واشنطن | عاد الحديث مجدداً عن عزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب على التخلص من وزير خارجيته ريكس تيلرسون، واستبداله بمدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) مايك بومبيو. وكانت تقارير غير مسبوقة قد نشرت، الشهر الماضي، أن تيلرسون وصف ترامب في اجتماع عقد في البنتاغون في شهر تموز بأنه «أحمق»، وسرعان ما انتشرت تكهنات بأن رئيس الدبلوماسية الأميركية في طريقه للخروج من منصبه.وعلى الرغم من الجهود التي بذلها البيت الأبيض للتقليل من أهمية القصة في ذلك الوقت، لكن يبدو أن التقارير الجديدة تؤكد التكهنات بأن بومبيو يستعد لخلافة تيلرسون.

وذكرت صحيفة «بوليتيكو» الأميركية أن بومبيو بات يلعب دوراً مؤثراً بشكل خاص في البيت الأبيض، وتقديم المشورة لترامب بشأن مجموعة واسعة من القضايا في «التدفق الحر» للإحاطات الاستخبارية التي يقدمها للرئيس الأميركي أربع مرات في الأسبوع. ويُقال إن ترامب يسعى إلى الحصول على أفكار من بومبيو بشأن مواضيع تتراوح بين التهديدات التي تستهدف الأمن القومي وديناميات الكونغرس. ويذكر أن بومبيو كان عضواً عن الحزب الجمهوري في مجلس النواب الأميركي، حيث تم انتخابه عن ولاية كانساس في عام 2010، وقد سطع نجمه سريعاً في المجلس كأحد الصقور الجمهوريين.
ونقلت الصحيفة عن نحو سبعة ممّن لهم علاقة بخطط البيت الأبيض، حالياً وسابقاً، اعتقادهم بأن ترامب سوف يستبدل تيلرسون الذي سبق أن أعلن أن لا خطط لديه للاستقالة. ونقل مساعدون لبومبيو عنه قوله إنه رغم رغبته في البقاء في منصبه لمدة ثماني سنوات، إلا أنه سيقبل منصب وزير الخارجية إذا عرضه عليه ترامب.

ترامب غير متشجع لفكرة ترشيح نيكي هالي لخلافة تيلرسون

ويذكر أن مجلس الشيوخ وافق على تعيين بومبيو بعد يومين فقط من تنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة، يوم 20 كانون الثاني الماضي. وقال العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ عن ولاية أركنساو، توم كوتن، إن «بومبيو مثل الرئيس ترامب، وجاد إزاء التهديدات التي نواجهها، ويتحدث بطريقة مباشرة وحادة، إنه رجل ليس لديه وقت يضيعه عند مواجهة تلك التهديدات».
إن علاقة ترامب الوثيقة مع بومبيو، كما يشير تقرير «بوليتيكو»، تشبه إلى حد كبير العلاقة مع رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض جون كيلي الذي نقله ترامب من وزير الأمن الداخلي إلى البيت الأبيض، بعد مضي ستة أشهر من انضمامه إلى حكومة ترامب. وقد بعث تيلرسون وترامب بإشارات متباينة إلى المجتمع الدولي، وربما كان أبرزها عندما رد وزير الخارجية على خطاب ترامب المتشدد بقوله إن الولايات المتحدة تتابع المحادثات مع كوريا الشمالية.
وقال جيم جيفري نائب مستشار الأمن القومي للرئيس السابق جورج بوش الابن إن «بومبيو مشكك إزاء التفكير التقليدي في واشنطن بشأن إيران وكوريا الشمالية». وأضاف أن «تيلرسون أعاد الاعتبار لأمور السياسة، وأحياناً كان يتأمل على الدوام بحل دبلوماسي». أما بومبيو ــ بحسب رأي جيفري ــ فهو على النقيض «سوف يفكر خارج هذا الرأي، وهو غير مستعد للهجوم على ترامب علناً، الأمر الذي يبدو أن معظم أعضاء حكومة ترامب مستعدون للقيام بذلك».
وسط هذه التكهنات، نفى نائب المتحدث باسم البيت الأبيض راج شاه أن يكون لدى الرئيس ترامب أي خلاف مع تيلرسون. وقال إن «الرئيس مرتاح جداً لطاقم الأمن القومي بكامله، الذي يشمل وزير الخارجية تيلرسون ومدير السي آي إيه بومبيو، وكلاهما قادا العالم لضغط غير مسبوق على كوريا الشمالية، ويسحقان داعش في العراق وسوريا وأقنعا أعضاء حلف شمالي الأطلسي بأن يساهموا أكثر في الدفاع المشترك».
وفي الوقت الذي تتعزّز فيه علاقة بومبيو بالرئيس ترامب، فإن مقربين من الأخير يقولون إنه غير متشجع لفكرة ترشيح مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هالي لتخلف تيلرسون، التي ربما تكون الوجه الأكثر وضوحاً للسياسة الخارجية الأميركية في حكومة ترامب، على الرغم من أنها كثيراً ما تردّد اسمها كمرشح محتمل لخلافة تيلرسون. وقد سبق لهالي أن صرحت في الشهر الماضي لشبكة «سي إن إن» بأنها «لن تأخذ» منصب وزير الخارجية إذا عرض عليها. وعزا اثنان من المقربين لترامب رفضه لفكرة ترشيح هالي إلى التكهنات بأنها ربما تسعى إلى الترشح لانتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة. وهي على غرار بومبيو، أكثر انسجاماً مع جدول أعمال السياسة الخارجية لترامب من تيلرسون ــ ولكن على عكس مدير وكالة الاستخبارات المركزية، فهي تحظى باهتمام وسائل الإعلام، إذ تظهر بشكل متكرر في البرامج الحوارية على شبكات التلفزة الأميركية ممثلة للحكومة الأميركية. وسرعان ما كسحت كيلي تيلرسون باحتلالها موقع الدبلوماسية الأولى لحكومة ترامب. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن الأمر بالنسبة إلى الرئيس يحب أن يكون في مركز الاهتمام، فقد «حلّقت هالي قريباً جداً من الشمس».