تحت شعار إيران أشد خطورة من «داعش»، التقى رئيس وزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في البيت الأبيض. ففي الوقت الذي دعا فيه نتنياهو، الإدارة الأميركية، إلى منع اتفاق يبقي إيران «دولة حافة نووية» مع تسهيلات اقتصادية في مقابل دعمها للحرب ضد «الإرهاب»، فإن أوباما دعا إلى تغيير الوضع الراهن في غزة والسعي إلى اتفاق سياسي.
ونقلت مصادر واكبت اللقاء أن الرئيس الأميركي ضغط على نتنياهو بشأن «مساعي السلام» في الشرق الأوسط، وقال إنه «يلزم بذل جهود لتغيير الوضع الراهن بين إسرائيل والفلسطينيين، لأنه وضع غير قابل للاستمرار». وأشار أوباما إلى الحاجة إلى إيجاد سبل للحفاظ على «سلامة الإسرائيليين من الصواريخ العابرة للحدود مع تجنب الخسائر البشرية الفلسطينية في غزة». أما نتنياهو فرد بأنه يلتزم التوصل إلى «سلام مع الفلسطينيين يلبي احتياجات إسرائيل الأمنية»، وأنه ينبغي «التفكير خارج الصندوق» بشأن المضي قدما. وأضاف أنه لا يزال مقتنعا بـ«حل الدولتين والاعتراف المتبادل بين إسرائيل والفلسطينيين».
وقبل اللقاءـ أدلى الزعيمان بمواقف أمام وسائل الإعلام، كرر فيها نتنياهو ما قاله على منصة الأمم المتحدة، مشيرا الى ضرورة استغلال «الفرص الجديدة التي أُتيحت في المنطقة، وإلى دفع عملية السلام على قاعدة دولتين لشعبين، مع اعتراف متبادل وترتيبات أمنية صلبة كالصخر». وأيضا انطلق أوباما ليؤكد «أننا سنعمل على ترميم القطاع، وإيجاد طريقة تسمح بتحقيق السلام بين الأطراف»، كما شدد على العلاقة التي لا يمكن فكها بين إسرائيل والولايات المتحدة، «والالتزام القوي اتجاه أمن إسرائيل». وفي محاولة لتخفيف حدة الخلافات بين الزعيمين، رأى الرئيس الأميركي أن نتنياهو «ليس غريبا في البيت الأبيض».
يشار إلى أن هذا اللقاء هو الأول بين الاثنين منذ سبعة أشهر، تخللتها خلافات حادة وتصريحات متبادلة على مستوى وزراء في إسرائيل وأميركا.
الجدير بالذكر أن السلطة الفلسطينية سلمت قبل وقت قصير من بداية اللقاء في البيت الأبيض، مسودة اقتراح لأعضاء مجلس الأمن تطالب فيها بالإعلان عن تشرين الثاني 2016 «تاريخا محددا لانسحاب إسرائيلي إلى حدود عام 67». ويدعو الاقتراح أيضا إلى أن تكون «القدس عاصمة لدولتين، إسرائيل وفلسطين، إضافة إلى حل مشكلة اللاجئين».
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، قد أكد ضرورة رفع الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ سنوات، وذلك خلال لقائه نتنياهو في نيويورك أول من أمس. ووفق بيان أصدره المتحدث الرسمي باسم بان، فقد عقد الأخير اجتماعا مغلقا مع نتنياهو أكد خلاله «الحاجة الملحة إلى رفع الحصار عن غزة وتلبية المخاوف الأمنية المشروعة لإسرائيل»، كما أعرب عن القلق البالغ إزاء استمرار النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
أما في الموضوع النووي الإيراني، فأبلغ نتنياهو، أوباما، أنه يأمل أن يتأكد الأميركيون من أن أي اتفاق نهائي بين إيران والقوى الكبرى «لن يسمح لطهران بأن تقف على أعتاب أن تكون قوة نووية». وقال إن منع الجمهورية الإسلامية من الحصول على قنبلة ذرية «هدف حيوي» يشترك فيه مع أوباما، لكنه حث الأخير على ممارسة «قيادته» في المحادثات النووية لمنع طهران من مجرد «اكتساب القدرة» على تطوير مثل هذا السلاح.
في غضون ذلك، نقلت القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، عن أحد كبار مستشاري الرئيس الأميركي، بن رودس، قوله إن بلاده ترى في المشروع النووي الإيراني تهديدا كبيرا، «لكنها (طهران) تختلف عن داعش لأن من الممكن مواجهتها ديبلوماسيا». وأكد رودس أن الأميركيين يؤمنون بحل الدولتين، وأن علاقاتهم مع إسرائيل لم تتضرر في أعقاب عملية «الجرف الصامد».
في السياق، نقل موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني عن نائب وزير الخارجية الأميركية، وليام برنز، الذي شارك في الجولة الأخيرة من المحادثات بين إيران والسداسية الدولية، قوله إن الفجوة بين الأطراف جوهرية «رغم الاستعداد الأميركي للسماح لإيران بتخصيب معين لليورانيوم». في المقابل، يريد الأميركيون إبعاد الجمهورية مسافة سنة عن القفز باتجاه إنتاج قنبلة نووية، وذلك للتمكن من تشخيص أي مخطط في هذا الاتجاه خلال الموعد المطلوب. ولفت الموقع إلى أن تل أبيب تعارض بالمطلق امتلاك إيران القدرة على التخصيب، «لكنها مستعدة لحل وسط يبعد طهران عن القنبلة النووية لمدة 3-5 سنوات من اللحظة التي تقرر فيها التقدم نحو صناعة قنبلة».

(الأخبار، رويترز، الأناضول)