قبل أيام قليلة من الانتخابات الرئاسية في تركيا، لم يغيّر رئيس الوزراء والمرشح الرئاسي رجب طيب أردوغان من نبرته الاستفزازية ولا من أسلوبه غير المتزن، بل على العكس، ربما وجد أن السبيل الأكثر سهولةً لزيادة الاستقطاب والفرز وحصد أكبر عدد من الأصوات قبيل الاستحقاق الرئاسي هو في التصعيد من حدّة خطابه داخلياً بواسطة التحريض الإثني تارةً والطائفي طوراً.
آخر «مآثر» أردوغان في هذا الصدد، تصريحاتٌ مستفزة تجاه الأرمن أثارت جدلاً واسعاً، إذ تطرق أردوغان في مقابلة تلفزيونية مع قناة «إن تي في»، أول من أمس، إلى إشاعات أطلقها خصومه عن أن أردوغان ذو أصول أرمنية، قائلاً «قال البعض إنني من اصل جورجي. والاسوأ حتى إنهم قالوا، وهنا اطلب منكم المعذرة، إني ارمني. على حد علمي قال لي جدي وابي إني تركي». عبارة أردوغان التي تعاطت مع الأصل الأرمني كأنه إهانة، أثارت استياءً عارماً ظهر في وسائل الإعلام وعلى مواقع التواصل الاجتماعي خصوصاً.
وقالت صحيفة «ميلييت» إن نائباً نافذاً من حزب المعارضة الرئيسي، حزب «الشعب الجمهوري»، خورشيد جوناش رفع أمس، شكوى ضد رئيس الحكومة بسبب «تصريحات عنصرية». من جهته، علّق الصحافي التركي هايكو بغدات، ذو الأصل الأرمني، على تصريحات أردوغان، عبر تويتر قائلاً «اعذرني لكن ارحل وترشح لتصبح رئيس بلد آخر».
تجدر الإشارة إلى أن أردوغان دعا في نهاية الأسبوع الماضي زعيم «الشعب الجمهوري» كمال كليتشدار أوغلو، بأسلوب استفزازي، إلى تأكيد انتمائه إلى الطائفة العلوية، لتتسم بذلك حملة أردوغان الانتخابية بالتحريض الطائفي والإثنية وإذكاء الاستقطاب في البلاد بصورة مبتذلة.

أثارت تصريحات
أردوغان المستفزة تجاه الأرمن جدلاً واسعاً

من جهته، انتقد مرشح المعارضة أكمل الدين إحسان أوغلو «أسلوب الخطاب الذي تشهده الساحة السياسية عشية الانتخابات»، مشيراً إلى ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية على مسافة واحدة من جميع الأطياف.
جاء ذلك خلال تصريح له عقب اجتماعه مع ممثلي المنظمات الأهلية العلوية في أحد فنادق اسطنبول، أشار فيه إلى أنه «على اطلاع على كيفية تلبية المطالب المشروعة والمحقة للعلويين في تركيا».
وأكد إحسان أوغلو ضرورة أن يكون رئيس الجمهورية ممثلاً لـ 76 مليون مواطن تركي، من دون التمييز بين أي منهم على أساس الدين أو العقيدة أو العرق أو القومية أو اللغة أو الجنس.
ورأى إحسان أوغلو أن تركيا لم تشهد قط أسلوباً مماثلاً للخطاب السائد حالياً، وهي التي تشهد انتخابات منذ 70 عاماً، مضيفاً أن «أسلوب التنابز بالألقاب والسخرية المنهي عنه في القرآن قوبل بالاستغراب من قبل الشعب التركي».
من جهة أخرى، وعلى خلفية الاتهامات التي وجهت إلى عدد من عناصر الشرطة بانتمائهم إلى جماعة فتح الله غولن، الذي تسميه أنقرة «الكيان الموازي»، أصدرت السلطات قراراً بكف اليد عن العمل لغاية انتهاء التحقيق، بحق 31 شرطياً من أصل 33 صدر بحقهم قرار بالتوقيف. ويأتي ذلك في ظلّ التحقيق الذي تجريه النيابة العامة في اسطنبول في شأن عمليات تنصت غير قانونية، وشمل ولايات أنقرة، ووان، وماردين، وباطمان، وهكاري وديار بكر، وغيرها.
(أ ف ب، الأناضول)