يظلّل الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة «5+1» كافة النقاشات في المنطقة، فالأطراف التي لم تجد لنفسها مكاناً وسط التطورات التي فرضت نفسها، تجهد للحصول على منافع سياسية أو جوائز ترضية، ما زالت الولايات المتحدة تحصرها في الشق المعنوي، وهو ما أتى بنتيجة أولية تمثلت في زيارة مرتقبة للملك السعودي لواشنطن في الخريف المقبل، للقاء الرئيس باراك أوباما.
وفي إطار الجولة الإقليمية التي يقوم بها كارتر لتهدئة مخاوف حلفاء الولايات المتحدة، أجرى أمس مباحثات مع الملك سلمان ونجله ولي ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يتولى كذلك وزارة الدفاع. وقال للصحافيين على متن طائرته: «لقد أبدى كل من الملك ووزير الدفاع تأييدهما للاتفاق مع إيران». وأضاف بعد زيارته التي استغرقت قرابة أربع ساعات، أنه خلال لقائه مع سلمان «كانت التحفظات الوحيدة التي ناقشناها هي تلك التي نتقاسمها عموماً، وخصوصاً أننا سنحرص على التحقق من تطبيق الاتفاق». وأشار إلى أن المباحثات شملت كذلك التعاون العسكري الذي يشمل تدريب القوات الخاصة السعودية والأمن المعلوماتي والدفاع المضاد للصواريخ. وأعلن أن سلمان سيزور الولايات المتحدة في الخريف المقبل، للقاء الرئيس باراك أوباما.
روحاني: مصادقة مجلس
الأمن علی القرار رقم 2231 حدثٌ قلّ نظيره في تاريخ إيران

ووفق ما صرّح به مصدر غربي، فإن السعودية وإسرائيل تبديان المخاوف «نفسها» إزاء الاتفاق. وقال المصدر إن السعوديين كذلك «يعتبرون الأمر خطأً»، لكنهم لا يقولون ذلك بشكل علني، كما يفعل الاسرائيليون.
وكان كارتر قد صرّح، أول من أمس، لجنود من ست دول ضمن التحالف الدولي في قاعدة جوية شمال شرق الأردن، بأن «للولايات المتحدة وإسرائيل التزاماً مشتركاً لمواجهة النفوذ الإيراني الخبيث في المنطقة». ثم عاد بعد ظهر أمس إلى الأردن، لإجراء مباحثات مع قيادات الجيش الأردني.
مع ذلك، فقد شدد رئيس مجلس النواب الأميركي جون بينر على أنه سيفعل مع آخرين في الكونغرس «كل ما يمكن» لمنع المضي قدماً في تنفيذ الاتفاق النووي مع إيران. وفيما كان يُنتظر تقديم وزراء الخارجية جون كيري والخزانة جاك لو والطاقة إرنست مونيز تقارير سرية لمشرعين في مقر الكونغرس في واشنطن، قال بينر للصحافيين: «سيوجه أعضاء في الكونغرس أسئلة أكثر صعوبة هذا المساء، حين يلتقون مع فريق يمثل الرئيس.. سنفعل كل ما يمكن لتعطيل الاتفاق».
غير أن التهويل السعودي والإسرائيلي الذي قوبل بالطمأنة الأميركية وبمساعي العرقلة في الكونغرس من جهة أخرى، واجهه مستشار المرشد الأعلى للشؤون الدولية، علي أكبر ولايتي، أمس، بتأكيد أن «لا أحد يجرؤ على الإساءة للشعب الإيراني الكبير». وقال للصحافيين، علی هامش لقائه وکيل وزارة الخارجية السويسرية التي تمثل بلاده مصالح واشنطن في طهران، إن «المجلس الأعلی للأمن القومي الإيراني يعدّ أعلی مرجع لاتخاذ القرار بشأن القضايا الأساسية المتعلقة بالأمن الاستراتيجي للبلاد، أكان داخلياً أم خارجياً، وهناك يتم توقيع القرارات وتأييدها من قبل المرشد الأعلى».
ورداً على سؤال بشأن ما رُوّج له عن تهديدات سعودية، قال إن «إيران تعتبر بلا شك القوة الأولی في المنطقة»، موضحاً أنه سمع بهذا الخبر عن طريق الإعلام. وهو إذ أعرب عن أمله «ألا يکون صحيحاً»، فقد أضاف أنه «إن کان صحيحاً، فإن دولاً أکبر من هذه الدولة لا تجرؤ علی النيل من کرامة الشعب الإيراني الكبير».
في غضون ذلك، أکد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن مصادقة مجلس الأمن علی القرار رقم 2231 يعتبر حدثاً قلّ نظيره في تاريخ إيران. وأضاف أن بلاده «كانت تسعی وراء تثبيت حقها في التخصيب، واليوم اعترف مجلس الأمن بصراحة بحق إيران في التخصيب». وخلال اجتماع لمجلس الوزراء، أشار إلى أنه «رغم أن اتفاق إيران مع دول 5+1 وضع قيوداً لفترة محددة، لکن برأي الخبراء فإن هذه القيود لن تلحق الضرر باستمرار وتطوير التكنولوجيا النووية في إيران».
وتطرق الرئيس الإيراني إلى ما يروّج له الطرف الآخر عن أنه وفقاً لهذا الاتفاق فإن إيران «لن تتمکن، وفي أقل من عام، من الحصول علی القنبلة النووية»، فقال إن «هذا ادّعاء يبعث علی السخرية، لأن الشعب الإيراني لم يسع أبداً إلى إنتاج أسلحة الدمار الشامل، ويری أنها تتنافى مع الأخلاق والأحکام الفقهية، وفتوی المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية». وأضاف: «لا مشکلة لدينا إذا کان تکرار هذه المزاعم نجاحاً بالنسبة إليهم، ويسرّون لهذا النجاح».
من جهته، أعلن كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي أن إيران لن تقبل إعادة فرض العقوبات، بعد انتهاء السنوات العشر المحدّدة في الاتفاق مع القوى الدولية. وقال، في مؤتمر صحافي بثه التلفزيون على الهواء، إن إيران ستفعل «أي شيء» لمساعدة الحلفاء في الشرق الأوسط، مجدّداً التشديد على أنه رغم الاتفاق فإن سياسة طهران الخارجية المعادية للغرب لن تتغير.
وقال عراقجي إن «حل القضية النووية هو إدارة إحدى القضايا القائمة بين إيران وأميركا، ولا يعني ذلك تطبيع العلاقات بين البلدين».
ولفت عراقجي إلى أن أي محاولة لإعادة فرض العقوبات بعد انقضاء السنوات العشر سيمثل مخالفة للاتفاق، في إشارة إلى إلى إبلاغ الدول الكبرى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أنها تعتزم، بعد انقضاء السنوات العشر، العمل على وضع آلية تسمح بإعادة فرض العقوبات، خلال خمسة أعوام.
كذلك، أشار عراقجي إلى أن «حظر بيع الأسلحة إلى إيران شمل 7 أنواع»، موضحاً أن «الأسلحة الدفاعية، لا سيما اس -300، مستثناة».
على صعيد متصل، صرّح قائد القوى الجوية في الجيش الإيراني العميد أحمد رضا بوردستان بأنه لن يتم السماح بتفتيش المراكز العسكرية. وفي تصريح إلى الصحافيين، أوضح أن «أي اتفاق حاصل إنما هو في مجال صادرات وإنتاج التكنولوجيا النووية». وفي جانب آخر من تصريحه، أعلن أنه سيتم تنفيذ 6 مناورات في مختلف مناطق البلاد، مشيراً إلى أنها «ستجري بصورة مشتركة بالتعاون مع التعبئة والحرس الثوري، للارتقاء بالقدرات الدفاعية والعسكرية للبلاد».
(الأخبار، رويترز، أ ف ب)