يستعدّ الرئيس الأميركي باراك أوباما لسحب قواته من أفغانستان، على أساس أن المهمة التي بدأت من أجلها الحرب وغُزيت فيها البلاد منذ 12 عاماً قد أُنجزت، كيف ذلك؟ أُنجزت بقتل زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن. عند هذا الحدّ تقف حربهم، التي قتلت مئات الآلاف من المدنيين الأفغان بنيران القوات الأطلسية ـ الأميركية، ومورست فيها أبشع أنواع الانتهاكات، دون أن تجري مساءلة أي شخص عن الجرائم المرتكبة.
وفي مقارنة الأرقام الأخيرة للقتل والتعذيب يتبين أنها في حالة ازدياد. وذكر تقرير أخير للجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة أن اللجنة تلقت العديد من الشكاوى والتقارير، التي تفيد بأن المئات من الأطفال قُتلوا جراء الهجمات الأميركية التي نفّذتها طائرات الاستطلاع من دون طيار، بسبب «الافتقار الى المعايير الوقائية والاستخدام العشوائي للقوة». وأعربت اللجنة عن قلقها من أن الولايات المتحدة لا تأخذ أي تدابير من شأنها أن تحمي الأطفال في حروبها، وحملت أفراد القوات الملسحة مسؤولية قتل هؤلاء الأطفال، ودعت الى محاسبتهم أمام القضاء.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد أعلن في نيسان 2011، أن أكثر من 110 أطفال قتلوا وجرح 68 آخرون في 2011 جراء الضربات الجوية التابعة للقوات الحكومية التي تقودها الولايات المتحدة، وهذه الأرقام تمثل ضعف الأرقام عن العام السابق.
ورفض الجيش الأميركي تقرير الأمم المتحدة وقال إنه «لا أساس له»، وعرض أدلة من قوة «إيساف» تشير الى أن غالبية الضحايا المدنيين الذين قتلوا أو جُرحوا في أفغانستان خلال السنوات الماضية سببهم المتمردون. وزعم أن نسبة الضحايا المدنيين في 2012 انخفضت 49 في المئة عنه في 2011، وأنّ عدد الأطفال الضحايا جراء عمليات «إيساف» انخفضت في الفترة نفسها الى 40 في المئة.
ويبدو أن القوات الأميركية لم تكترث لتقرير الأمم المتحدة وواصلت هجماتها العشوائية، اذ ذكرت وسائل الإعلام قبل يومين، أن القوات العسكرية الدولية تحقق في عمليتين نفذتهما قوات «إيساف» وأدتا إلى مقتل 11 مدنياً أفغانياً. في العملية الأولى، قُتل 10 مدنيين، أربع نساء ورجل و5 أطفال تراوح أعمارهم بين الـ 8 و 13، في محافظة كونار، عند استهداف اثنين من قادة «طالبان» كانا يزوران عائلة أفغانية. وطبعاً القوات الدولية نفت علمها بوجود مدنيين أو حتى بحصول هذه العملية، وقالت إنها بدأت تحقيقاتها لكشف ملابسة العملية.
الانتهاكات في أفغانستان لا تقف عند حد قتل المدنيين من أطفال ونساء ورجال، انما تصل الى التعذيب المنتشر بكثرة، وهو ما تحدث عنه أيضاً تقرير آخر للأمم المتحدة. وقالت لجنة تحقيق أفغانية شكلت عقب التقرير إنها حصلت على أدلة تؤكد تعرض نصف السجناء من بين 284 جرت مقابلتهم للتعذيب في ثلاث مقاطعات أفغانية. وجرى هذا التعذيب أثناء فترة التوقيف أو الاستجواب، كما وجدت اللجنة أن غالبية المعتقلين لم يحصلوا على حقهم في الدفاع القانوني. رغم ذلك، قالت اللجنة إنه ما من تحقيق ممنهج.
ولجنة التحقيق الأفغانية هي الأولى من نوعها، إذ لم يسبق أن ألّفت الحكومة لجنة تحقيق حول الانتهاكات الواسعة الانتشار في البلاد. وتأتي بعد تقرير الأمم المتحدة بهذا الخصوص الذي أُصدر في 20 الشهر الماضي.
ووجد التقرير الأممي أنه «برغم الجهود الدولية لوقف الانتهاكات في مراكز التحقيق التابعة لأجهزة الشرطة أو الاستخبارات عقب تقرير حقوقي في 2011، فان المشكلة ازدادت سوءاً، ولا سيما في مراكز الشرطة الوطنية الأفغانية».
(الأخبار)