ختم وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، جولته الإقليمية الأولى في العراق، بعدما زار الكويت وقطر. وبعث من مدينتي النجف وبغداد، يوم أمس، رسائل طمأنة إلى دول المنطقة، داعياً إلى «فتح صفحة جديدة» وتبني «الحوار لإزالة سوء التفاهم»، بعد توقيع الاتفاق النووي «التاريخي» بين الدول الكبرى وطهران، وذلك من أجل «مكافحة جادة للإرهاب». وكان ظريف قد التقى، مساء الأحد، نظيره القطري خالد بن العطية، والأمير تميم بن حمد، الذي أطلعه على الاتفاق النووي، وسلّمه رسالة من الرئيس الإيراني حسن روحاني. ولاحقاً، انتقل إلى النجف (جنوب العراق) حيث التقى، أمس، المرجع الديني السيد علي السيستاني، ومنها توجّه إلى بغداد للقاء القادة العراقيين.
وأشار ظريف، بعد لقائه السيستاني، إلى أنه قدم له تقريراً مفصلاً عن «سير المفاوضات والمباحثات النووية، فضلاً عن التحديات التي تواجهها المنطقة». وفيما نُقل عن السيستاني تأكيده «ضرورة تكاتف الجهود لمواجهة الإرهاب والتطرف وتعاون دول المنطقة علی مواجهة خطر الإرهاب الذي يهدد الجميع»، لفت ظريف إلى أن «هناك ضرورة ملحّة لزيادة التنسيق والتكاتف لمواجهة الإرهاب والخطر الكبير الذي يخلفه». وقال: «نعوّل كثيراً علی المرجعيات الدينية ودورها الفعال في التصدي له». كذلك أكد وزير الخارجية الإيراني أن بلاده «کانت ولا تزال داعمة للعراق وحكومته وشعبه في مكافحة الإرهاب والطائفية».

أوباما: لم أسمع
بعد حجة واقعية للاعتراض على الاتفاق

وفي بغداد، أكد ظريف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره إبراهيم الجعفري، أنه «آن الأوان في هذه المنطقة، لفتح صفحة جديدة»، مشيراً إلى أنه «ليست هناك أي مشكلة في ما بيننا في هذه المنطقة، ولا بدّ أن نتبنى الحوار لإزالة سوء التفاهم». وقال: «لا بدّ من أن نهتم بعد الاتفاق (النووي) بالأولويات الأساسية».
في هذا الإطار، اعتبر ظريف أن الاتفاق «عالج الكثير من المشكلات مع دول المنطقة»، مضيفاً أن «طهران ستسخّر قوّتها في خدمة التعاون المشترك». وإذ أشار إلى أن بلاده «خلال المفاوضات النووية أثبتت أن الحوار يتغلّب علی النزعات الحربية»، رأى أن هذا «التعامل مقارنة بالتخاصم هو خيار أفضل... نريد أن ننقل هذه الرسالة إلی الدول الشقيقة والجارة في المنطقة»، مؤكداً في الوقت نفسه أنه «آن الأوان لأن تدار المنطقة علی أساس لعبة يشارك فيها الجميع».
وتطرّق ظريف إلى التطورات في العراق وسوريا واليمن، التي قال بشأنها إن «مواقفنا تجاهها مختلفة عن مواقف بعض الدول الجارة، ولكنني أقولها بحزم وصراحة إن أمن أي بلد في المنطقة يعتبر من أمن إيران»، مضيفاً: «لن نألو جهداً في إجراء الحوار والتعاون من أجل إحلال الاستقرار والأمن في المنطقة». لكننه شدد على أن إيران «لن تشكل أبداً خطراً على أيٍّ من الدول الإسلامية في المنطقة»، مبيناً أن «الشعب الإيراني قد نسي الماضي بغية بناء مستقبل أفضل». أما إبراهيم الجعفري، فشدد على أن العراق «يرفع رأسه فخراً، لکونه يقاتل داعش نيابة عن سيادة العالم وشرفه، فيما جدّد ترحيب العراق بالاتفاق النووي الإيراني». وأشار إلى أن «أي تهديد لدولة هو تهديد للجميع... لا يمكن دولة بمفردها أن تحل المشكلات الإقليمية دون مساعدة من الآخرين».
بعد الجعفري، بحث ظريف مع رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الأوضاع السياسية والأمنية، قبل أن يلتقي الرئيس فؤاد معصوم. وذكر بيان صادر عن مكتب العبادي أن رئيس الحكومة أشار إلى أن «من مصلحة المنطقة أن تتعايش بسلمية وتبتعد عن الصراعات، لأن الأعداء يريدون التفرقة بيننا ونشر الطائفية». ورأى أن «تعاون دول المنطقة في ما بينها مهم جداً للتخلص من هذه الإشكالات».
العبادي رأى أن «العراق يمتلك علاقات متميّزة مع إيران، وهي من الدول التي ساعدتنا، منذ البداية، ووقفت معنا في حربنا مع داعش»، مشيراً إلى أن «المجتمع الدولي أصبح أكثر وعياً لخطر هذه العصابات الإرهابية».
في هذا الوقت، كان الرئيس الأميركي، باراك أوباما، يواجه منتقدي الاتفاق النووي، من أديس أبابا، حيث أكد أنه لم يسمع بعد حجة واقعية مبنية على الحقائق للاعتراض على الاتفاق. وقال أوباما، خلال مؤتمر صحافي في العاصمة الإثيوبية، إن «غالبية العلماء النوويين في العالم والخبراء في سياسات حظر انتشار الأسلحة النووية دعموا الاتفاقية، ما يشير إلى اعتقادهم أنها أفضل وسيلة لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية». وقال: «هناك سبب لاعتقاد 99 في المئة من العالم أن الاتفاقية جيدة. هذا لأنها جيدة بالفعل»، مضيفاً أن «الخبر السار هو أنني لم أسمع حتى الآن حجة واقعية تقوم على الحقائق من الطرف الآخر يصمد أمام التدقيق».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)