التقى قادة ورؤساء عشرين دولة أوروبية، بالإضافة إلى رئيس الولايات المتحدة الأميركية في شمال فرنسا، أمس، لإحياء الذكرى السبعين للـ«دي-داي» أو إنزال قوات «الحلفاء» على شواطئ نورماندي، الذي أسس لنهاية الحرب العالمية الثانية. إلحاق الهزيمة بألمانيا النازية بدءاً من ذلك اليوم من حزيران 1944، مثّل «فاتحة عصر الديموقراطية والحرية»، بحسب تعبير الرئيس الأميركي باراك أوباما.
إلى جانب أوباما، شارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في مراسم تكريم قدامى المحاربين الذين حضر منهم 1800مقاتل.
وأبدت فرنسا «امتنانها» لأميركا، إذ أكد الرئيس فرنسوا هولاند أن بلاده «لن تنسى أبداً ما تدين به للولايات المتحدة الأميركية»، معتبراً أن يوم الإنزال هو «تاريخ مهم» للشعبين الفرنسي والأميركي، حيث خاضا فيه «معركة الحرية».
الشكر المتواصل من قبل فرنسا لخوض الأميركيين معركة على أرضها، قد يعود جزءٌ منه إلى تذكير الأميركيين لهم، في أكثر من محطة، بأن «الجيش الأميركي قاتل عنكم». في الذكرى الستين للإنزال، وبعد سنةٍ من غزو العراق، عنونت صحيفة «ذا واشنطن بوست» الأميركية: «ماتوا لأجل فرنسا، لكن فرنسا نسيت ذلك»، في إشارةٍ إلى الموقف الفرنسي من الدخول في حرب العراق. حينها، تساءل الإعلامي الأميركي المحافظ راش ليمباو: «لماذا نتوقع من الفرنسيين أن يقاتلوا لتحرير العراقيين، فيما هم لم يقاتلوا لتحرير أنفسهم؟».
يوم أمس، لم يخرج باراك أوباما عن الخطاب الأميركي المعتاد عن «رفع لواء التحرير خارج الحدود». الرئيس الأميركي وجّه تحية إلى «الرجال الذين خرقوا جدار هتلر، مقتحمين الشواطئ لتحرير أوروبا في النورماندي»، مؤكداً من المقبرة العسكرية الأميركية، أن تضحيات الـ 9388 جندياً أميركياً الذين قتلوا حينها، فتحت الطريق أمام «عصر الديموقراطية والحرية»، حين «تدفق جيش (قائد القوات الأميركية في الإنزال جورج) باتون إلى فرنسا».
الرئيس هولاند من جهته، أشاد بـ«شجاعة الجيش الأحمر» وبالمساهمة الحاسمة لشعوب «ما كان يسمّى الاتحاد السوفياتي»، على حد قوله، وذلك بحضور الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني بيترو بوروشنكو.
الذكرى مثلت مناسبة لبعض الصحف الأميركية لنقد السياسة «المتحفظة» للولايات المتحدة إزاء التدخل في الأزمة الأوكرانية. مجلة «فورين بوليسي» الأميركية حاولت في افتتاحية للكاتب الأميركي بيتر فيفر، حثّ واشنطن على انتهاج الاستراتيجية المعتمدة في إنزال الحلفاء قبل سبعين عاماً في معالجة الأزمات المندلعة «وراء البحار»، وذلك على قاعدة أن «استراتيجية التحفظ تكلّف أكثر من استراتيجية التدخل العسكري»!
على صعيدٍ آخر، أشادت الصين بألمانيا التي «أبدت أسفاً عميقاً على ماضيها الحربي»، في مناسبة يوم الإنزال، موجهةً في المقابل انتقاداً إلى اليابان لـ«استمرارها في إنكار تاريخها الوحشي». وأكد المتحدث باسم الخارجية الصينية هونغ أن ندم ألمانيا الصادق أكسبها ثقة العالم».
المقارنة بين ألمانيا واليابان لم تكن الأولى من قبل الصين، إذ لطالما قارنت بكين بين جارتها اللدودة وبين ألمانيا التي اعتذرت عن «أفعال النظام النازي». وأشار هونغ أن الاعتذارات الرسمية التي قدمتها طوكيو على لسان ساسة محافظين، تتسم بالـ«تناقض»، مكرراً دعوة بلاده قادة اليابان إلى «مواجهة تاريخ الغزو وتأمله بعمق» تمهيداً لـ«تصحيح الأخطاء واكتساب اليابان ثقة جيرانها في آسيا والمجتمع الدولي».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)