وسط الجدل الدائر منذ أكثر من أسبوع حول أسعار الغاز الروسي المصدّر إلى أوكرانيا، استغرب الرئيس فلاديمير بوتين الرد الأميركي على الرسائل التي وجهها إلى الزعماء الأوروبيين، حول الديون المترتبة على كييف عن توريدات الغاز الروسي، في وقت أكد فيه أن موسكو ستفي بالتزاماتها على صعيد إمدادات الغاز إلى البلدان الأوروبية، لكن من دون أن يضمن مرور الغاز عبر الأراضي الأوكرانية، موضحاً أن هذه المسألة رهن بكييف.
وحول الرد الأميركي، قال بوتين في اجتماع مجلس الأمن الروسي أمس : «هذا غريب نوعاً ما، لأنه أولاً، ليس من اللائق قراءة رسائل الآخرين. هذه الرسائل لم تُوجه إلى الأميركيين، لكن لمستهلكي الغاز في أوروبا. الكل تعوّد أن أصدقاءنا الأميركيين يتنصتون، لكن التلصص يتجاوز كل الحدود». جاء كلام الرئيس الروسي تعليقاَ على ملاحظة وزير الخارجية سيرغي لافروف، على أول رد فعل أميركي على الرسائل الموجهة إلى الأوروبيين، إذ قال لافروف في الاجتماع: «رأت المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الأميركية أنه لا ينبغي لروسيا تسييس تجارة الغاز مع أوكرانيا، لكن يجب عليها احترام آليات السوق لتحديد الأسعار».
وفي حديث للتلفزيون الروسي، أشار لافروف إلى أن «المتحدثة باسم الخارجية الأميركية وصفت هذا الاقتراح البنّاء لإجراء المشاورات من أجل إيجاد حلول مقبولة للجميع بأنه محاولة ابتزاز جديدة من جانب روسيا. وطلبت الولايات المتحدة الامتناع عن استخدام الآليات غير السوقية لتحديد الأسعار». وتابع الرئيس الروسي أن صيغ أسعار الغاز مثبتة في العقود الرسمية بين شركة «غازبروم» الروسية و«نفط غاز» الأوكرانية عام 2009. وأشار الى وجود أشخاص الآن في السلطة الأوكرانية ووزارة الطاقة، كانوا يعملون عام 2009 حين وقّع عقد الغاز. وقال: «كانوا حينئذ أيضاً في تلك المناصب وشاركوا في توقيع هذه العقود، ولم تحدث من وقتها أي تغييرات في صيغ الأسعار».
كذلك، حذّر لافروف من أن تصاعد مشاعر العداء ضد روسيا نتيجة للأزمة في أوكرانيا يهدد استقرار أوروبا، قائلاً «إن التحريض حالياً على مشاعر العداء لروسيا على خلفية عنصرية، وكراهية للأجانب في العديد من دول الاتحاد الأوروبي، وتزايد عدد المجموعات القومية المتطرفة، والتساهل إزاء النازية الجديدة، سواء في أوكرانيا أو في أماكن أخرى، يهدد على نحو واضح استقرار أوروبا».
لافروف: تصاعد
مشاعر العداء ضد
روسيا يهدد استقرار
أوروبا
وحول ما أشيع عن إمكانية قيام روسيا بعمل عسكري ضد أوكرانيا، قال «لا يمكن أن تكون لدينا مثل هذه الرغبة. إنها تتعارض مع المصالح المهمة للاتحاد الروسي. نريد أن تتمتع أوكرانيا بالسيادة ضمن حدودها الحالية، لكن مع احترام كامل للأقاليم». وفي ما يتعلق بإمكانية انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، طالب سيرغي لافروف بضمانات قانونية لبقائها على الحياد، وعارض بشدة انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي.
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن لافروف قوله إن موسكو مستعدة لمحادثات رباعية الأسبوع القادم، تشمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وممثلي أوكرانيا، واقترح أن يتضمن جدول أعمال المحادثات ديون أوكرانيا المستحقة لروسيا عن امدادات الغاز. في السياق نفسه، كشف حلف شمال الأطلسي مجموعتين من الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية، قال إنها تظهر مواقع مختارة قبل وبعد نشر قوات روسية يبلغ قوامها 40 ألف جندي فيها بالقرب من الحدود مع أوكرانيا. وكانت مجموعة ثانية من الصور قد قدّمت بعدما نقلت وكالة أنباء حكومية عن مسؤول روسي قوله إن المجموعة الأولى والأحدث من الصور التقطت أثناء تدريبات عسكرية في شهر آب من العام الماضي. وقال الحلف إنه رصد زيادة في أعداد الدبابات والمدرعات والمدفعية والطائرات المنشورة بالقرب من الحدود مع أوكرانيا.
وبدا كثير من المواقع في المجموعة الأولى من الصور أقرب إلى الحقول منه إلى قواعد عسكرية. وتبين الصور أن هذه المناطق تبعد ما بين 20 و150 كيلومتراً عن الحدود الأوكرانية، وفقا لصور قال الحلف إنها التقطت بين 22 آذار و2 نيسان.
من جهته أكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسين أن قرار تحويل أوكرانيا إلى دولة فدرالية يمكن أن تتخذه كييف فقط كدولة ذات سيادة. وقال راسموسين أمس «لا يجوز لأحد أن يتخذ هذا القرار، فقط أوكرانيا»، مؤكداً أن الغرب لا يريد «حرباً باردة» جديدة مع روسيا، لكنه أشار إلى أن «عزلة سياسية عميقة» ستحيط بموسكو رداً على سياستها في أوكرانيا.
وتوجه رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك أمس إلى دونيتسك في شرق البلاد الناطق بالروسية، لمحاولة نزع فتيل الأزمة مع الانفصاليين المؤيدين لروسيا الذين هددت كييف بطردهم بالقوة. وتباحث ياتسينيوك مع ممثلين عن البلدية والسلطات المحلية، إضافة إلى ممثلين عن الأوساط الاقتصادية، ولم يحضر أي ممثل عن الانفصاليين الذين يحتلون منذ الأحد مقر الإدارة الإقليمية، ويشترطون إجراء استفتاء حول الالتحاق بروسيا.
وتعهد ياتسينيوك خلال الاجتماع الذي حضره صحافيون بـ«ضمان توازن السلطة بين السلطة المركزية والمناطق» وبعدم المساس بالقوانين التي تعطي اللغات الأخرى غير الأوكرانية مثل الروسية صفة رسمية. وقال إن «أي أحد لن يسعى بأي ذريعة إلى الحد من استخدام لغة شائعة».
الى ذلك، قال المدعي العام الروسي يوري تشايكا أمس إن موسكو لن تسلّم الرئيس الأوكراني المعزول فيكتور يانوكوفيتش لأوكرانيا، ووصفه بأنه «الرئيس الشرعي» للبلاد.
وقالت السلطات المحلية إن سبعة أشخاص لاقوا حتفهم أمس عندما وقع انفجار ناجم عن تسرب للغاز في منجم للفحم قرب مدينة دونيتسك في شرق أوكرانيا.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول، رويترز)