:تشهد الساحة الباكستانية تطورات متسارعة، تسببها حركة الاحتجاج التي أطلقها المعارضان عمران خان وطاهر القادري، الأمر الذي يزيد من انعدام الاستقرار في هذا البلد. فقد دعا الجيش الباكستاني، الذي يتمتع بنفوذ كبير في البلاد، إلى الحوار، أمس، لحل الأزمة السياسية، بعدما تجمّع الآلاف من مؤيدي خان والقادري أمام البرلمان مطالبين بحلّه وباستقالة الحكومة.
وتلبية لهذه الدعوة، اجتمعت لجنة حكومية أمام البرلمان وسط حشد المتظاهرين، مع أعضاء في أوساط القادري، في ظل امتناع عمران خان عن تلبية الدعوة، إلا بعد اسقالة شريف.
وأمس، اقتحم المتظاهرون الذي تجمعوا، منذ مساء الجمعة، بالقرب من وسط العاصمة، «المنطقة الحمراء»، حيث مقر البرلمان ومقر إقامة رئيس الوزراء والسفارات الرئيسية، من دون سابق إنذار، وذلك للمطالبة باستقالة الحكومة برئاسة نواز شريف، مشيرين إلى أنها مشوبة بالتزوير والفساد الذي أدى إلى زيادة نسبة الفقر في البلاد.

أكد الجيش أن
الوضع يستدعي التصرف بروية وحكمة


ونجح المتظاهرون في الدخول إلى المنطقة، برغم السواتر التي أقامتها قوات الأمن من خلال نشر حاويات ضخمة وتسليم الجيش مسؤولية تأمين هذه المنطقة. ودخل هؤلاء إلى المنطقة بسهولة، من دون صدامات أو عنف، في الوقت الذي لم تبد فيه قوات الأمن أي مقاومة لتقدمهم.
وفي مقابل ذلك، دعا الجيش إلى الحوار بهدف إنهاء الأزمة التي أصابت العاصمة إسلام أباد بالشلل، منذ قرابة أسبوع.
وقال المتحدث باسم الجيش، إن «الوضع يستدعي التصرف بروية وحكمة من كافة الأطراف لإنهاء الأزمة الحالية عبر حوار عميق هو في مصلحة الأمة».
وبالفعل، بدأت الحكومة الباكستانية على أثر ذلك، حواراً مع ممثلي المتظاهرين. ومساءً اجتمعت لجنة حكومية أمام البرلمان وسط حشد من المتظاهرين، مع أعضاء في أوساط القادري، لكن عمران خان رفض أي حوار مع السلطات. وقال «إننا مستعدون للحوار، لكن على رئيس الوزراء أن يستقيل قبل ذلك». وكان هذا الأخير قد هدد في وقت سابق بالسير إلى مقر رئيس الوزراء، إذا لم يستقل قبل منتصف ليل الأربعاء.
كذلك في هذه الأثناء، اجتمع رئيس أركان الجيش الباكستاني رحيل شريف مع أعضاء في الحكومة في مقر عام الجيش.
ولكن في بلد شهد ثلاثة انقلابات منذ استقلاله في عام 1947 ولا يزال التوازن فيه بين السلطات المدنية والجيش القوي يمثل مصدراً مستمراً للتكهنات، تحوم الشكوك حتى الآن حول دور الجيش في هذه الأزمة.
وفي هذا الإطار، قالت المحلّلة العسكرية عائشة صديقة إن «العسكريين اختبروا نواز شريف ثلاث مرات، وأصيبوا في كل مرة بخيبة أمل»، متسائلة «لماذا سيساعدونه على البقاء في الحكم هذه المرة إذن؟».
ففي عام 1999 خلال ولايته الثانية، نفذ قائد الجيش حينها برويز مشرف انقلابا على نواز شريف. ووجهت التهمة إلى مشرف حينها بالخيانة العظمى، في سابقة في تاريخ باكستان.
وفضلا عن قضية مشرف، يتحفظ الجيش بشأن التقارب مع الهند، ويبدي استياء من تأخّر نواز شريف في شنّ هجوم على معاقل «طالبان» في ولاية شمال وزيرستان على الحدود مع أفغانستان، الذي بدأ منتصف حزيران.
ومن جهة أخرى، يفيد بعض المعلقين بأن عمران خان وطاهر القادري، يحاولان استمالة الجيش، أو على الأقل قسم من جهاز الاستخبارات، لزيادة الضغوط على الحكومة.
(رويترز، أ ف ب، الأناضول)