تبدو الجولة الأخيرة من المحادثات حول الملف النووي الإيراني على المحك، وسط حالة من الجمود والتشاؤم، عبرت عنها التصريحات التي أدلى بها مسؤولون غربيون، في وقت استبعد فيه رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، إجراء تعديلات إضافية على تصميم مفاعل «آراك» النووي، الذي يتذرع الغرب بالخشية من استخدامه لتصنيع قنبلة ذرية.
وقد أكد كل من وزير الخارجية الأميركي جون كيري، ونظيره الفرنسي لوران فابيوس، أمس، أن رأب صدع الخلافات مع إيران بشأن برنامجها النووي، بحاجة لبعض الوقت، فيما أعلن المفاوض الروسي، سيرغي ريابكوف، أن المفاوضات تجري في فيينا في «جو من التوتر» ما يجعل من «الصعب جداً» التوصل الى اتفاق.
وغداة تصريح وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، بأنه غير متفائل بإمكانية التوصل إلى اتفاق، وتلميحه إلى إمكانية تمديد مهلة المفاوضات، صرّح فابيوس، خلال مؤتمر صحافي مع كيري، بأن «نقاط الخلاف الرئيسية لا تزال قائمة»، معرباً عن أمله في أن «نتمكن من تقليصها، في الأيام المقبلة، لكن ذلك سيتوقف على توجه الإيرانيين»، الأمر الذي أثنى عليه كيري، مشدداً في الوقت ذاته على أن القوى الكبرى التي تجتمع مع مسؤولين إيرانيين في فيينا، موقفها موحّد حتى لو كانت هناك «خلافات محدودة» بينها.
وفي مؤتمر صحافي آخر في مقر السفارة الأميركية في باريس، قال كيري رداّ على سؤال حول إمكانية تمديد المفاوضات إلى ما بعد 24 تشرين الثاني، إنه لم يجرِ التطرق لهذه المسألة، كما أكد قبل مغادرته إلى فيينا في وقت لاحق، «أننا لا نبحث تمديداً ونتفاوض في محاولة للتوصل إلى اتفاق»، مضيفاً أنه «إذا وصلنا إلى الساعة الأخيرة وكنا بحاجة إلى النظر في بدائل أخرى فعندئذ سوف نبحثها».
وأيضاً، انضم المفاوض الروسي، سيرغي ريابكوف، إلى مجموعة المتشائمين من التوصل إلى اتفاق في الوقت المحدد. فقد صرّح، أمس، بأنه «في الوضع الحالي، وما لم يحصل دفع جديد، فسيكون من الصعب جداً التوصل إلى اتفاق»، مؤكداً في الوقت ذاته أن «المفاوضات تجري في أجواء توتر شديد».
وقال ريابكوف، وفق ما نقلت عنه وكالة «ريا نوفوستي»، إن «الوقت يمر، وتتواصل اللقاءات بجميع الصيغ بلا انقطاع»، موضحاً أنه «ربما يتطلب التوصل الى حلول للمشاكل التي تبرز مع تقدم النقاشات، تلقي الوفود تعليمات إضافية، وأخذها الأجواء بعين الاعتبار»، لكن ريابكوف رأى أن «فرصة مماثلة لما لدينا اليوم نادرة جداً»، مشيراً إلى أنها «لحظة محورية ستمثّل إضاعتها خطأ فادحا تنتج عنه عواقب وخيمة».
أما على الجانب الإسرائيلي، الذي يسعى إلى استثمار اللحظات الأخيرة، لعرقلة أي اتفاق ممكن، فقد دعا وزير الشؤون الاستراتيجية والاستخبارية، يوفال شتاينتس، الدول العظمى إلى «عدم توقيع صفقة سيئة مع إيران». ولمح إلى أن إسرائيل ستلجأ إلى جميع الخيارات المتاحة أمامها، من بينها الخيار العسكري، للدفاع عن أمنها من «الخطر النووي الإيراني».
وتأتي هذه التصريحات في وقت أعلن فيه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يوكيا أمانو، أن إيران فشلت مرة أخرى في تقديم تفسيرات رداً على مزاعم عن إجراء أبحاث محتملة خاصة بالقنبلة الذرية، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، إيران ومجموعة «5+1» إلى «إظهار المرونة اللازمة والحكمة»، من أجل إنجاح المحادثات. كذلك، طالب الاتحاد الأوروبي إيران باتخاذ «القرار الاستراتيجي الذي يفتح الطريق أمام التوصل إلى اتفاق تاريخي ونهائي حول المسألة النووية». وفي مقابل كل هذه التطورات، استبعد الطرف الإيراني، على لسان علي أكبر صالحي، إجراء تعديلات إضافية على تصميم مفاعل «آراك» النووي.
وقال صالحي، بحسب ما نقلت عنه وسائل إعلام محلية: «بخصوص آراك، لقد قلنا إننا مستعدون لتصميمه على نحو يبدّد القلق. حُلّت هذه المسألة وصولاً إلى نقطة معينة بشأن الجانب التقني، ولم يعد هناك مجال لإجراء مفاوضات إضافية».
كذلك شدد على أن بلاده لن تسمح بأي تفتيش لمنشآتها، خارج إطار معاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية. وقال إن «إيران التزمت شروط المعاهدة، وطبقّت البروتوكولات الإضافية لها، ولن نقبل أي تفتيش خاص لمنشآتنا النووية».
وفي ما يتعلق بالاتفاق الذي وقعته روسيا وإيران، الأسبوع الماضي، والذي تقوم بموجبه الأولى بإنشاء محطتين جديدتين لإنتاج الطاقة النووية في بوشهر، فقد وصفه صالحي بأنه نقطة تحوّل بين البلدين.
ونفى صالحي ما نشر في وسائل إعلام غربية، عن نية إيران نقل وقودها النووي إلى روسيا، وأكد أن أبواب بلاده مفتوحة أمام التعاون مع البلدان الغربية، في ما يتعلّق بتزويدها بالوقود النووي.
من جهته، أكد رئيس مجلس الشورى الإيراني، علي لاريجاني، أن الأعداء فشلوا في إيقاف تطور إيران في المجال النووي، برغم تعنّتهم.
وقال لاريجاني، لدى وصوله إلى مدينة مشهد، إن «قادة الاستكبار العالمي كانوا قد وضعوا مخططات لتنفيذها في منطقتنا، لكن الثورة الإسلامية في إيران أحبطت تنفيذ تلك المخططات».
(الأخبار، رويترز، ا ف ب، مهر)