سيطرت الأزمة الأوكرانية على مراسم إحياء الذكرى السبعين لإنزال الحلفاء في النورماندي شمال فرنسا أمس، وقد شكّل حضور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد استبعاده عن اجتماعات «الدول الصناعية الثماني»، لتصبح بذلك «الدول الصناعية السبع»، حدثاً جاذباً للاهتمام، إلا أن مصافحته للرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو ـ من دون شك ـ شكّلت الحدث الأبرز لهذه المناسبة.
وأعلن مسؤول أميركي أن الرئيس باراك أوباما، طلب من بوتين أمس «خفض التوترات في أوكرانيا»، وإلا فإن العزلة الدولية لروسيا ستتفاقم.
وجاء هذا التحذير خلال لقاء بين الرئيسين الأميركي والروسي استغرق ربع ساعة، على هامش غداء للقادة المشاركين في الاحتفالات. وهو أول لقاء مباشر بين الرجلين منذ دخولهما في اختبار قوة على خلفية النزاع في أوكرانيا.
وقال مساعد مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الأمن القومي بن رودس، إن «الرئيس أوباما شدد على أن نجاح الانتخابات الأوكرانية يوفر فرصة لا بد من الاستفادة منها»، مضيفاً أن الرئيس الأميركي «قال بوضوح إن خفض التوترات مرتبط باعتراف روسيا بالرئيس المنتخب بيترو بوروشينكو رئيساً شرعياً لأوكرانيا، ووقف دعم الانفصاليين في شرق أوكرانيا ونقل السلاح والعتاد عبر الحدود».
من جهته أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف أمس، أن «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني المنتخب بيترو بوروشينكو تبادلا أطراف الحديث أمس في فرنسا»، ما عدّه مصدر مقرّب من الإليزيه «خطوة أولى تشجع على الاعتراف الروسي بالسلطة الجديدة في أوكرانيا، وليست اعترافاً». بيسكوف أوضح في تصريحات أن «الرئيسين أكدا ضرورة وقف إراقة الدماء في أوكرانيا بأسرع ما يمكن، في أول حديث بينهما منذ انتخاب بوروشينكو رئيساً لأوكرانيا». وكان المصدر المقرب من الإليزيه قد قال في وقت سابق إن «الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، نجح في جمع بوتين وبوروشينكو لمدة 15 دقيقة، في قصر بينوفيل شمال فرنسا، على هامش الاحتفال بالذكرى الـ70 لإنزال قوات الحلفاء في النورماندي». المصدر قال إن «الرئيسين الروسي والأوكراني ناقشا خلال الاجتماع الذي انضمت إليه المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في نهايته، إمكانية وقف إطلاق النار شرق أوكرانيا، والاعتراف بالانتخابات الرئاسية التي أجرتها كييف أخيراً». كذلك ناقش الاجتماع «إمكانية إرسال روسيا سفيراً لها إلى كييف يوم غد». ووفق المصدر ذاته، خلص الاجتماع إلى مصافحة روسية أوكرانية.
من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون، في حديث لهيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية «بي بي سي»، إنه دعا الرئيس الروسي خلال لقائهما في باريس إلى الاعتراف بشرعية الرئيس الحالي بيترو بوروشينكو، وبدء التعاون معه. وقال كاميرون إن مجموعة «الدول الصناعية السبعة» اتفقت في قمتها أخيراً على أن هناك فرصة بعد انتخابات الرئاسة لتطور أوكرانيا ناجحة ومستقرة، إلا أن الوضع الراهن، على حدّ قوله، غير مقبول ويجب تغييره.


أوباما: خفض
التوترات مرتبط
باعتراف روسيا ببيترو بوروشينكو
كذلك، قال وزير الخارجية الفرنسية لوران فابيوس أمس إن الرئيسين الفرنسي والروسي بحثا مساء الخميس في باريس في مسألة وقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وقال فابيوس لإذاعة ار تي ال، إن بوتين «يقرّ بأنه يمكن أن يكون له بعض التأثير في الانفصاليين في الشرق، ولكن ليس بشكل كامل. ويذكر مثالاً على ذلك الاستفتاء الذي جرى ودعا هو إلى عدم تنظيمه»، مضيفاً: «سنرى ما سيحدث في الساعات والأيام المقبلة، لكن ما أوضحناه وما هو لا جدال فيه أنه ليس من مصلحة أحد إطلاقاً حدوث نزاع كبير في أوكرانيا».
وأكد الوزير الفرنسي أن تسليم السفن العسكرية الفرنسية ميسترال إلى روسيا، واحدة من القضايا التي طرحت، قائلاً: «إنها عقود أبرمتها في 2011 حكومة أخرى. هذه العقود دفع ثمن جزء كبير منها، ما يعني عدداً كبيراً من الوظائف، والتقاليد في فرنسا كما في الولايات المتحدة هي احترام العقود».
إلى ذلك أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن لا تؤيد الدعوات إلى إجراء تحقيق في أعمال العسكريين الأوكرانيين بشرق البلاد، لأنها تعتبر خطوات كييف قانونية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف أول من أمس، إن واشنطن لا تملك أدلة مقنعة تثبت الأنباء عن انتهاك الحكومة الأوكرانية لحقوق الإنسان، مضيفة أنّ من غير المقبول المقارنة بين البلد الذي يدافع عن نفسه وشعبه وأرضه، والانفصاليين المسلحين الذين يحاولون إشعال الفوضى بدعم من حكومة أخرى.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)