وأعلنت كوريا الشمالية أنها «وافقت» على هجوم لا رحمة فيه على الولايات المتحدة، وقد يشمل «ضربة نووية متنوعة»، وذلك بعد وقت قصير من إعلان «البنتاغون» تعزيز الولايات المتحدة دفاعاتها الصاروخية في المحيط الهادئ.
ونقل التلفزيون الحكومي الكوري الشمالي عن متحدث باسم القيادة العامة للجيش الكوري قوله «نبلغ البيت الأبيض والبنتاغون رسمياً أن سياسة العداء الأميركي المتصاعد دوماً لجمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية (كوريا الشمالية)، التي تتبعها الولايات المتحدة، وتهديدها النووي المتهور، سيُسحقان بالارادة القوية لكل أفراد القوات المسلحة والشعب المتحدين، وما تملكه جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية من وسائل متطورة أصغر حجماً وأخف وزناً لتوجيه ضربة نووية متنوعة. وإن العملية التي لا رحمة فيها التي أعدتها قواتها المسلحة الثورية في هذا الصدد جرت دراستها والموافقة عليها نهائياً».
وفي سيول، نقلت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء عن مصادر متعددة في الحكومة قولها، إن كوريا الشمالية نقلت ما يبدو أنه صاروخ متوسط المدى من نوع موسودان إلى ساحلها الشرقية. ونقلت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية عن مصادر في الاستخبارات العسكرية ان الشمال قد يطلق صاروخاً في 15 نيسان، في ذكرى ولادة مؤسس النظام الشيوعي كيم ايل ــ سونغ الذي توفي في 1994.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع، وي يونغ ساب، «نَعدّ إطلاق صاروخ من الشمال أمراً وارداً دائماً، ونحن مستعدون بإجراءاتنا للتصدي لهذا. مستعدون للرد إذا أطلق الشمال صاروخاً.. نراقب الموقف عن كثب». ويُعتقد أن مدى الصاروخ يصل إلى ثلاثة آلاف كيلومتر أو أكثر، ما يعني أنه قادر على الوصول إلى كوريا الجنوبية واليابان، وربما جزيرة غوام أيضاً، وهي أرض أميركية تبعد 3,380 كيلومتراً جنوبي شرقي كوريا الشمالية، وينتشر فيها 6 الاف عسكري أميركي.
وكانت وزارة الدفاع الأميركي (البنتاغون) قد أعلنت أمس إرسال بطارية صواريخ «تي اتش ايه ايه دي» الى غوام، في أحدث خطوة اتخذتها واشنطن، فيما ذكرت «البنتاغون» أنها تعتزم نشر نظام (ثاد) لاعتراض الصواريخ على ارتفاع عال في غوام في الأسابيع المقبلة. ويشمل نظام (ثاد) قاذفة صواريخ تُنصَب على شاحنة، وصواريخ اعتراضية ورداراً للرصد من طراز «إيه.إن/تي.بي.واي-2».
من ناحيته، قال وزير الدفاع الأميركي، تشاك هاغل، إن واشنطن ترى خطراً «حقيقياً وواضحاً من بيونغ يانغ»، مضيفاً خلال كلمة ألقاها في جامعة الدفاع الوطني في واشنطن، أن «بعض الخطوات التي اتخذوها على مدار الأسابيع القليلة الماضية تمثل خطراً حقيقياً وواضحاً».
وفي ردود الفعل، دانت روسيا بشدة أمس، تحركات كوريا الشمالية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، الكسندر لوكاشيفتش، «بالنسبة إلى روسيا، تجاهل بيونغ يانغ قرارات الامم المتحدة (بشأن منع الانتشار النووي) مرفوض جملة وتفصيلاً»، مضيفاً أن افعالها «تعقّد، إن لم تبدّد فعلياً، فرص استئناف» المحادثات السداسية، الهادفة إلى تهدئة التوتر على شبه الجزيرة الكورية. في إشارة إلى المحادثات التي تشارك فيها الكوريتان والصين وروسيا واليابان والولايات المتحدة، بشأن تقديم المساعدات مقابل نزع السلاح النووي.
بدوره، حذر رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، من ان بريطانيا قد تصبح من دون دفاعات في مواجهة النظام الكوري الشمالي «العدواني الذي يصعب جداً التنبؤ به» اذا استغنت عن برنامجها للردع النووي. وكتب كاميرون في صحيفة «ديلي تلغراف» مقالاً قال فيه «نحن اليوم بحاجة إلى ردعنا النووي، كما كنا عندما باشرته حكومة بريطانية سابقة قبل اكثر من ستة عقود.. الاتحاد السوفياتي لم يعد موجوداً، لكن التهديد النووي لم يتبدد».
وأبدى الامين العام للامم المتحدة، بان كي مون، «قلقه الشديد» ازاء تصاعد التوتر في شبه الجزيرة الكورية، معرباً عن أمله في أن تقوم كوريا الشمالية «بأسرع وقت ممكن» برفع القيود المفروضة على دخول العمال الكوريين الجنوبيين الى موقع كيسونغ الصناعي، آخر نقطة اتصال بين الكوريتين».
من ناحيته قال المتحدث الرسمي الياباني، يوشيهيد سوجا، إن «الاستفزازات» الكورية الشمالية «ليست جديدة»، لكنها «سيئة للغاية»، كما صدرت دعوات الى الصين تحثها على ممارسة نفوذها لدى نظام كيم يونغ أون، حيث تمنت فرنسا على الصين التي «تستطيع التأثير في كوريا الشمالية»، التدخل في الازمة الكورية، فيما دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الالمانية، اندرياس بيشكي، أيضاً بكين الى حث بيونغ يانغ على «التهدئة».
في هذا الوقت، واصلت سلطات بيونغ يانغ إغلاق مجمع كيسونغ الصناعي المشترك الواقع على اراضيها، لليوم الثاني أمس. وقالت إنها ستغلق المنطقة تماماً إذا استمرت سيول في إهانتها.
وذكرت حكومة كوريا الجنوبية أن جارتها الشمالية ستسمح بمغادرة 222 عاملاً جنوبياً منطقة كيسونغ. وبذلك يبقى 606 كوريين جنوبيين آخرين في المجمع.
الى ذلك، اخترق قراصنة الانترنت أمس صفحتين الكترونيتين تابعتين للحكومة الكورية الشمالية. وتوقف حسابا ارمينزوكيري تويتر وفليكر، عن بث محتويات اعتيادية يرسلها النظام في بيونغ يانغ اضافة الى صور الزعيم كيم يونغ أون مع الضباط العسكريين.
(أ ف ب، رويترز، أ ب)