لم تلق دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي أطلقها أمس آذاناً صاغية لدى الانفصاليين في الشرق الأوكراني، حيث أعلنوا في مدينتي دونيتسك وسلافيانسك أمس، أنهم سينظمون الاستفتاء على الاستقلال في موعده الأحد، برغم طلب سيد الكرملين إرجاءه. وقالت المتحدثة باسم رئيس بلدية سلافيانسك، الذي عينه دعاة الاستقلال في المدينة، التي تمثل معقلاً لهذه الحركة، ستيلا خوروتشيفا، إن الاستفتاء سيجري في 11 أيار.
وفي هذا السياق، أعلنت متحدثة باسم الاتحاد الأوروبي أمس أن إجراء الاستفتاء الأحد «سيزيد من تدهور الوضع» في البلاد. وقالت المتحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي مايا كوسيانسيتش «مثل هذا الاستفتاء لن تكون له شرعية ديموقراطية، ونحن ندعم بالكامل وحدة أراضي وسيادة واستقلال اوكرانيا». وأضافت أن تصريحات الرئيس الروسي «تمثل محطة يمكن أن تساعد على وقف التصعيد، لكن يجب أن نرى ما إذا كانت الكلمات ستليها أفعال».
في المقابل، قالت وزارة الخارجية الأوكرانية إن الحكومة مستعدة للتحاور مع الأحزاب السياسية والمسؤولين المحليين في المناطق الشرقية بشأن سبل حل الأزمة التي تمر بها البلاد، لكنها لن تتحاور مع «إرهابيين».
وأضافت، في بيان لها، أن «الأولوية المطلقة لحكومة أوكرانيا هي حوار وطني شامل بمشاركة القوى السياسية وممثلين محليين والجماهير»، وأضافت «لكن الحوار مع الإرهابيين مستحيل وغير وارد».
وأتى هذا البيان في وقت أعلن فيه سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أندري باروبي أمس، أن العملية العسكرية الجارية ضد المتمردين في شرق أوكرانيا «ستتواصل»، سواء قرروا إرجاء الاستفتاء المرتقب أم لا.
من جهته، قال الرئيس الأوكراني المؤقت ألكسندر تورتشينوف: « إن الدول المتحضرة لا تتفاوض مع المجرمين الذين تلطخت أيديهم بالدماء، وينبغي القضاء عليهم بموجب القوانين».
وأضاف تورتشينوف قائلاً: « يجب علينا حماية وحدة البلاد، وتحرير أراضينا المحتلة بصورة مؤقتة»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الحكومة مستعدة للتحاور مع الراغبين في التفاوض من أجل تنمية أوكرانيا.
من جهة أخرى، شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ضرورة الوقف السريع لعملية كييف العسكرية جنوب شرق أوكرانيا، وفك الحصار عن المناطق المأهولة والافراج عن جميع المعتقلين السياسيين واطلاق اصلاح دستوري شامل.
وخلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي جون كيري بمادرة من الأخير بحثا خلاله الجهود المشتركة لروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا الرامية لتسوية الأزمة الأوكرانية، أعرب لافروف لنظيره الأميركي «عن قلقه العميق لردة الفعل السلبية من قبل سلطات كييف عقب المحادثات الروسية ـ السويسرية ورفضها وقف استخدام الجيش والقوميين المتطرفين ضد المحتجين».
و«دعا الوزير الروسي الولايات المتحدة إلى التأثير على سلطات كييف لحملها على بدء تهدئة واقعية وخلق ظروف مؤاتية لحوار مباشر متكافئ مع ممثلي الأقاليم الجنوبية الشرقية». كما اتفق الوزيران على استمرار بحث المشكلة الأوكرانية في الأيام القليلة القادمة وفق اقتراحات سويسرا بصفتها رئيسة منظمة الأمن والتعاون في اوروبا. وأعربت الخارجية الروسية في وقت سابق أمسي عن قلقها حيال ردود كييف على نتائج لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ديدييه بورغهالتر الذي جرى في موسكو أول من أمس. جاء ذلك في بيان أصدرته الوزارة عقب اتصال هاتفي آخر بين وزيري الخارجية الروسي والألماني سيرغي لافروف وفالتر شتاينماير أمس. وأفادت الوزارة أن لافروف أشار إلى أن «الدعوة إلى تأجيل الاستفتاء التي أطلقها الرئيس بوتين يوم 7 أيار لأنصار فدرلة أوكرانيا في جنوب شرق البلاد تخلق فرصا سانحة لبدء حوار جدي بين الأطراف الأوكرانية في ضوء «خريطة الطريق» التي اقترحتها الرئاسة السويسرية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لحل الأزمة الأوكرانية الداخلية». وشددت الوزارة أن إطلاق مثل هذا الحوار «مرهون على الوقف الفوري لاستخدام القوة». من جانب آخر، أعلن الأمين العام للحلف الأطلسي أندرس فوغ راسموسن أمس «عدم وجود أي مؤشر» على انسحاب القوات الروسية المحتشدة على الحدود مع أوكرانيا، كما كان قد أعلن الرئيس الروسي. وأعلن راسموسن، في لقاء صحافي مشترك مع رئيس الحكومة البولندي دونالد تاسك أنه «عند توافر أدلة مرئية سأكون أول من يرحب بالانسحاب».
وقد استدعت ادعاءات راسموسن رداً سريعاً من الخارجية الروسية، التي أبدت استغرابها من تصريحاته، وكتبت على صفحتها في موقع «تويتر»: «ندعو العميان إلى الاطلاع على تصريحات الرئيس الروسي في 7 أيار».
في هذا الوقت، قالت نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنتونوف إن أوكرانيا حشدت 15 ألف جندي من قواتها على حدودها المشتركة مع روسيا، وطالبت الغرب بالامتناع عن تقديم معلومات مغلوطة للمجتمع الدولي بشأن ما يحدث على حدود البلدين.
كذلك، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أمس أن الأسلحة النووية الروسية في البر والبحر والجو «في حال تأهب عسكري مستمر، ونقوم بتحديث أنظمتنا المتطورة للصواريخ من خلال تزويدها بقدرات اكثر تقدماً»، بحسب ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية.
وفي السياق نفسه، أجرت روسيا أمس عدة تجارب لصواريخ بالستية خلال مناورات عسكرية أشرف عليها بوتين، بحسب ما أعلنت وكالات الأنباء الروسية نقلاً عن مسؤولين في وزارة الدفاع.
وأضافت الوكالات الروسية إن القوات العسكرية الروسية أطلقت صاروخاً بالستياً عابراً للقارات من طراز توبول، من قاعدة بليسيتسك (شمال)، إضافة إلى «العديد» من الصواريخ الأخرى القصيرة المدى من على متن غواصات تابعة لأسطول الشمال والمحيط الهادئ. والتدريبات جرت قبل احتفالات يوم النصر على المانيا النازية اليوم.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)