انقرة | ■ لماذا لم تخض الانتخابات الرئاسية؟ هل اخفاق الحزب في تحقيق نتيجة جيدة في الانتخابات البلدية وراء ذلك؟ ــ لم أفكّر في ذلك أبداً، احتراماً مني للدستور التركي، الذي ينص على أن رئيس الجمهورية يجب أن يكون حيادياً، وبالتالي اذا اختار رئيس حزب معين أن يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية، فهذا سيكون له أثر سلبي على موقع الرئاسة.

أما القول إن خسارتنا في الانتخابات المحلية وراء قرارنا بعدم خوض الانتخابات الرئاسية، فأوكد أن حزب «الشعب الجمهوري» لا يتقاعس عن أداء دوره في مواجهة الفساد، وفي تحقيق الأفضل لتركيا. والقرار كان بأن نخوض الانتخابات كقوى معارضة بمرشح قوي في مواجهة حزب العدالة والتنمية الحاكم.

■ ما حظوظ مرشح المعارضة اكمل الدين احسان أوغلو في منافسة رجب طيب أردوغان؟
ــــ اكمل الدين احسان أوغلو من رجال العلم المرموقين في تركيا، وله شهرة واحترام على الصعيد الدولي. عندما اقترحناه لمنصب رئاسة الجمهورية أخذنا في الاعتبار حنكته السياسية وحكمته وخبرته وعلاقاته الدولية، وأنه ليس عضواً في أي حزب سياسي.
هناك مشكلتان أساسيتان تتعلقان بترشيحه، الأولى أن الوقت داهمه قبل أن يتمكن من تقديم برنامجه الانتخابي، والقيام بحملته الدعائية بالشكل الذي كنا نتمناه. والمشكلة الثانية هي أن رجب طيب أردوغان يستفيد من الإمكانات المتاحة امامه بصفته رئيس الحكومة لخوض حملته الانتخابية. برغم ذلك، الخط البياني لترشيح احسان أوغلو يتطور إيجاباً، وبدأ في التصاعد، ولا شك انه سيتصاعد اكثر في الايام المقبلة.

■ بعد ١٠ سنوات على حكم الإسلاميين، كيف ترى وضع تركيا؟
ــــ تركيا دولة علمانية ولا تنتهج مواقفها بناء على اسس دينية او طائفية ابداً، لكن اردوغان وحزبه يلجآن الى تصرفات معاكسة تماماً. يمارسان السياسة في باحات الجوامع، ومنها يشنّان حملاتهما الدعائية، ويستغلان المشاعر الدينية والعقائدية للمواطنين، لأغراضهما الشخصية. اردوغان يلجأ الى استغلال الدين في ممارسة السياسة، فيما هو غارق في كل انواع الفساد، وتدنّى احترامه، وخصوصاً على الصعيد العالمي الى مستوى الصفر. ولا شك في ان تركيا ستدرك هذه الحقيقة في الايام المقبلة.

■ يبدو من استطلاعات الرأي ان اردوغان يتجه للفوز بالرئاسة. هل وضعت المعارضة خططاً لمواجهة طموحه بالسيطرة على كل سلطات الدولة؟
ــــ لا نتوقع فوز اردوغان. نحن نخطط لفوز السيد احسان أوغلو، وهذا سيكون في مصلحة علاقات تركيا مع دول المنطقة، ومع مسيرة انتمائها الى الاتحاد الاوروبي. وستكون تركيا دولة ذات مكانة موثوق بها على الصعيدين الاقليمي والعالمي.

■ كيف تقوّم موقف الحكومة التركية حيال ما يجري في غزة؟
ــــ العلاقات التركية التجارية والعسكرية مع إسرائيل شهدت تطوراً ملحوظاً في عهد حكومة أردوغان، الذي يرفع صوته بتصريحات ضد إسرائيل ترمي الى الاستهلاك الداخلي.

أردوغان يستغل الدين في ممارسة السياسة


فوز إحسان أوغلو
هو ضمن انتماء تركيا إلى الاتحاد الاوروبي
تحدّيته في خطاب لي أخيراً أن يؤكّد وقوفه ضد إسرائيل بإغلاق قاعدة كورجيك، التي تزوّد الدولة العبرية، عبر الرادارات مباشرة، بكل المعلومات الأمنية التي تحتاج إليها. ونتحدّاه أن يقطع العلاقات التجارية والسياسية مع اسرائيل إن كان صادقاً.
اردوغان يلعب على حبلين: يرفع صوته بالصراخ، لكنه من وراء الستار يواصل علاقاته مع اسرائيل.

■ هل يمكن أن تتخذوا إجراءات كهذه ضد اسرائيل في حال وصول مرشحكم الى سدّة الرئاسة؟
ــــ في تركيا، هناك فرق بين منصبي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء. رئيس الجمهورية يعبّر عن موقف البلاد على الصعيد الدولي على نحو متزن، لكن رئيس الحكومة هو من يرأس السلطة التنفيذية، وهو صاحب القرار، وهذا بحسب الدستور النافذ حالياً. حتى نحن لسنا قادرين على تقديم وعود معينة الى الرأي العام في حال فوز احسان أوغلو. هذا غير وارد.
ما سيفعله مرشحنا في حال فوزه هو نفسه ما يفعله الرئيس الحالي عبد الله غول اليوم من حيث المكانة. لكننا نرى أن تركيا تحتاج في هذا الموقع الى شخص من قماشة إحسان أوغلو، يؤثر ايجاباً على علاقات تركيا مع دول المنطقة ومع مع الدول الاوروبية وعلى الصعيد العالمي. فهو ترأس الأمانة العام لمنظمة التعاون الاسلامي، التي تضم سبعاً وخمسين دولة في عضويتها، وهي تعمل ضمن توازن معين، وطبعا سبق أن اتخذ قرارات معينة عندما كان أميناً عاماً للمنظمة، لوضع حد للمشاحنات بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني، وكان له دور فاعل على الصعيد الدولي يمكن استثماره لحل أزمات المنطقة.

■ تسارعت الأحداث في العراق، وبات البلد الجار لتركيا امام شبح التقسيم. هل ترى حلم الأكراد بقيام دولة قابلاً للحياة؟
ــــ نحن في الحزب نقف إلى جانب وحدة الأراضي العراقية، ونريد أن نرى عراقاً قوياً ومستقراً وبعيداً عن المشاحنات الداخلية. بالتأكيد نشعر بالقلق من التطورات الاخيرة التي تشير الى خطر تقسيم الاراضي العراقية والسورية، ومن دعم بعض دول المنطقة للمجموعات المتطرفة في سوريا والعراق.

■ شن الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم هجوماً واضحاً على اردوغان. كيف تقوّم دور تركيا في الأزمة السورية، وهل هناك إمكانية لدى المعارضة لتحسين العلاقات بين البلدين؟
ــــ نريد ان نعيش بسلام مع كل شعوب الشرق الاوسط. وكنا، ولا نزال، مع تحسين العلاقات بين سوريا وتركيا، اللتين تربط شعبيهما علاقات وصلات رحم. سبق أن دعونا الى عقد مؤتمر دولي من اجل سوريا بمشاركة المناصرين للرئيس الأسد والمعارضين له لوقف اطلاق النار وتحقيق السلام، لكن حكومة اردوغان لم تقبل ذلك. أملنا أن يجري في المستقبل القريب انهاء هذا الوضع في سوريا، التي تربطنا بها اطول الحدود البرية، والتي ليس من السهل مراقبتها. أضف أن للأحداث السورية تأثيراتها السلبية الأخرى علينا، ففي بلادنا اليوم اكثر من مليون مواطن سوري. لا بد من وضع حد لهذه المأساة.

■ ماذا عن الموقف من أزمة تركيا مع مصر؟
ــــ نحن ضد أي تدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد كان. فكل بلد له إدارته وسلطته وحقوقه وقوانينه، وكل شعب يقرر مصيره بنفسه. من اجتمعوا في ميدان التحرير في القاهرة أطلقوا هتافات من أجل الحرية والديمقراطية، لكننا شهدنا انقلاباً عسكرياً بعد ذلك خفف مما كان يطالب به المجتمعون في ميدان التحرير، من حيث الديمقراطية والحرية. نحن ضد الانقلابات العسكرية، لكننا نرى أن في مصر اليوم حكومة جديدة، ونحن في تركيا ننادي دائماً بأن يجري الانتقال إلى الديمقراطية بأقرب وقت وبأقرب لحظة، وأن يجري اللجوء إلى صناديق الاقتراع فوراً لاجراء انتخابات نزيهة، تمهيداً لتعزيز قوة الديمقراطية والالتزام بحقوق الانسان أكثر، ولوضع حد لانتهاكات حقوق الانسان.
وصدرت بعض الاحكام باعدام عدد كبير من المواطنين في مصر أخيراً، ونحن في حزب الشعب الجمهوري في اجتماع جمعية الحزب اكدت وقوفنا ضد هذه الظاهرة... كان يمكننا في تركيا أن نطلق بعض الرسائل تجاه مصر، وكنا ندعو مصر الى اتخاذ التدابير لهذه النقاط، كما سبق أن طلبنا من سوريا، لكن الموقف الذي اتخذته الحكومة التركية تجاه مصر ليس صواباً، ولم يكن صواباً ابداً. سبق أن أوفدنا اثنين من نوابنا في حزب الشعب الجمهوري، إلى مصر للتعبير عن اراء حزبنا، وطبعاً اطّلعوا على ما يحدث في مصر كشهود عيان عن قرب، وقد ذهبنا إلى العراق، وأرسلنا وفودا نوابية الى سوريا أيضاً بهدف التعرف والاطلاع على ما يجري هناك.
حالياً تركيا ليس لها بعثات دبلوماسية في ثلاثة مراكز مهمة في الشرق الوسط. فالجمهورية التركية لا سفارة لها لا في مصر ولا في إسرائيل ولا في سوريا، هذه من الظواهر النادرة التي لم يشهدها تاريخ الجمهورية التركية يوماً.

■ ما الرسالة التي تحب أن توجهها إلى الشرق الأوسط من خلال «الأخبار»؟
ــــــ شعوب الشرق الأوسط أصدقاء قدامى لنا. تربطنا بهم علاقات ثقافية مشتركة وتاريخ مشترك. شعوب الشرق الاوسط لهم مساهمات كبيرة في تاريخ العالم، لكن الثروات الباطنية لمنطقة الشرق الاوسط كانت مشكلة دائمة بالنسبة إلى هذه المنطقة. فتدخل القوى الخارجية للاستفادة من خيرات هذه المنطقة، ادى الى نشوب بعض الصراعات فيها. أنا لا أريد أن تقع شعوب الشرق الاوسط في كمائن من هذا النوع، عليهم ان يتطلعوا الى عمل مشترك لتعزيز قواهم اكثر فأكثر وان يحققوا اللُحمة بينهم.
... عندما اغتيل القذافي أنا كنت في بروكسل في اجتماع للاتحاد الاوروبي، وقد وجهت انتقادات لاذعة ضد مقتله أو اغتياله بهذه الطريقة البشعة. اليوم ترون ما يحدث في ليبيا، وأيضاً التدخلات الخارجية في العراق، والصورة المتعلقة بسوريا امامنا ظاهرة.
ها هو داعش يلجأ الى التمييز والتفرقة بين المسلمين، وعناصر القاعدة يرتكبون مجازر دموية في سوريا، ووصلت العراق الى مرحلة انقسام اليوم. هذه طبعاً بالنسبة إلى شعوب الشرق الاوسط ليست صورا ايجابية. لا شك أن هناك في الشرق الاوسط طليعة أو مثقفون، على هؤلاء أن يعطوا مزيداً من الاهتمام لمنطقتهم، كي لا تعيش ما تعيشه اليوم من معاناة.



أكد رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو في تجمعٍ إنتخابي في أضنة أمس، أن انتخاب مرشح المعارضة التركية أكمل الدين إحسان أوغلو رئيساً للجمهورية، سيحقق الآمال في عودة تركيا «مثلما كانت» واستعادة لعلاقاتها «المتينة» مع دول الجوار، وصولاً إلى «السلام في الشرق الأوسط».