تتفاقم أزمة شبه جزيرة القرم في أوكرانيا، في ظل رفض روسيا ترك المنطقة ذات الأغلبية الروسية لمصيرها في مواجهة غضب وسخط الأوكرانيين المعادين لموسكو التي أكدت أنها ستدافع عن حقوق مواطنيها «بكل قوة وبلا هوادة».وقالت وزارة الخارجية الروسية، عبر حسابها على موقع تويتر، إنها «ستستمر في الدفاع عن حقوق مواطنيها في الساحة الدولية، وسترد بقوة وبلا أي هوادة حين تتعرض هذه الحقوق للانتهاك»، معتبرةً أن انتهاكات حقوق الإنسان الجارية على نطاق واسع في أوكرانيا هي مبعث للقلق.

واستدعى هذا التصريح الروسي ردّ السلطات الأوكرانية الجديدة التي رأت أن أي تحركات عسكرية روسية في شبه جزيرة القرم، خارج قاعدة أسطول البحر الأسود الروسي في سيفاستوبول، هي عدوان.
ووجّه القائم بأعمال الرئيس المؤقت أوليكسندر تيرتشينوف هذا التحذير في البرلمان، بعدما استولى مسلّحون على مبنى الحكومة المحلية ومبنى البرلمان في القرم، حيث يطالب الأوكرانيون من أصل روسي بانضمام المنطقة إلى روسيا الاتحادية.
وناشد تيرتشينوف، موسكو الالتزام بقواعد اتفاق يسمح للأسطول الروسي في البحر الأسود بالتمركز في سيفاستوبول حتى 2042. وقال أمام البرلمان «أود أن أخاطب قيادة الاتحاد الروسي في ما يتعلق بالالتزام بالاتفاقيات الأساسية حول الوجود العسكري الروسي في جمهورية القرم التي تحظى بالحكم الذاتي ومدينة سيفاستوبول، وعدم قبول انتهاك القوانين الأوكرانية على أيدي عسكريين من أسطول الاتحاد الروسي في البحر الأسود على الأراضي الأوكرانية»، مؤكداً أن «الدولة الأوكرانية قادرة على الدفاع عن سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها».
من جهتها، أعلنت دائرة الإعلام والصحافة في وزارة الخارجية الروسية أن أسطول البحر الأسود الروسي، المتمركز في مدينة سيفاستوبول، يتقيّد بدقة بالاتفاقيات الدولية. وقال مصدر في الدائرة إن «تنقلات وحدات منفردة من مدرعات الأسطول الأسود تتفق تماماً مع الاتفاقيات الأساسية ولا تحتاج إلى أي توافقات». التصعيد الروسي قابله تحذيرات من الدول الغربية لعدم انجرار روسيا نحو التصعيد.
ففي لندن أكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في مؤتمر صحافي مشترك مع المستشارة الألمانية انغيلا ميركل أنه على موسكو «الوفاء بوعدها» و«احترام وحدة وسلامة وسيادة أوكرانيا».
وأضاف إن «روسيا قطعت الوعد باحترام وحدة أراضي أوكرانيا ومن المهم أن تفي بالتزامها. العالم يتابع الوضع عن كثب».
بدورها اعربت وزارة الخارجية البريطانية أيضاً عن «قلقها الشديد» حيال الوضع في القرم، معتبرةً أن التحركات العسكرية الروسية «لا تساعد» في «لحظة يتعين فيها على كل الاطراف أن تعمل على نزع فتيل التوترات».
من جتهته، كشف وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن روسيا تعهدت بـ «احترام الوحدة الترابية لأوكرانيا».
وأضاف كيري أن نظيره الروسي سيرغي لافروف أكد له خلال محادثات هاتفية أن موسكو لا تقف وراء الاضطرابات في جمهورية القرم في جنوب أوكرانيا.
وأوضح كيري أن لافروف «صرح بأن المناورات العسكرية القائمة لا علاقة لها بأوكرانيا وكانت مبرمجة سابقاً، كما جدد تأكيد تصريح الرئيس (الروسي فلادمير) بوتين بأن روسيا ستحترم الوحدة الترابية لأوكرانيا». وشدد كيري «نحن نعتقد أنه يتعين على الجميع الآن التراجع خطوة وتفادي كا اشكال الاستفزاز».
من جهته، أشار وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل أمس إلى أنه يراقب عن كثب تدريبات القوات الروسية بالقرب من الحدود الأوكرانية، داعياً «في هذه اللحظة الحساسة»، إلى الامتناع عن اتخاذ الخطوات التي يمكن أن تفسر بطريقة خاطئة، أو التي من شأنها أن تؤدي إلى استنتاجات غير صحيحة.
بدوره، اعرب الأمين العام للحلف الأطلسي اندرس فوغ راسموسن عن «قلقه حيال التطورات في القرم». وقال راسموسن في اليوم الثاني من اجتماع وزراء دفاع الدول الاعضاء في الحلف الاطلسي في بروكسل «احض روسيا على عدم القيام بما يمكن أن يثير تصعيداً في التوتر او يسبب سوء تفاهمات».
وفي السياق، سيطر عشرات المسلحين أمس على مقار حكومة وبرلمان جمهورية القرم ورفعوا الأعلام الروسية عليها.
وكشف رئيس وزراء القرم أناتولي موهيليوف أن حوالى 50 رجلاً يحملون «أسلحة حديثة» وصلوا خلال الليل ومنعوا الموظفين صباح أمس من دخول المباني.
في غضون ذلك، عيّن البرلمان الأوكراني أمس، بالإجماع، أرسيني ياتسينيوك الموالي لأوروبا رئيساً للحكومة الانتقالية التي ستتولى قيادة البلاد حتى الانتخابات الرئاسية المبكرة التي ستجرى في 25 أيار.
في خطاب ترشحه، لم يخف ياتسينيوك حجم المهمة التي تنتظره، فيما توشك أوكرانيا على الإفلاس. وتحدث عن ضرورة تشكيل «حكومة انتحاريين»، بسبب الإجراءات القاسية التي لن تلقى شعبية وستضطر الى اتخاذها.
وأوضح للنواب أن «الخزينة العامة فارغة. كل شيء سرق. لا أعد بتحسّن، لا اليوم ولا غداً. هدفنا الرئيسي هو إعادة الاستقرار إلى الوضع. فالدين العام بات حالياً 75 مليار دولار».
كذلك تحدث ياتسينيوك عن الوضع في جمهورية القرم، محذراً من أن «وحدة أراضينا مهددة. نحن نشاهد بوادر انفصالية في القرم. أقول للروس لا تواجهونا، فنحن أصدقاء وشركاء».
في الوقت نفسه، دعا البرلمان الأوروبي إلى إنشاء لجنة مستقلة للتحري عن جميع انتهاكات حقوق الإنسان منذ بدء التظاهرات في أوكرانيا
إلى ذلك، أعلن مصدر حكومي روسي أن موسكو استجابت لطلب الرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش بضمان سلامته الشخصية في أراضي روسيا. ونقلت وكالة «إيتار ــ تاس» عن المصدر قوله: «الرئيس يانوكوفيتش توجه إلى سلطات روسيا الاتحادية بطلب ضمان سلامته الشخصية. أبلغكم أنه تمت الاستجابة لهذا الطلب».
(الأخبار، أ ف ب)




5 مليارات دولار روسية لجمهورية القرم

يأمل وزير المالية الأوكراني الجديد ألكسندر شلاباك، استئناف التعاون المالي مع روسيا، فضلاً عن مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي. وقال شلاباك أمس، إن بلاده تعوّل على مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي لا تقل عن 15 مليار دولار، مضيفاً أنه يأمل أن تقوم بعثة صندوق النقد الدولي بزيارة أوكرانيا في الأسبوع المقبل.
من جهة أخرى، ذكرت مصادر صحافية أن الحكومة الروسية أعدت برنامج استثمارات بقيمة 5 مليارات دولار للشركات الروسية في جمهورية القرم التي تتمتع بحكم ذاتي في أوكرانيا. ووضعت الخطة بعد إقرار روسيا في كانون الأول المنصرم، خطة إنقاذ مالية لأوكرانيا، تنص على تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
بدوره، أعلن وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، أن واشنطن تنظر في منح ضمان ائتماني بقيمة مليار دولار لأوكرانيا، لمساعدته. وذكر كيري«لا أعتقد أنه سيكون كافياً إعلان وصول الديمقراطية وعدم فعل شيء».
(الأخبار)