حذر وزير الخارجية الاميركي جون كيري، أمس، من أي اقتطاعات «غير منطقية» في نفقات وزارته، مؤكداً أن بلاده تحتاج الى تواصل قوي مع العالم الخارجي لكي تبقى دولة «استثنائية»، وذلك قبل بدء جولة خارجية تقوده إلى الشرق الأوسط. وفي أول كلمة له منذ تولّيه منصبه، ركز السيناتور السابق على المواجهة المالية الاخيرة بين البيت الابيض والكونغرس وخطر حصول اقتطاعات تلقائية هائلة في النفقات الفدرالية في الاول من آذار. وقال، في خطاب أمام طلبة جامعة فرجينيا، إن «إرسال دبلوماسيين اليوم هو أرخص بكثير من إرسال جنود غداً... وأكبر تحدّ يواجه السياسة الخارجية الاميركية اليوم ليس بأيدي الدبلوماسيين، بل بأيدي صانعي السياسة في الكونغرس». وأضاف «إن مصداقيتي كدبلوماسي يعمل من أجل مساعدة الدول الاخرى على خلق النظام تكون أقوى عندما ترتب أميركا وضعها المالي، وهذا يجب أن يتم الآن». وقال «من الصعب أن تقول لقيادات عدد من الدول إن عليهم أن يحلوا مشاكلهم الاقتصادية، إذا لم تحل أنت مشاكلك الاقتصادية».
ودعا كيري الى «التوصل الى اتفاق مسؤول يحول دون أي اقتطاعات غير منطقية. دعونا لا نفوّت هذه الفرصة بسبب السياسة». وقال إن الولايات المتحدة لديها القدرة على تشجيع الاستقرار في العالم ومنع الدول المنهارة التي تعتبر «من بين أكبر المخاطر الأمنية بالنسبة لنا». وأضاف أن «أميركا ليست بلداً استثنائياً لمجرد أننا نقول ذلك. نحن استثنائيون لأننا نفعل أموراً استثنائية». وقال «سنواصل القيادة كدولة لا يمكن الاستغناء عنها، ليس لأننا نسعى الى لعب ذلك الدور، بل لأن العالم يحتاج الى ملء هذا الدور... وليس لأننا نعتبر هذا الدول عبئاً، بل لأننا نعرف أنه ميزة».
وأشار كيري الى الازمات في افغانستان وباكستان ومالي، وقال «لقد حفظنا الدروس في صحراء مالي وجبال أفغانستان وأودية باكستان»، مشيراً إلى أن ما يحدث في هذه المناطق يؤثر على الأمن الداخلي للولايات المتحدة». وتعهد بالعمل على جعل السياسة الخارجية لبلاده أكثر قوة في المستقبل. وأكد أن نفقات الشؤون الخارجية لا تعادل سوى 1% من الانفاق الفيدرالي، واعداً بالنضال من أجل الشركات الاميركية، ولكن كذلك بنشر «القيم» والمساعدات الاميركية في كل شيء، من علاج مرض الايدز الى مكافحة الاتجار بالبشر.
وقال كيري إن «المساعدات الخارجية ليست هبات، ولا حسنة. إنها استثمار في أميركا أقوى وعالم حر». وأشار الى أن «ميزانية وزارة الخارجية لحل النزاعات تقارب 60 مليون دولار سنوياً الآن. وهذا المبلغ يساوي ما حققه فيلم «افينجرز» في يوم أحد واحد في أيار الماضي». وأضاف أن «الفرق هو أن موظفينا الذين في الميدان والذين يقومون بهذا العمل هم بالفعل أبطال خارقون».
ودعا كيري الى التحرك الدولي لمعالجة التغير المناخي، وهو ما يعارضه الحزب الجمهوري الاميركي المحافظ. وحذر من أنه إذا لم يتم القيام بتحرك «فإن ارتفاع درجات الحرارة ومستويات مياه البحر سيقود بالتأكيد إلى زيادة التكاليف المستقبلية». وأضاف «إذا أضعنا هذه الفرصة، فقد يكون هذا هو الشيء الوحيد الذي سيذكر به جيلنا. علينا أن نجد الشجاعة لنخلّف وراءنا إرثاً مختلفاً تماماً». واقتصر خطاب كيري على الدفاع عن السياسة الخارجية لبلاده، ولم يتطرق إلى قضايا الشرق الأوسط، في ظل الحراك السياسي الذي تعرفه المنطقة، وخصوصاً في دول ما يعرف بالربيع العربي.
وجاءت كلمة كيري قبل أربعة أيام من بدء أول جولة له خارج البلاد بعد توليه منصبه، يزور خلالها عدداً من دول أوروبا والشرق الاوسط، للتواصل مع حلفاء بلاده ومناقشة بعض القضايا الساخنة مثل الأزمة السورية. وقالت المتحدثة باسم الوزارة، فيكتوريا نولاند، في إفادتها الصحافية اليومية، إن كيري سيزور لندن وبرلين وباريس وروما حيث سيحضر اجتماعاً لمسؤولين كبار من دول تساند المعارضة السورية، وللقاء أعضاء من المعارضة. ويزور كيري بعد ذلك تركيا، وسيذهب أيضاً إلى مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر. وقالت إن من الموضوعات المهمة خلال الرحلة مواجهة «التحدي الذي يمثّله المتطرفون الساعون الى خطف بعض ثورات الربيع العربي».
(الأخبار، أ ف ب)