عندما اتفق على موعد 24 تشرين الثاني، كان الطرفان الإيراني والأميركي في ذروة جمع الأوراق. من الملف النووي ومرفقاته من العقوبات من جهة، إلى ملف الحروب المندلعة في المشرق العربي. وكانت واشنطن تراهن بقوة على تراجع إيراني سببه ما حصل في العراق. لكنّ تطورات العراق اللاحقة ونجاح إيران وحلفائها في احتواء هجوم «داعش» وبدء ضربه، ثم ما حصل من خلال سيطرة «أنصار الله» المقرّبة من إيران على القرار الأساسي في اليمن، واستمرار تعثر مشروع الغرب في سوريا، كل هذه العناصر، جعلت التوازن يعود بما يمنع على الولايات المتحدة الحصول على تنازلات إضافية من إيران.
بناءً عليه، منذ الاجتماعات التي عقدت في سلطنة عمان، ثم ما حصل خلال نهاية الأسبوع الماضي، كان الجميع يدرك أنه لا مجال لحصول تفاهم جاد وحقيقي ومستدام. فصار النقاش يقتصر فعلياً على «المخرج» المناسب للطرفين في الانتقال إلى مرحة جديدة من «ربط النزاع».
الخيارات المتاحة كانت محدودة، أما إعلان فشل المحادثات والذهاب نحو المواجهة القاسية مع ما لذلك من انعكاسات ليست في الحسابات الأميركية مقابل المزيد من الضغوط الاقتصادية على إيران، أو البحث في نصف تسوية تتيح لإيران إظهار الاستعداد لبحث إضافي في أصل الملف مقابل تجميد العقوبات والإفراج عن أموالها المحتجزة لدى الغرب. وهو فعلياً، ما يمكن الخروج به من قرار تمديد المفاوضات لسبعة أشهر إضافية، من دون أن يلتزم الطرفان أي برنامج يحدّ من المعارك القائمة على الأرض مباشرة أو بالواسطة.
التفاوض سيكون على اتفاق سياسي على الأرجح بحلول 1 آذار


ورغم النفحة التفاؤلية التي طغت على معظم التصريحات التي تلت خاتمة المهلة التي كان من المفترض أن تكون نهائية، إلا أن هذه النتيجة تشكل فشلاً جزئياً، قياساً إلى الهدف الطموح للتوصل إلى اتفاق شامل، ما قد يثير موجة انتقادات لدى المتشددين في واشنطن وطهران، المعارضين للرئيس الأميركي، باراك أوباما، ونظيره الإيراني حسن روحاني.
وقرّرت الأطراف تمديد الاتفاق المرحلي الذي وقّع في جنيف قبل عام، لمدة سبعة أشهر، فيما سيجري الإعداد لعقد اجتماع أول في كانون الأول، في مكان ومستوى لم يحددا بعد. ولكن مصدراً مقرباً من المحادثات، أفاد بأن فيينا وسلطنة عمان من الأماكن المرشحة لمباحثات الشهر المقبل، فيما أعلن دبلوماسي غربي، لوكالة «فرانس برس»، أن التفاوض سيكون على «اتفاق سياسي على الأرجح بحلول 1 آذار 2015»، ثم «الملحقات» لتسوية كاملة «بحلول 1 تموز» المقبل.
وبعد النتيجة التي توصل إليها المفاوضون، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، مساء أمس، إنه «جرى تضييق الكثير من الفجوات وتقريب المواقف بيننا وبين الجانب الآخر»، خلال المحادثات في فيينا، فيما دافع وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بقوة عن قرار التمديد، مرحباً «بالتقدم الحقيقي والمهم» الذي أُحرز بعد أسبوع من المداولات في العاصمة النمسوية، وحضّ المجتمع الدولي والكونغرس الأميركي على دعم تمديد المفاوضات.
وقال كيري في مؤتمر صحافي، إنه «ليس وقت التراجع الآن»، مشيراً إلى أن إيران ومجموعة «5+1» ستتفاهم «بحلول أربعة أشهر»، أي في آذار، على «النقاط الرئيسية» لاتفاق مستقبلي، في وقت كشف فيه وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، عن أن طهران، وخلال فترة التمديد، ستواصل الاستفادة من تخفيف في العقوبات بقيمة 700 مليون دولار تقريباً شهرياً.
ومن جهته، أكد روحاني أنه سيجري التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي مع القوى العظمى، مشيراً إلى أن العقوبات سترفع تدريجياً.
وأضاف روحاني، الذي ناقش الملف النووي هاتفياً مع الرئيس الروسي فلاديمير يوتين، أن «هذه الطريقة في المفاوضات ستؤدي إلى اتفاق نهائي. وقد رُدم معظم الفجوات»، مؤكداً أنه «لا يوجد طريق آخر غير التفاوض». وأوضح روحاني أنه «كان لدينا هدفان مهمان: عدم التخلي عن برنامجنا النووي والعمل على رفع العقوبات». وقال في إشارة إلى برنامج تخصيب اليورانيوم، إحدى النقاط الشائكة في المفاوضات: «طوال كل هذا الوقت، استمرت أجهزة الطرد المركزي في العمل وأعد الأمة الإيرانية بأنها لن تتوقف عن العمل».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)