في ارتفاع ظاهر في النبرة الأميركية، يشير الى خروج الأمر عن تحت سيطرة واشنطن، حذّر وزير الخارجية الأميركي جون كيري نظيره الروسي سيرغي لافروف من أن استمرار تصعيد الوضع في أوكرانيا «يغلق الباب أمام الدبلوماسية»، داعياً موسكو إلى ممارسة «أعلى درجات ضبط النفس»، في وقت كان فيه الرئيس فلاديمير بوتين واضحاً في سعيه إلى حل دبلوماسي للأزمة، وذلك في رده على اتصالات الزعماء الأوروبيين به.
وأوضح مسؤول في الخارجية الأميركية أن كيري قال للافروف إن «استمرار التصعيد العسكري والاستفزاز في القرم أو في سواها من المناطق الأوكرانية، وكذلك الإجراءات الروسية الرامية إلى ضم القرم، من شأنها أن تغلق الباب أمام الدبلوماسية». وأضاف إن كيري طالب لافروف بأن تمارس روسيا «أعلى درجات ضبط النفس»، مؤكداً له «جاهزية الولايات المتحدة للعمل مع شركائها وحلفائها في سبيل تسهيل إجراء حوار مباشر بين أوكرانيا وروسيا».
وكانت وزارة الخارجية الروسية قد أعلنت في وقت سابق أن لافروف وجون كيري ناقشا عبر الهاتف الوضع في أوكرانيا.
وجاء في بيان مقتضب للخارجية الروسية أن الاتصال تم بمبادرة من كيري، واتفق المسؤولان «على متابعة اتصالاتهما المكثفة لإفساح المجال أمام التوصل إلى تسوية للأزمة الأوكرانية».
من جهة أخرى، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أمس، إنه يرغب في التوصل إلى «حل دبلوماسي» للأزمة في أوكرانيا.
وأعلنت رئاسة الوزراء البريطانية أن كاميرون اتصل ببوتين لحضّه على «خفض حدة التصعيد» في أوكرانيا، ودعم تشكيل مجموعة اتصال يمكن أن تقود إلى إجراء محادثات مباشرة بين موسكو والسلطات الجديدة في كييف.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية إن «الرئيس بوتين وافق على أن استقرار أوكرانيا يصب في مصلحة الجميع»، مضيفةً إن بوتين «يعتقد أن روسيا أرادت التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة، وإنه سيناقش المقترحات حول مجموعة الاتصال مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف غداً».
كذلك، أعلن المتحدث باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، شتيفن سيبرت، في بيان، أن المستشارة أجرت اتصالاً هاتفياً أمس بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأبلغته أن الاستفتاء المقرر إجراؤه في القرم «غير شرعي». وقال سيبرت إن «المستشارة عبّرت بقوة عن الموقف الألماني، مؤكدةً أن استفتاء السادس عشر من آذار المزعوم حول القرم غير شرعي، وإجراءه يتنافى مع الدستور الأوكراني والقانون الدولي».
من جهته، اعتبر الكرملين في بيان أنه خلال هذه المحادثات، شدد بوتين «خصوصاً على أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات الشرعية في القرم تستند إلى معايير القانون الدولي، وتهدف إلى حماية المصالح المشروعة لسكان شبه الجزيرة».
وأضاف إن «الرئيس الروسي لفت أيضاً انتباه محاوريه، إلى عدم قيام السلطات الحالية في كييف بأي خطوة للحد من أنشطة القوميين المتشددين والقوات المتطرفة في العاصمة ومناطق عدة».
في غضون ذلك، وفي خطوة تصعيدية، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أول من أمس، أن روسيا تعتزم تعليق عمليات التفتيش الأجنبية لترسانتها من الأسلحة الاستراتيجية، رداً على «التهديدات» الأميركية ولحلف شمالي الأطلسي بشأن الأزمة في أوكرانيا. وقال مسؤول كبير في الوزارة في بيان «نعتبر التهديدات التي لا أساس لها من قبل الولايات المتحدة وحلف شمالي الأطلسي ضد روسيا بشأن سياساتها حول أوكرانيا، خطوة عدائية تتيح بالتالي إعلان حالة القوة القاهرة»، مضيفاً «إننا مستعدون للقيام بذلك رداً على تصريحات البنتاغون حول تعليق التعاون بين وزارتي الدفاع الروسية والأميركية».
وكان البنتاغون قد أعلن الاثنين المنصرم، أن الولايات المتحدة علّقت كل الاتصالات العسكرية بين واشنطن وموسكو بسبب التدخل الروسي في القرم.
وتتم عمليات التفتيش في إطار معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية المبرمة مع الولايات المتحدة ووثيقة فيينا، التي وقّعتها الدول الأعضاء في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
من جانب آخر، أعلن الأمين العام لحلف شمالي الأطلسي، أندرس فوغ راسموسن، أمس، أن الحلف يقف «إلى جانب أوكرانيا» ويطلب من روسيا الوفاء «بالتزاماتها الدولية». وقال راسموسن لصحيفة بيلد الألمانية «عندما التقيت رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك، الخميس، هنأته بالتزامه بحل سلمي. وأكدت له أن الحلف الأطلسي يقف إلى جانب أوكرانيا»، معتبراً أنه «على خريطة أوروبا للقرن الحادي والعشرين، ينبغي أن لا يحاول أي شخص ترسيم حدود جديدة».
إلى ذلك، أعلن رئيس برلمان القرم فلاديمير قسطنطينوف، أول من أمس، أن عملية انضمام القرم إلى روسيا الاتحادية يمكن أن تكتمل في غضون شهر، في حال تهيئة الظروف الملائمة لذلك. وأعرب قسطنطينوف عن اقتناعه بأن الاستفتاء في 16 آذار، سيجرى بنجاح، مشيراً إلى أن سلطات القرم ستدعو مراقبين دوليين إلى متابعة الاستفتاء، على الرغم من وجود «حساسية» لدى قيادة القرم من المراقبين الدوليين الذين يشوّهون الحقائق. ونفى قسطنطينوف ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن أن موسكو تقف وراء سيناريو انضمام القرم إلى روسيا الاتحادية، مشيراً إلى أن القيادة الروسية فوجئت بقرار المجلس الأعلى للقرم حول نية الانضمام. وأتت هذه التصريحات في وقت نفى فيه القائم بأعمال وزير الدفاع الأوكراني، ايهور تينيوخ، نية بلاده إرسال قوات إلى منطقة القرم.
من جهة أخرى، قالت وزارة الخارجية الروسية إن موسكو تنتظر رد فعل واضحاً من البرلمان الأوكراني والدول الغربية، على التهديدات الموجهة إلى روسيا من قبل زعيم حركة «القطاع الأيمن» المتطرف الأوكراني ديمتري ياروش، الذي تم إدراجه على قائمة المطلوبين دولياً من قبل روسيا، والذي يؤثر برأي الوزارة الروسية على السياسة الداخلية والخارجية لأوكرانيا.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)