في وقت لا يزال فيه الغرب عاجزا عن نقل تهديداته حيال روسيا إلى أفعال، مكتفيا باقتراحات عقوبات لم تجد طريقها إلى التحقق بعد، أعرب حلف شمال الأطلسي عن قلقه من أن حشود روسيا الضخمة على الحدود مع أوكرانيا يمكن أن تهدد مولدوفا.وقال كبير القادة العسكريين في حلف شمال الأطلسي فيليب بريدلوف أمس، إن قوة روسية كبيرة منتشرة على الحدود الشرقية لأوكرانيا تهدد منطقة ترانسيستريا الانفصالية الواقعة في مولدوفا.

وأضاف «توجد قوة روسية متمركزة على الحدود الشرقية لأوكرانيا، تكفي قطعاً لتدخل ترانسيستريا، إذا اتخذ القرار بذلك، وهذا أمر مقلق جدا»، في هذا الوقت، دعا وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ، في مقال نشرته صحيفة «صنداي تلغراف»، سلطات بلاده والدول الحليفة لبريطانيا إلى بناء علاقات جديدة مع روسيا بعد انضمام القرم إليها، مشيراً إلى أن هذه العلاقات «يجب أن تقتضي استبعاد روسيا من عدد من المنظمات الدولية، وفرض قيود طويلة الأمد على الشراكة العسكرية وبيع الأسلحة والحد من النفوذ الروسي في سائر البلدان الأوروبية».
من جهته، ندد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير بالاستفتاء في القرم، الذي أدى إلى إلحاق شبه الجزيرة بروسيا، مشيراً إلى أنه «محاولة لتقسيم أوروبا». وقال إن «الاستفتاء وقرار مجلس الاتحاد الروسي يمثلان انتهاكاً للقانون الدولي، ومحاولة لتقسيم أوروبا»، مضيفاً «لا يمكننا قبول هذه الظروف والسماح بتكرار حمام الدم. إن أمام أوكرانيا طريقاً طويلاً وصعباً». وأمل أن تسهم بعثة مراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، المتوقع وصولها إلى أوكرانيا، «في احتواء التوتر».
في غضون ذلك، قالت وزارة الخارجية الروسية إن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على 12 روسياً وأوكرانياً الجمعة بسبب القرم «انفصال عن الواقع». وأضاف متحدث باسم الوزارة في بيان نشر على موقع الوزارة على الإنترنت «من المؤسف أن يتخذ المجلس الأوروبي قراراً منفصلاً عن الواقع».
وفي بيان منفصل، قالت الوزارة إن موسكو تأمل أن يساعد قرار إرسال بعثة مراقبة تابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى أوكرانيا، في حل ما وصفها البيان «بأزمة داخلية أوكرانية».
كذلك أعلن مصدر دبلوماسي روسي أنه من المقرر أن يلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الأميركي جون كيري في لاهاي، حيث يرأس لافروف الوفد الروسي إلى مؤتمر حول الأمن النووي المنعقد ما بين 24-25 آذار الجاري.
في هذا الوقت، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أنه زار أوكرانيا لكي يعرب عن تضامنه مع «شعبها وحكومتها في وقت المحن»، معرباً عن أمله في أن هذا البلد يستطيع الخروج من أزمته. وفي لقائه مع رئيس الوزراء الأوكراني المعين من قبل البرلمان أرسيني ياتسينيوك، هنأه بان كي مون بتوقيع الجزء السياسي من اتفاقية الشراكة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، الذي جرت مراسمه في بروكسل الجمعة. ورحّب الأمين العام للأمم المتحدة بهذا الحدث قائلا: «إنها إشارة جيدة جداً تمثل تجسيداً لقرار بلادكم السيادي».
من جهة أخرى، اقتحمت قوات موالية لروسيا قاعدة جوية أوكرانية في القرم بالعربات المصفحة، وإطلاق نيران البنادق الآلية وقنابل الصوت، في الوقت الذي تخلّت فيه القوات الأوكرانية عن قاعدة بحرية بعد هجمات لمحتجين موالين لروسيا.
والقاعدتان الموجودتان في بلبيك ونوفوفيدروفكا، من بين آخر المنشآت التي لا تزال تحت السيطرة الأوكرانية في القرم، بعد ضم روسيا لشبه الجزيرة، التي تضم أغلبية من أصل روسي، وفيها واحدة من أكبر القواعد البحرية الروسية. وقالت وكالة «رويترز» إن عربات مصفحة هدمت جدران مجمع في قاعدة بلبيك الجوية، وإنه سمع دوي إطلاق نار وانفجار قنابل يدوية.
وأفاد موظف يعمل في قاعدة بلبيك الجوية، بأن القوات الموالية لروسيا، التي سيطرت على القاعدة أمس، اعتقلت قائد القاعدة الجوية الأوكرانية يوري مامتشور، ونقلته إلى مدينة سيفاستوبول.
وكان يوري مامتشور قد أدلى بتصريحات الجمعة، قبل فرض الجيش الروسي سيطرته على القاعدة، أكد فيها انه رفض طلب الضباط الروس الاستسلام وإخلاء القاعدة، بعد لقائه إياهم أمام القاعدة الجوية. وأكد أنه يتحرك وفق الأوامر من كييف، وليس لديه نية للاستسلام وإخلاء القاعدة.
من جانب آخر، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن أقل من 2000 من أصل 18 ألف عسكري أوكراني في القرم، عبّروا عن رغبتهم في العودة إلى أوكرانيا، كما أكدت أنه جرى رفع العلم الروسي في 147 وحدة ومؤسسة عسكرية تابعة للقوات المسلحة الأوكرانية المرابطة في أراضي شبه جزيرة القرم.
إلى ذلك، أعلن تنظيم «القطاع الأيمن» الراديكالي في أوكرانيا، تحوله إلى حزب سياسي ودعمه ترشح زعيمه دميتري ياروش لرئاسة البلاد، في الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 25 أيار المقبل، وذلك في مؤتمر تأسيسي للحزب عقد في كييف أول من أمس.
من جهته، طلب الرئيس الأوكراني المعين من قبل البرلمان ألكسندر تورتشينوف، من رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر خلال زيارة الأخير لكييف أول من أمس، دعماً عسكرياً، مشيراً إلى أنّ كندا شريك استراتيجيّ لأوكرانيا. وقال تورتشينوف خلال اللقاء مع هاربر: «تحتاج بلادنا ليس فقط إلى دعم معنوي، بل ودعم عسكري تقني فعلي من قبل شركائنا الاستراتيجيين والدول الضامنة لسيادتنا ووحدة أراضينا».
(الأخبار، الأناضول، أ ف ب)