«أنتم تقتلون آلاف الأشخاص... سئمتُ أن يُقتل أصدقائي في الشرق الأوسط... نريد سلاماً مع إيران... أين هي المصالح الاميركية بربّكم؟»، على وقع تلك العبارات التي هتفت بها إحدى الناشطات قبل أن تقتاد خارج القاعة، بدأ المرشح لمنصب وزارة الخارجية الاميركية جون كيري تلاوة شهادته أمام «لجنة الشؤون الخارجية» في مجلس الشيوخ أول من أمس. كيري (69 عاماً)، الذي ينتظر موافقة مرجحة على تعيينه وزيراً للخارجية الاميركية في إدارة باراك أوباما الثانية، حدد أولويات السياسة الاميركية في العالم وفق مبادئ أساسية تتماشى مع العناوين العريضة التي أعلنها الرئيس أوباما، والتي تتلخص بـ«عدم اللجوء الى التدخل العسكري المباشر في الدول الاخرى كحل أول للأزمات». «السياسة الخارجية الاميركية لا تتحدد فقط بالطائرات من دون طيّار وبنشر الجنود في ساحات القتال»، قال كيري في مستهل كلمته. وأردف: «لا يمكن أن نسمح بأن تُحجب كل مساعي الخير التي نقوم بها بسبب الدور الذي كان علينا أن نؤديه بعد 11 أيلول وهو دور أُقحمنا به». كيري فاجأ الجميع بربطه السياسة الخارجية مباشرة بالأزمة الاقتصادية الداخلية، إذ قال «إن السياسة الخارجية مرتبطة أكثر من أي وقت مضى بالسياسة الاقتصادية». وأضاف «إن العبارة المأثورة تقول إنه لا يمكن أن نكون أقوياء في الداخل ما لم نكن أقوياء في الخارج، ولكن، في ظل أزمتنا المالية الحالية، تصبح الاولوية أن ننظم وضعنا الاقتصادي في الداخل كي نكون أقوياء في الخارج».
وفي الملفات السياسية، تطرّق كيري الى الأزمة النووية الايرانية. وأكّد أن واشنطن تعطي الاولوية، حتى اللحظة، لاستراتيجية مزدوجة تجمع بين العقوبات الاقتصادية والمفاوضات الدبلوماسية. وقال «الرئيس أوباما حسم بأننا سنبذل ما في وسعنا لمنع ايران من الحصول على سلاح نووي. وانا أكرر هنا اليوم أن سياستنا ليست احتوائية، بل وقائية والوقت يمر على الجهود التي نبذلها من أجل التوصل الى إذعان (إيراني) مسؤول». ثم أكد كيري «نيّته باستخدام كل الوسائل الدبلوماسية والعمل على إنجاحها في هذا الملف».
وحول الأزمة السورية، كان كيري مقتضباً فدافع بداية عن مساعيه لنسج علاقات مع الرئيس بشار الاسد في بداية عهد أوباما الأول، وقال «أراد الأسد أن يفتش عن طريقة للتواصل مع الغرب... والوقت فات من دون التوصل الى ذلك». ثم أردف: «أعتقد أنه لن يبقى طويلاً على رأس الدولة... والوقت يمرّ».
وفي الشأن الفلسطيني ومساعي «السلام» التي فشلت بشكل مدوّ في عهد أوباما السابق، حذّر كيري من «إغلاق الباب» امام حلّ الدولتين بين اسرائيل وفلسطين المحتلة. وقال إن «الباب (المفتوح) على حل يقوم على دولتين قد يُغلَق على الجميع، وهذا الامر سيكون كارثياً». وتابع «يجب ان نسعى إلى ايجاد وسيلة للتقدّم في هذا الملف، وهناك ما يدعوني الى الاعتقاد أن هناك طريقاً للمضي قدماً»، مؤكداً للكونغرس «التزام الرئيس اوباما الشديد حلّ الدولتين».
من جهة اخرى، عبّر كيري عن نيّته «مواصلة تعزيز العلاقة مع الصين وإعادة التوازن اليها... لأن هذا أمر حيوي بالنسبة الينا». واستعاد الموقف الذي كانت عبرت عنه الخارجية الاميركية منذ اشهر لجهة اعتبار الصين «منافساً اقتصادياً وليست خصماً استراتيجياً» .كما أيّد مزيداً من «التعاون» مع بكين في الملفات الدولية الكبرى على غرار التغير المناخي وسياسة الطاقة. وقال ايضاً إن «الصين تتعاون معنا حول ايران» و«اعتقد اننا نستطيع القيام بالمزيد، ربما في شأن كوريا الشمالية».
أما حول العلاقات مع روسيا، فاعترف كيري بأنها «شهدت بعض التراجع في السنوات الأخيرة» لكنه «سيبذل جهده لإحداث تقدم فيها». ومستكملاً جولته على مختلف المواضيع، أشار كيري الى ان «السياسة الخارجية الاميركية تتحدد ايضاً على صعيد الأمن في الغذاء والطاقة والمساعدات الانسانية والتنمية ومكافحة الامراض». كما وضع «المسألة الحيوية للتغير المناخي» ضمن أولوياته أيضاً تماشياً مع ما كان قد أعلنه أوباما أخيراً.
(الأخبار)