تحقيق دولي في اسقاط الطائرة الماليزية كان خلاصة الاجتماع العاجل الذي عقده مجلس الأمن يوم أمس، في وقت آثر فيه الرئيس الأميركي باراك أوباما، وغيره من المسؤولين الأميركيين، إضافة إلى السلطات الأوكرانية، تأكيد استهداف الطائرة بصاروخ أطلق من الأراضي التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لموسكو التي هددت بتدمير مصدر كل نيران تطاول أراضيها من أوكرانيا.
لكن وزارة الدفاع الروسية سارعت إلى التأكيد أنها رصدت نشاط رادار من نظام صاروخي أوكراني، يطلق عليه اسم «بوك»، الخميس، عند وقوع المأساة التي أودت بحياة 295 راكباً كانوا على متنها، مشيرة إلى أن محطة ردار كوبول التابعة لمنظومة صواريخ بوك - ام 1 لا تبعد كثيراً عن موقع سقوط الطائرة.
في المقابل، أعلن رئيس جهاز الأمن الأوكراني فالينتين ناليفايتشينكو، في مؤتمر صحافي، أن الانفصاليين الموالين لروسيا هم من أسقط الطائرة بمنظومة صاروخية، في شرق أوكرانيا. وأضاف ناليفايتشينكو أن بحوزتهم تسجيلاً صوتياً للانفصاليين أسمعه للصحافيين، يثبت إسقاط ثلاثة من الانفصاليين للطائرة، مضيفاً أن بحوزتهم تسجيلاً آخر، يثبت جلب منظومة الصواريخ من روسيا التي طالبها بتسليم أسمائهم.
ودعا مجلس الأمن، في بيان تمت الموافقة عليه بالإجماع، إلى إجراء «تحقيق دولي كامل ومستفيض ومستقل»، مطالباً بتوقيع «العقاب المناسب» على الفاعلين. كذلك طالب بأن يجُرى التحقيق «وفقاً لقواعد الطيران المدني الدولي وتمهيداً لمحاسبة (المسؤولين) بطريقة مناسبة».

دعا بوتين للتوصل
إلى حل نهائي ودائم في أوكرانيا

وفيما حذّر مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، مجلس الأمن، من أي محاولة للضغط على التحقيق، أعلنت المندوبة الأميركية سامنثا باورز، أن الطائرة «أسقطت على الأرجح بصاروخ أرض-جو» أطلق من «منطقة يسيطر عليها الانفصاليون» الموالون لروسيا، ملمّحة في الوقت ذاته إلى دور روسي محتمل في ذلك.
وأشارت باورز إلى أنه «تم رصد انفصاليين»، صباح الخميس، وفي حوزتهم نوع من الأنظمة الدفاعية المضادة للطائرات، قرب المكان الذي سقطت فيه الطائرة الماليزية. وأضافت: «انطلاقاً من تعقيد نظام اس ايه-11، فإن من غير المرجح أن يتمكن الانفصاليون من استخدامه بطريقة فعالة من دون جهاز بشري كفوء»، وبالتالي «لا يمكننا استبعاد إمكانية مساعدة تقنية من جانب أشخاص روس»، كما قالت.
أميركياً أيضاً، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما، أن الطائرة الماليزية، قد أسقطت بصاروخ أطلق من منطقة تقع تحت سيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا». ووصف أوباما، في مؤتمر صحافي، الحادثة بأنها «مريعة»، مشدّداً على ضرورة إجراء تحقيق مستقل وشفاف، قبل إعطاء رأي في الأسباب الدقيقة للمأساة.
ودعا الرئيس الأميركي نظيره الروسي، الى استخدام نفوذه لدى الانفصاليين الأوكرانيين، لإنهاء النزاع في أوكرانيا، واعتبر حادثة الطائرة الماليزية «إشارة خطر» لأوروبا. وقال إن هذا النزاع «لن يبقى محصوراً ولن يكون بالإمكان استيعابه، وهذا يذكرنا بأن الرهانات مهمة ليس للأوكرانيين فحسب، بل أيضاً لأوروبا».
وكان الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو، قد أكد في السياق، خلال حديث هاتفي مع أوباما، أن «العدوان الخارجي على أوكرانيا ليس مشكلتنا نحن فحسب، بل إنه خطر يحيق بأمن أوروبا والعالم».
من جهة أخرى، نقلت وكالات الأنباء الروسية عن فلاديمير بوتين، قوله: «نحن على اتصال مع الرئيس بترو بوروشنكو وآمل أن ينجح في أن يقترح على كل الشعب الأوكراني وعلى كل الناس في أي مكان يعيشون وسيلة، تسمح بالتوصل إلى سلام نهائي وكامل ودائم على هذه الأرض».
وكان بوتين قد ألقى باللائمة على كييف، بسبب تجدّد هجماتها على المتمردين منذ أسبوعين، بعد عدم صمود وقف لإطلاق النار، واصفاً الحادث بأنه «مأساة». وبخصوص دعوات وقف إطلاق النار لتسهيل التحقيق، أكد الانفصاليون المؤيدون لروسيا لمنظمة «الأمن والتعاون في أوروبا»، أنهم سيكفلون دخولاً آمناً للخبراء الدوليين الذين سيزورون مسرح الحادث. ونفى هؤلاء ضلوعهم في الحادث، وقالوا إن مقاتلة تابعة لسلاح الجو الأوكراني أسقطت طائرة الركاب خلال رحلتها الدولية. ولكن أحد قياديي الانفصاليين، استبعد التوصل إلى وقف لإطلاق نار، كما تطالب واشنطن والدول الأوروبية. وفي مؤتمر صحافي في دونيتسك، قال رئيس الحكومة في جمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد، الكسندر بوروداي، إن «وقف إطلاق النار ليس مطروحاً ولكننا سنسمح للخبراء بالوصول إلى مكان الكارثة».
وأعلنت أوكرانيا إغلاق المجال الجوي في مناطقها الشرقية، أمام حركة الطيران. وأشار بيان صادر عن «خدمة الطيران المدني»، الأوكرانية، أن قرار الإغلاق سيشمل مناطق دونيتسك وخاركوف ولوغانسك.
وفي السياق، أعلن مستشار حاكم منطقة دونيتسك في شرق أوكرانيا، أن سلطات الطوارئ الأوكرانية عثرت على الصندوقين الأسودين في موقع تحطم الطائرة الماليزية.
وتعقيباً على ذلك، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أنه لا نية لبلاده لأخذ الصندوقين الأسودين للطائرة الماليزية. وأشار إلى أن هذا من عمل المنظمة الدولية للطيران المدني. وهدد في الوقت نفسه بأن بلاده سترد في حال استهداف أراضيها بصواريخ أوكرانية بشكل متعمد «عبر تدمير نقطة إطلاق الصواريخ».
وقال لافروف لقناة «روسيا 24»: «لقد سبق أن حذرنا أننا في حال استمرار الأمر سنتخذ الإجراءات الضرورية. وإذا تبيّن أن الأمر حصل بشكل متعمد فأنا مقتنع بأن علينا تدمير نقطة الإطلاق».
(رويترز، أ ف ب، الأناضول)