وصل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى سويسرا أمس، للمشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في دورته الـ 48، الذي يحمل هذا العام شعار «بناء مستقبل مشترك في عالم مفكك»، وذلك بمشاركة نحو 70 رئيس دولة ورئيس وزراء، و340 من كبار الساسة والمسؤولين في العالم. لكن النجم الحقيقي لهذا العام لن يكون سوى ترامب، المتهم بصورة واسعة بتعميق الخلافات الدبلوماسية، والتسبب في أخرى، عبر سياساته وتصريحاته.
فمنذ تسلمه السلطة قبل عام، أكد مراراً أجندته التي تحمل شعار «أميركا أولاً» الذي يتناقض مع «العولمة وسياسات الاندماج». انضم ترامب إلى المجتمعين في دافوس، في وقت تشهد فيه أسواق العملات الأجنبية اضطرابات، كما أن شركاء واشنطن الاقتصاديين غاضبون. وكان ترامب قد بدأ بإثارة المخاوف منذ قراره الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، ثم انهال بوابل من الانتقادات على منظمة التجارة العالمية ووكالات أممية أخرى. وشهدت المدن السويسرية «تحركات مناهضة للرأسمالية»، ونُظمت مسيرات احتجاجاً على زيارة ترامب اخترقت طوقاً أمنياً في دافوس. ودعا المنظمون اليساريون إلى الاحتجاج تحت شعار «ترامب غير مرحّب به»، و«هشموا المنتدى الاقتصادي العالمي».
على المقلب الآخر، تأتي فعاليات «دافوس» مع انفتاح صيني بعدما دعت بكين إلى تعزيز التبادل التجاري الحر، الذي رأت وزارة التجارة الصينية أنه «الاتجاه الصحيح» الوحيد للعلاقات التجارية بينها وبين الولايات المتحدة.
أما على صعيد بريطانيا، الخارجة من الاتحاد الأوروبي، فقد أجرى ترامب محادثات ثنائية مع رئيسة الحكومة تيريزا ماي، بعد أسابيع على توبيخها علناً، وإلغاء زيارته للندن. وقال الرئيس الأميركي خلال اللقاء: «نحن على الموجة نفسها، على كل صعيد كما أعتقد... كانت بيني وبين رئيسة الحكومة علاقة رائعة جداً. أكنّ احتراماً كبيراً لرئيسة الوزراء وللعمل الذي تقوم به». أما ماي، فعبّرت عن الموقف نفسه، وقالت: «كانت بيننا محادثات جيدة اليوم. سنستمر في إقامة علاقة رائعة بين البلدين».
من جانب آخر، تصدّرت أحوال المهاجرين أجواء المنتدى، في وقت حثت فيه «وكالة الهجرة» التابعة للأمم المتحدة كبار القادة السياسيين على «التحرك العاجل للمساعدة في وقف وفيات المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط». ووفقاً للمنظمة، سجلت أكثر من 200 حالة وفاة في المتوسط منذ مطلع كانون الثاني الجاري، فيما دعا مديرها العام، وليام لاسي سوينغ، المشاركين في دافوس من القطاع الخاص إلى توفير فرص عمل للمهاجرين «لتسهيل اندماجهم مع المجتمعات التي يعيشون فيها»، منوهاً بأن قضايا المهاجرين نوقشت على نطاق واسع في «دافوس» هذا العام مقارنة بالسنوات الأخيرة.
وبينما كان العالم يناقش هذه القضايا الواسعة، ركّز مسؤولون خليجيون يشاركون في المنتدى على انتقاد إيران بسبب ما قالوا إن سلوكها «يزعزع استقرار المنطقة»، مستغلين غياب مسؤولين من طهران عن هذا الحدث السنوي، مثل وزير الخارجية محمد جواد ظريف، الدائم الحضور في المنتدى السنوي.
مع ذلك، بقي المنتدى مفتوحاً على مصراعيه أمام السعودية والإمارات والبحرين لانتقاد إيران، وكذلك أمام هجوم أقل حدة من آخرين. وقال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في حلقة نقاشية، إنه «في الشرق الأوسط لدينا رؤيتان متنافستان، رؤية نور ورؤية ظلام، ورؤية الظلام هي الطائفية، وهي تحاول استعادة إمبراطورية دمرت منذ آلاف السنين، وتستخدم الطائفية والإرهاب لكي تتدخل في شؤون الدول الأخرى».
لكن حديث رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، كان أقل حدة، وقال في جلسة منفصلة إن «إيران دولة يجب أن نتعامل معها، أنا كرئيس لمجلس الوزراء في لبنان أريد أن تجمعني أفضل العلاقات بإيران، ولكن أن تكون هذه العلاقات من دولة إلى دولة».
وعلى صعيد الاتفاق النووي، كان لبرلين موقف مغاير، إذ رغم اعتراف وزيرة الدفاع الألمانية، أورسولا فون دير ليين، بوجود «مشكلات مع إيران»، فإنها دافعت خلال المؤتمر عن الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي يهدد ترامب بالانسحاب منه.
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)