أعلن الرئيس التركي المنتخب رجب طيب اردوغان، من دون مفاجآت وعلى نحو غير مباشر، اختيار وزير الخارجية احمد داود اوغلو، لتولي منصب رئيس الحزب الحاكم، ورئيس الوزراء المقبل. وإثر اجتماع اللجنة التنفيذية لـ«حزب العدالة والتنمية» الحاكم، استمر ساعات، أعلن اردوغان اسم خلفه امام اركان الحزب، على وقع تصفيق حاد. وقال «أعتقد أن مرشحنا لرئاسة الحزب ولمنصب رئيس الوزراء سيحقق مثَل تركيا الجديدة (شعاره الانتخابي) وأهداف حزب العدالة والتنمية لعام 2023»، في إشارة إلى الذكرى المئة لقيام الجمهورية.
وأوضح أردوغان في كلمته أن «العزم والحزم اللذين أظهرهما داود أوغلو في مكافحة الكيان الموازي، أسهما في ترشيحه لرئاسة الحزب ورئاسة الوزراء»، لافتاً إلى أن هذا القرار جاء على ضوء استشارات مكثفة في الحزب.
وتعهد أردوغان الوقوف إلى جانب مرشحه في مكافحة «الكيان الموازي»، وفي مسيرة «السلام الداخلي».
وجدير بالذكر أن الإعلان الرسمي عن تعيين داوود أوغلو لرئاسة الحزب، وبالتالي رئاسة الوزراء، سيجري في المؤتمر العام لـ«حزب العدالة والتنمية»، الذي سيعقد في 27 آب، ليكون بذلك داوود أوغلو، رئيس وزراء الحكومة الـ62 في تاريخ الجمهورية التركية.

الإعلان الرسمي
سيتم في 27 آب
الحالي

وبعيد اختياره، صرح داوود اوغلو «شرف لي أن أعين في هذا المنصب ... سأواصل حركة الاصلاح التي بدأت قبل 12 عاما»، مضيفاً «أؤكد لكم أن وحدة حزبنا ستصان ... إن مؤتمرنا ليس مقررا ليكون مسرحا للانقسامات، بل على العكس لتوحيد حزبنا وتعزيزه». ومنذ أيام عدة أكدت العديد من المصادر القريبة من «حزب العدالة والتنمية» أن قيادة الحزب الذي يحكم تركيا منذ 2002 اختارت الجامعي داوود اوغلو (55 عاما).
ومنذ أيام، أكدت العديد من المصادر القريبة من «العدالة والتنمية» أن قيادة الحزب، الذي يحكم تركيا منذ 2002، اختارت الجامعي داوود اوغلو (55 عاما). وحتى رئيس الدولة الحالي عبد الله غول، رفيق درب اردوغان، الذي يرى عدد من المراقبين انه بات خصما له داخل الحزب الحاكم، فقد قال في آخر اجتماع له في القصر الجمهوري مساء الثلاثاء الماضي «بحسب ما فهمت فإن احمد داوود اوغلو سيكون رئيس الوزراء المقبل».
وهذا الجامعي المتخصص في العلاقات الدولية والملتزم دينيا، يعدّ مقربا من اردوغان ووفيا له، وكان في خدمته منذ وصوله إلى منصب رئيس الوزراء في 2003. في البداية كمستشار دبلوماسي، ثم بصفته وزيرا للخارجية منذ عام 2009.
وانتقل داوود اوغلو من التنظير في الجامعة إلى ممارسة دبلوماسية تركية جديدة أطلق عليها النزعة «العثمانية الجديدة»، وتقوم على عودة تركيا إلى دائرة التأثير الأولى في مناطق نفوذ السلطنة العثمانية، وخصوصا في الشرق الأوسط، لكن هذه السياسة، التي وضعت تحت شعار «صفر مشاكل مع الجيران» تراجعت مع «الربيع العربي» في 2011، حيث تدهورت علاقات أنقرة مع سوريا ومصر، وحتى إسرائيل حليفة الأمس.
ولا يتوقع من مهندس هذه الدبلوماسية، ذات النجاحات المتفاوتة، التي باتت عرضة للانتقادات أكثر فأكثر، والوفي لاردوغان، الفائز بأول انتخابات رئاسية مباشرة في تركيا من الدور الأول، توجيه أي انتقاد إلى سياسة الرئيس المنتخب.
وقال النائب المعارض ايكان اردمير «يمكننا أن نتوقع تعيينه رئيسا للوزراء بسبب نجاحاته لا بسبب إخفاقاته». وتوقع كغيره من كثير من المحللين الا يتمكن داوود اوغلو من الاعتراض على سلطة اردوغان، الذي فاز بتأييد 52 في المئة من الناخبين في الانتخابات الرئاسية التي جرت في العاشر من آب.
ويأمل اردوغان (60 عاما) من الانتخابات التشريعية المرتقبة في حزيران 2015 أن يحصل «العدالة والتنمية» (313 نائبا) على الغالبية الموصوفة (367 مقعدا نيابيا من أصل 500) التي تنقصه لتعديل القانون الأساسي، إلا أنه قد يسعى من دون انتظار ذلك، إلى تعديل المادة 104 من الدستور، التي تحدد صلاحيات الرئيس بمساعدة حفنة من نواب الأحزاب المنافسة، كما أفاد مصدر برلماني.
من جهته، قال رئيس أبرز أحزاب المعارضة، «حزب الشعب الجمهوري»، كمال كيليشدار اوغلو «يبدو لي أن تركيا دخلت عهد رؤساء الوزراء الدمى».
بدوره، قال الكاتب والصحافي حسن جمال «بديهي أن يستمر (الرئيس الجديد) في مهماته الجديدة على درب الرجل الأوحد ودولة أردوغان».
ومنذ ايام تحفل الصحف التركية بالتخمينات بشأن خليفة داوود اوغلو في وزارة الخارجية، وفي طليعة الأسماء المتداولة مدير الاستخبارات حقان فيدان، الذي يوصف بأنه «كاتم أسرار» عهد اردوغان، كما طرح اسم وزير الشؤون الأوروبية مولود شاوش اوغلو، ووزير الثقافة عمر تشيليك.
(أ ف ب، الأناضول)