أقرّت فرنسا أمس بأن حربها في مالي ستطول بسبب صعوبة الخصم الذي تواجهه، في وقت سجلت فيه أمس أول مواجهة مباشرة بين القوات الفرنسية والمقاتلين الإسلاميين في مدينة ديابالي بوسط البلاد. وأعلن وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان، أمس، أن حملة بلاده على المتمردين الإسلاميين في مالي ستكون طويلة، مقراً في الوقت ذاته بأن التدخل العسكري «شديد الصعوبة». وكشف أن القوات الفرنسية تتقدم نحو الشمال المالي الذي يقع تحت سيطرة الإسلاميين، بعد نشر بعض القوات البرية في العاصمة باماكو.
ورأى لو دريان أن التدخل الفرنسي ضد الحركات الإسلامية المسلحة «يسير جيداً» في القطاع الشرقي من منطقة النزاع، فيما يواجه وضعاً صعباً في المنطقة الغربية من مالي، حيث تتمركز المجموعات الأكثر قوة وتعصباً وتنظيماً وتصميماً وتسلحاً.
بدوره، أعلن قائد أركان الجيوش الفرنسية، الأميرال إدوار غيوه، أن القوات الفرنسية تواجه «نزاعاً من نوع حرب العصابات» وهي معتادة هذا النوع من القتال، مؤكداً أن قواته مستعدة لطرد المقاتلين الإسلاميين من مالي بأسرها.
ميدانياً، ذكرت مصادر عسكرية أن قوات برية فرنسية وقوات من جيش مالي طوقت المقاتلين الإسلاميين في بلدة ديابالي بوسط البلاد. وقال مصدر عسكري إن القوات الفرنسية قامت بتأمين مدينة نيونو لوقف تقدم الإسلاميين إلى سيجو، فيما أمّن جيش مالي منطقة الحدود مع موريتانيا. بالمقابل، أكد المتحدث باسم جماعة أنصار الدين، أبو الحبيب سيدي محمد، أن الجهاديين لا يزالون يسيطرون على مدينة كونا في وسط ماليو. وفي شريط فيديو مسجل، قال سيدي محمد، الذي كان يتحدث من أمام مركبة مدرعة مغطاة بعلم الجهاديين: «نحن حالياً في كونا، ما ترونه هو مركبة مصفحة للجيش المالي».
من جهة أخرى، أعلن قائد جيش مالي إبراهيم ديمبيلي، أن قوات غرب أفريقيا قد تبدأ في الانتشار في مالي خلال الثماني والأربعين ساعة المقبلة. وأوضح أن «المشكلة التي نواجهها لوجيستية، وهناك مشكلة تتعلق بتحديد الأماكن التي يمكن الفرق التمركز بها... سننتشر أولاً في مناطق انتقالية قبل الاشتباك مع العدو على الأرض، وهو ما يجب أن يحدث قريباً جداً خلال الساعات الثماني والأربعين المقبلة».
سياسياً، قالت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل إن «الإرهاب في مالي تهديد لأوروبا». وقالت، في مؤتمر صحافي عقدته في برلين مع رئيس ساحل العاج الحسن وتارا، إن «ألمانيا ترى أن الوضع في المنطقة جزء من وضعها الأمني؛ لأن الإرهاب في مالي كما هو معروف ليس تهديداً لأفريقيا فقط، بل لأوروبا أيضاً». بدوره، اوضح وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا أن العمليات العسكرية الجارية في مالي ليست حرباً فرنسية.وقال بانيتا، في مقابلة صحافية في مقر السفارة الاميركية في روما، «في مالي لا اعتقد ان ما يجري هو حرب فرنسية، لكن يتعين بذل جهد دولي».
من جهة أخرى، أعلنت الحكومة الألمانية وضع طائرتي نقل من نوع ترانسال في تصرف المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا للمساهمة في العملية العسكرية في مالي. وفي روما، أعلن وزير الخارجية الإيطالي جوليو تيرسي استعداد إيطاليا لتقديم دعم لوجستي للعمليات العسكرية الجارية في مالي.
إلى ذلك، فتحت مدعية المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا تحقيقاً أمس في جرائم حرب محتملة ارتكبت منذ كانون الثاني على أراضي مالي. وقالت بنسودا، في بيان: «لقد توصلت إلى نتيجة أن بعض هذه الأعمال الوحشية والدمار يمكن أن تشكل جرائم حرب بحسب اتفاقية روما» المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية.
(أ ف ب، رويترز)