واشنطن | تحيط الشكوك بإمكانية السير قدماً للتوقيع على اتفاق بين تركيا والكيان الإسرائيلي لتنفيذ مشروع أنابيب لنقل الغاز عبر قبرص، الذي بدأ الحديث بشأنه بين الجانبين في حزيران من عام 2016، عقب تسوية الخلافات بين أنقرة وتل أبيب بشأن حادثة العدوان الإسرائيلي على السفينة التركية «مرمرة» في عام 2010، الذي راح ضحيته عدد من المواطنين الأتراك المتضامنين مع الشعب الفلسطيني، الذين كانوا على متن السفينة في طريقها إلى قطاع غزة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليه.
وعادت الشكوك بشأن احتمالية تنفيذ خط أنابيب الغاز تحت سطح البحر المتوسط إلى تركيا ومن ثم إلى أوروبا، والمدعوم من الولايات المتحدة، عقب تصعيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وإدانته للكيان الإسرائيلي بسبب قرارات خاصة بالقدس وإجراءات إسرائيلية قمعية تمارس ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، بما في ذلك حصار قطاع غزة.
وتشير تقارير إلى أنه رغم أن المحادثات الرامية إلى التوصل إلى تفاهم بين الجانبين بشأن مشروع الغاز لم تتوقف، غير أن وتيرة المحادثات انخفضت بنحو حاد. وتسعى تركيا إلى توفير احتياجاتها من الغاز الطبيعي من أكثر من مصدر، انطلاقاً من واقع أن روسيا تصدّر إلى تركيا أكثر من 60 في المئة من احتياجاتها من الغاز. وعندما شهدت العلاقات بين البلدين التوتر في عام 2016، خشيت تركيا من أن يؤثر ذلك في إمدادات الغاز الروسي، الأمر الذي دفع حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى البحث عن شركاء جدد، من بينهم الكيان الإسرائيلي.
وفي حال استمرار تأثير الخلاف بين أنقرة وتل أبيب، قد تتجه الأخيرة إلى تحويل أولوياتها، بدلاً من تركيا، والتركيز على مشاريع إقليمية أخرى قد تكون محفوفة بمخاطر سياسية أو مشكوك فيها من الناحية المالية، ومن بين هذه الأسواق مصر والأردن، إذ وقعت شركتا «نوبل إنيرجي» و«ديليك غروب»، وهما الشريكان الرئيسيان في تطوير حقل غاز «ليفياثان»، في عام 2016 على صفقة مع الأردن بقيمة 10 مليارات دولار.
ويذكر أنه جرى اكتشاف الغاز الطبيعي في البحر المتوسط قبالة سواحل فلسطين المحتلة في عام 1999. كذلك اكتُشِفَت احتياطيات أكبر، أبرزها حقل «تامار» في عام 2009 (التقديرات حول مخزونه تبلغ 9 تريليونات قدم مكعب) وحقل «داليت» الأصغر حجماً، إلى جانب حقل «ليفياثان» الذي تشير آخر التقديرات إلى أنه يضم احتياطيات تبلغ 17 تريليون قدم مكعب.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن متحدثة باسم شركة «ليفياثان»، قولها إن الصادرات إلى تركيا لا تزال «خياراً صالحاً»، وإن المناقشات مع «اللاعبين المعنيين في تركيا» مستمرة.

تُعَدّ مصر والأردن خيارين بديلين من تركيا
فيما قال متحدث باسم وزارة الطاقة التركية إن المحادثات بين المسؤولين الأتراك والمسؤولين الإسرائيليين لم تؤدّ حتى الآن إلى نتائج. وقد ألغت شركة أنابيب الغاز التركية «بوتاس» زيارة كان مقررة للكيان الإسرائيلي في شهر كانون الأول الماضي.
وعلى الرغم من الخلافات السياسية التركية الإسرائيلية بشأن القدس وقطاع غزة وحصارها، إلا أن الواقع الاقتصادي يشير إلى أن العلاقات التجارية بين الجانبين التي تحكمها اتفاقية التجارة الحرة منذ عام 2000، مستمرة. فقد نمت الصادرات التركية إلى الكيان الإسرائيلي على مدى السنوات القليلة الماضية، وبلغت نحو 2.5 مليار دولار في عام 2016. وفي الأشهر العشرة الأولى من عام 2017، ارتفعت الصادرات التركية إلى الكيان بنسبة 14 في المئة»، ليصبح أحد أهم 10 أسواق لتصدير المنتجات التركية على الصعيد العالمي.
وقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، خلال زيارته للهند الشهر الماضي إن «إسرائيل لديها ثلاثة خيارات لخطوط الأنابيب»، مضيفاً: «إننا نتطلع بالتأكيد إلى الثلاثة جميعاً». وإلى جانب الأردن فإن مصر تُعَدّ أحد هذه الخيارات البديلة للسوق التركية. ورغم اعتقاد الإسرائيليين أن قرب مصر جغرافياً والعلاقات الحالية التي تربط الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الكيان الإسرائيلي، يجعلها بديلاً جيداً، إلا أن المنازعات القانونية على اتفاق الغاز في وقت سابق تعطل التقدم في أي صفقة، كذلك فإن الاقتصاد المصري ليس بقوة الاقتصاد التركي. أما الخيار الثالث بالنسبة إلى الكيان الإسرائيلي، فهو مد خط أنابيب يعبر قبرص إلى اليونان وإيطاليا بكلفة لا تقل عن 6 مليارات دولار. ورغم أن الاتحاد الأوروبي خصص 34.5 مليون يورو لوضع خطة للمشروع، إلا أن مسؤولين في قطاع الطاقة الإسرائيلي يشككون في قابلية المشروع للاستمرار مالياً، كذلك إن سيطرة تركيا على شمال قبرص يمكن أن تخلق عقبات إضافية.