بعد الاشتباكات التي شهدتها كييف قبل أشهر بين السلطة والمحتجين المعادين لروسيا والتي أدت إلى عزل الحكومة ورئيس الجمهورية، تكررت الأحداث خلال اليومين الماضيين، لكن مع انقلاب الأدوار واختلاف في المكان. وأعلن القائم بمهام الرئيس الأوكراني الكسندر تورتشينوف أن مجلس الأمن القومي والدفاع اتخذ قراراً بالبدء في عملية «مكافحة إرهاب» شاملة بمشاركة القوات المسلحة.

ودعا تورتشينوف في تسجيل فيديو موجه للشعب، سكان شرق أوكرانيا إلى عدم تأييد من يريد زعزعة الاستقرار في البلاد، واعطى مؤيدي فدرلة البلاد مهلة حتى صباح اليوم لاخلاء المباني الادارية، قائلاً إن «من لم يطلق النار على اجهزتنا الامنية ومن سيلقي السلاح ويخلي المباني الادارية حتى صباح الاثنين(اليوم)، اعطيت امراً مكتوباً يضمن عدم انزال العقوبة بحقهم على النشاطات التي قاموا بها».
وفي نفس الوقت، أعرب تورتشينوف عن استعداد السلطات للنظر في مسألة توسيع ملموس لصلاحيات الاقاليم وتحديث السلطات الاقليمية، بالإضافة إلى اجراء اصلاحات دستورية واعادة بناء الدولة على اساس اللامركزية، ولكن مع الحفاظ على دولة موحدة.
وأعلن وزير الداخلية الأوكراني الموالي للغرب أرسين أفاكوف أن اشتباكات وقعت بين الشرطة الأوكرانية ومسلّحين مجهولين، عندما حاول المسلحون السيطرة على أبنية حكومية ومركز للشرطة في مدينة کراماتورسك شرق البلاد. وأضاف أفاكوف إن الشرطة الأوكرانية تصدّت لمحاولة مسلحين مجهولين الاستيلاء على مبان حكومية ومراكز للشرطة في مدينة كرانسي التابعة لمقاطعة دونيتسك شرق أوكرانيا، مشيراً إلى أن 1500 مسلح مجهولين يعتقد أنهم موالون لموسكو لا يزالون يفرضون سيطرتهم على مبان حكومية ومراكز شرطة في مدن خاركيف ولوهانسك ودونيتسك.
وأكد أفاكوف أن بلاده تعتبر هجمات الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا «عملاً عدوانياً من جانب روسيا». كذلك أعلن أفاكوف سقوط ضحايا «من الطرفين» نتيجة العملية الأمنية في مدينة سلافيانسك الشرقية، مؤكداً مقتل ضابط في هيئة الأمن الأوكرانية، وإصابة 5 أشخاص آخرين.
بدوره، أعلن نائب وزير الداخلية نيكولاي فيليتشكوفيتش، أن كتيبة الحرس الوطني الاحتياطية ستدخل الخدمة القتالية في ضواحي مدينة سلافيانسك في 15 نيسان. وتضم الكتيبة 350 مقاتلاً، من بينهم من كان عضوا في كتائب الدفاع عن «الميدان» بكييف.
وعلى الأثر، حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من أن استخدام كييف القوة ضد السكان في جنوب شرق أوكرانيا سيقوّض لقاء «الرباعية». وقال لافروف لنظيره الأميركي جون كيري، خلال مكالمة هاتفية جاءت بمبادرة الأخير أول من أمس، إنه «في حال تنفيذ التهديدات الواردة من كييف باستخدام القوة ضد سكان جنوب شرق أوكرانيا الواصلين إلى حد اليأس، فإن ذلك سيقوّض آفاق استمرار التعاون حول المسألة الأوكرانية بما فيه إجراء اللقاء الرباعي المقرر في جنيف».
وأعلنت الخارجية الروسية أن «وزير الخارجية الأميركي أعرب عن قلقه من الاحتجاجات جنوب شرق أوكرانيا، مؤكداً أنها جاءت نتيجة تحريض وحتى تدخل مباشر من الجانب الروسي. إلا أنه لم يستطع ذكر حقائق تثبت ذلك، مكرراً فقط أن على روسيا أن تُخرج رجالاتها من جنوب شرق أوكرانيا».
من جهته، لفت لافروف انتباه كيري إلى أن «ظهور الأزمة السياسية الحادة في أوكرانيا عموماً وفي الأقاليم الجنوبية الشرقية خصوصاً، جاء بسبب تجاهل سلطات كييف الحالية الحاجات القانونية ومصالح السكان الروس والناطقين بالروسية». وأكدت الخارجية الروسية أن «قيادة كييف تبدي عدم القدرة على أخذ المسؤولية عن مصير البلاد على عاتقها وإشراك كل القوى السياسية الأساسية والأقاليم فعلياً في عملية شاملة لإقرار دستور جديد».
لافروف: استخدام كييف للقوة في الشرق سيقوّض لقاء «الرباعية»


كما نوّه لافروف بأن الادّعاءات الخاصة بـ«العملاء الروس» الموجودين، حسب الزعم، في أقاليم جنوب شرق أوكرانيا، قد سبق الإعلان عنها من قبل الجانب الأوكراني بدون تقديم أي دليل «فإذا كان لدى الطرف الأميركي معلومات محددة حول هذا الموضوع فنحن جاهزون للنظر فيها». أما البيان الذي نشرته وزارة الخارجية الأميركية فكشف أن كيري حذّر لافروف، من «عواقب إضافية»، رداً على دور مزعوم لموسكو في دعم تحركات انفصالية شرق أوكرانيا.
وقال كيري، خلال المكالمة «إذا لم تقم روسيا باتخاذ خطوات لتخفيف التوتر في شرق أوكرانيا، وسحب قواتها من الحدود الأوكرانية، فستكون هناك عواقب إضافية».
في غضون ذلك، عبّر الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي أندرس فوغ راسموسن عن قلقه إزاء «التصعيد الأخير» الذي يشهده شرق أوكرانيا.
وقال راسموسن، في بيان أمس، «إنني قلق للغاية إزاء تصاعد التوتر في شرق أوكرانيا». وتابع: «نرى حملة منظمة من العنف من جانب الانفصاليين الموالين لروسيا، والتي تهدف إلى زعزعة استقرار أوكرانيا كدولة ذات سيادة».
ورأى راسموسن أن «عودة ظهور الرجال المدججين بأسلحة روسية الصنع وأزياء دون شارة، تذكرنا بالتي كان ترتديها سابقاً القوات الروسية خلال استيلائها غير القانوني وغير الشرعي لشبه جزيرة القرم، وهو تطور خطير»، على حد قوله.
إلى ذلك، أعلن عضو في الحكومة الفرنسية والوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان جان ماري لوغن، أن باريس ستدعو إلى «عقوبات جديدة في حال حصول تصعيد عسكري» في أوكرانيا، مضيفاً «واضح أننا سنضطر إلى اتخاذ عقوبات جديدة في حال تصعيد عسكري».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)