المعارضة الفنزويلية: هزمنا هوغو تشافيز

المعارضة الفنزويلية: هزمنا هوغو تشافيز

  • 0
  • ض
  • ض

رقص اليمينيون في فنزويلا رقصة الانتصار؛ فالطوق الذي لفّوه على عنق الرئيس نيكولاس مادورو وحكومته (بحسب وصف الأخير للحرب الاقتصادية على بلاده)، مكّنهم من انتزاع الغالبية الساحقة في المجلس النيابي

لم يكد يبزغ فجر العاصمة الفنزويلية، كاراكاس، حتى أعلنت زعيمة المعارضة، ماريا دي ماتشادو، أن «الطموح فاق الحدود الفنزويلية»، وأن «ثمة أميركا جنوبية تحيا من جديد». لا تجد ماتشادو حرجاً في عودة بلادها «حديقة خلفية» لقوى الرأسمالية المهيمنة عالمياً، بقيادة الولايات المتحدة؛ فنشوة المعارضة هتكت تاريخ اليسار وردّت التحدي بالتحدي حين أعلنت أنها هزمت «هوغو تشافيز»، قائد الثورة الفنزويلية الراحل. كان تشفّي الزعيم المعارض، إنريكي كابريلس، الذي لم يذق طعم الفوز في حياة تشافيز، سافراً، فلم يعترف حتى لحكومة اليسار بتنظيم انتخابات حرة أوصلته وشركاءه إلى السلطة، فوق الهامات المنحنية والبطون المتضورة جوعاً، فتحدث عن زوال «احتلال جثم (فوق صدره) على مدى 17 عاماً»، وعن «ديكتاتورية خرجت مثخنة بجراح الخيار الشعبي»، زاعماً أنه وشركاءه «فرضوا الديموقراطية» بالتهديد والوعيد، وأن «ليس في جعبة الشيوعية أي خير تقدمه». اعترف مادورو بالهزيمة، وهو الذي أهدر أكثر من نصف الإرث التشافيزي، بحسب مقرّبين من الحزب الإشتراكي، حين اعتمد حصراً على رصيد القائد الراحل. ويذهب البعض إلى اتهام مادورو بتكرار تجربة مرشح تحالف اليسار للرئاسة الأرجنتينة، دانيال سيولي، الذي أسند رأسه إلى كتف الرئيسة السابقة، كريستينا دي كيرشنر، فأعطى اليمين الأرجنتيني الحكم على طبق من ذهب. المعادلة نفسها تنطبق على الرئيسة البرازيلية، ديلما روسيف، التي ما زالت تتنفس برئة الرئيس السابق لولا دا سيلفا. وعليه، فإن قاعدة اليسار اللاتيني باتت تخضع للمعادلة نفسها: يحكم «ظل القائد» لفترة، ليهوي بعدها ويُسقط بعض إرث القائد معه. في النقد الذاتي، وخارج حسبة التآمر الخارجي الأكيد، يقول إعلامي يساري شهير إنه ليس كافياً أن يتحدث مادورو عن «الحرب الاقتصادية» التي تسبّبت في أسوأ أزمة تتعرض لها البلاد في العقود الأخيرة، بل كان عليه أن يدرك أن نقص الحليب والطحين والدواء وانعدام الأمن باتا يهزان الأرض من تحت قدميه. ويشدد الإعلامي على أن «الحرب كانت شرسة، ولكن مقاومتها كانت هزيلة»، وكان رجالها ونساؤها «يقاتلون ببطون خاوية، حتى أضناهم الجوع وانحنوا أمام الرياح العاتية». «كانت الشركات تسرح وتمرح في لعبة تبديل العملات، في حين كانت وزارة الاقتصاد والتجارة أقل خبرة من أن تتمكن من قطع الطريق أمام إهدار مليارات الدولارات»، يقول الإعلامي، مضيفاً أن الأزمة «فرضت على الحكومة أن تتخذ قراراً شاملاً يوقف عمل كل شركات الاستيراد، إلا مَن خضع منها للقوانين الجديدة التي تفرض فيها الحكومة أسعار السلع الأساسية، فبات استيراد الغذاء والدواء أمراً مستحيلاً، لأن سعره الداخلي يقل بأضعاف عن سعر المصدر». ويعتب الإعلامي على حلفاء فنزويلا، خصوصاً البرازيل والأرجنتين، «الدولتين اللتين أخذتا في الحسبان الضغوط الداخلية، فتركتا الفنزويليين يحترقون تحت شمس الطوابير». يرفض الكثير من اليساريين في فنزويلا التخفيف من وقع الصدمة، تحت مسمى «خسرنا جولة»، ويلفتون إلى أن «الصلاحيات التي أعطوها للبرلمان يوماً باتت سيفاً مسلطاً حتى على رأس السلطة»، فالـ99 نائباً للمعارضة السابقة باتت لهم صلاحية تعديل الدستور ومحاسبة الرئيس وتحويله للإقالة، كما لهم الحق في تعطيل البرامج الحكومية أو تعديلها، وفي تغيير المناهج الدراسية وتحوير الدورة الاقتصادية وفك التعاقدات التجارية. باختصار، باتت المعارضة الفنزويلية صاحبة القرار في فنزويلا، وباتت الثورة «البوليفارية» أقلية في المجلس النيابي. خيّم الحذر على كاراكاس، حيث بدت الحركة أمس شبه معدومة في يوم هو الأكثر زحمة عادة؛ فما زالت تأثيرات الحملات الإعلامية تلقي بثقلها على المؤسسات والمواطنين. ولم يكن من السهل استصراح رموز اليسار، حيث كانت الصدمة مهولة، وكان طرح الأسئلة كتحريك جرح في حرارة نزفه. «بالتأكيد ستكون ارتدادات الهزيمة في فنزويلا قاسية على حلفائها في الداخل والخارج. وثمة تغييرات جوهرية ستطرأ على المشهد اللاتيني الذي حاول كسر الهيمنة وامتلاك القرار، لكنه لم يكن مؤهلاً بما فيه الكفاية لخوض المعركة الطويلة مع محاور تمرست في كل أنواع الحروب»، يقول إعلامي آخر، قبل أن يجهش بالبكاء، وينهض ويرفس الكرسي، صارخاً، «يا الله... لقد حكم الفقراء في بلدي على أنفسهم بالإعدام»!

  • يحكم «ظل القائد» لفترة، ليهوي بعدها ويُسقط بعض إرث القائد معه (لاتين تايمز)

    يحكم «ظل القائد» لفترة، ليهوي بعدها ويُسقط بعض إرث القائد معه (لاتين تايمز)

0 تعليق

التعليقات