رغم إعلان كوريا الجنوبية أنه لا يوجد تغيير في موقفها بشأن ضرورة مواصلة الجهود لنزع سلاح كوريا الشمالية النووي، إلا أن الكوريتين اتجهتا لإجراء محادثات رسمية الأسبوع المقبل. إذ وافقت بيونغ يانغ على طلب سيول بعد عامين من الانقطاع (كانون الأول 2015)، وذلك بعد ساعات من تأجيل تدريبات عسكرية مشتركة بين الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الجنوبية.
وأعلنت سيول، أمس، أن بيونغ يانغ أرسلت موافقتها على المحادثات المقرر إجراؤها يوم الثلاثاء. وقال المتحدث باسم «وزارة الوحدة» في كوريا الجنوبية، بايك تاي هيون، إن «المحادثات ستعقد في قرية الهدنة الحدودية بانمونجوم (على الحدود بين الكوريتين حيث تم توقيع وقف إطلاق النار في الحرب الكورية 1950-1953)، ومن المتوقع أن يناقش مسؤولو الجانبين دورة الألعاب الشتوية التي تقام الشهر المقبل في كوريا الجنوبية وأوجه أخرى للعلاقات بين البلدين». وأضاف أن «بيونغ يانغ طلبت إجراء مزيد من المفاوضات بشأن الاجتماع... ولم يتم بعد تأكيد المسؤولين الذين سيمثلون البلدين».
ويأتي هذا الإعلان بعد ساعاتٍ على اتفاق واشنطن وسيول على تأجيل المناورات العسكرية المقررة بين البلدين، إلى ما بعد إجراء الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ الشهر المقبل، وهي مناورات تساهم في كل سنة في تفاقم حالة التوتر في شبه الجزيرة الكورية. وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ونظيره الكوري الجنوبي، مون جاي إن، قد اتفقا أول من أمس على تأجيل المناورات وفق بيان صدر عن الرئاسة في سيول. ووفق البيان، أكد مون لترامب أن إرجاء هذه المناورات التي تثير دوماً غضب بيونغ يانغ، سيسهم في إنجاح الألعاب الأولمبية الشتوية «ضمن فرضية ألا يقوم الشمال باستفزازات جديدة».
ورغم وضوح مون في أسباب تأجيل المناورات بين بلاده وواشنطن، إلا أن وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس، أعلن أن قرار التأجيل «اتُّخذ لأسباب عملية، لا سياسية». وقال أمس، إنه «بالنسبة إلينا، إنها مسألة عملية»، مشيراً إلى أن الألعاب الأولمبية هي الحدث الأبرز الذي تشهده كوريا الجنوبية هذا العام على صعيد السياحة الدولية». وتابع: «لقد سبق أن عدّلنا البرنامج الزمني (لهذه المناورات) لأسباب متعددة، لذا فإن هذا أمر طبيعي بالنسبة إلينا».
وبالنسبة إلى الحوار الكوري ــ الكوري الذي سيجرى، قال ماتيس إنه «أتى نتيجة الضغط الدولي على نظام بيونغ يانغ، وبخاصة القرارات الأخيرة التي اتخذها مجلس الأمن الدولي»، مضيفاً أن «هذا يُظهر مجدداً وحدة الديموقراطيات والبلدان التي تحاول تجنّب أن يتحول (الصراع) إلى نزاع مسلح، والتي (ترغب) في وضع حد للاستفزازات المتمثلة بتطوير أسلحة نووية وإطلاق صواريخ».
وبالعودة إلى المحادثات المنتظرة بين بيونغ يانغ وسيول، دعا نائب وزير الخارجية الروسية سيرغي ريابكوف، واشنطن إلى عدم إفساد فرصة الحوار بين الكوريتين. ونقلت وكالة «تاس» الروسية عن ريابكوف قوله إن «على الأطراف الأخرى في هذه القضية أن تبدي أقصى قدر ممكن من الحذر والتوازن وضبط النفس». كذلك رحب ريابكوف بتعليق المناورات أثناء الألعاب الأولمبية، مؤكداً أن موسكو «تشاهد بارتياح» أن دعواتها لوقف المناورات «أخذت في الاعتبار».

ماتيس: قرار تأجيل المناورات اتُّخذ لأسباب عملية لا سياسية

من جانبها، رحّبت الصين، بقرار كوريا الجنوبية والشمالية إجراء محادثات بينهما، داعياً المجتمع الدولي إلى دعم الخطوات الأخيرة في شبه الجزيرة الكورية. وقال الناطق باسم الخارجية الصينية، جينغ شوانغ، في مؤتمر صحافي في العاصمة بكين: «نرحب وندعم موافقة بيونغ يانغ على مقترح سيول عقد محادثات رفيعة المستوى بين الجانبين في التاسع من الشهر الجاري في المنطقة العازلة بين البلدين». وأضاف أن «الكوريتين تتخذان خطوات إيجابية متبادلة خلال الفترة الأخيرة، لتخفيف التوتر بينهما»، مؤكداً أن الصين بصفتها جارة لشبه الجزيرة الكورية تدعم التطورات الأخيرة هناك.
في السياق، قالت وزارة التجارة الصينية، أمس، إنها «ستقيّد صادرات النفط الخام والمواد النفطية المكررة والصلب ومعادن أخرى لكوريا الشمالية بما يتفق مع العقوبات القاسية الجديدة التي فرضتها الأمم المتحدة على بيونغ يانغ بسبب اختباراتها الصاروخية». وأضافت الوزارة أن «الإجراء الذي قررته الصين سيدخل حيز التنفيذ في السادس من كانون الثاني الجاري».
إلى ذلك، أعلنت الحكومة اليابانية أنها ستقوم بالمطلوب من أجل زيادة الضغط على كوريا الشمالية من أجل التخلي عن برنامجها النووي والصاروخي. وقال المتحدث باسم الحكومة يوشيدا سوغا، بخصوص الحوار الكوري ــ الكوري المقبل، إن بلاده «على تواصل وثيق مع إدارتي واشنطن وسيول... سنزيد الضغط على إدارة بيونغ يانغ من خلال اتخاذ الخطوات المطلوبة بما فيها التعاون مع الصين وروسيا».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)