تعيش إيرلندا الشمالية، الإقليم الذي يتمتع بشبه حكم ذاتي داخل المملكة المتحدة، أزمة سياسية منذ أشهر باتت تهدد بعودته تحت الحكم المباشر للندن، فقد صوّت النواب في بريطانيا، أمس، لمصلحة فرض ميزانية على الإقليم، بعدما عرضها وزير شؤون إيرلندا الشمالية في الحكومة البريطانية، جيمس بروكنشاير، بـ«تردد كبير».
وقال الوزير إنه لم يكن هناك «أي خيار آخر» بعد فشل جهود استمرت على مدى أشهر لتقريب وجهات النظر بين طرفي برلمان بلفاست، حيث يتقاسم السطات الوحدويون والقوميون. وأضاف متوجهاً إلى النواب خلال جلسة مناقشة أنه كان يفضل «من دون شك أن تضع حكومة في إيرلندا الشمالية ميزانيتها».
لكن إيرلندا الشمالية لا تزال من دون حكومة منذ أكثر من عشرة أشهر، بعدما فشل أكبر حزبين في المقاطعة، «الحزب الوحدوي الديموقراطي» المتحالف حالياً مع حزب بروكنشاير المحافظ الحاكم، والقوميين من حزب «شين فين»، في الاتفاق على حكومة لتقاسم السلطة واختلفا على مسائل عدة، بينها قانون يتعلق باللغة الإيرلندية.

خطوة لندن تقترب بشكل خطير نحو الحكم المباشر
وكانت رئيسة «الحزب الديموقراطي الوحدوي»، آرلين فوستر، قد حذرت، أول من أمس، من أن تدخل لندن بات أمراً لا بد منه، مثنية على خطوة برونكشاير المحافظ بفرض الميزانية من ويستمينستر. وأضافت، وفق صحيفة «بلفاست تايم»، أن على حزبها وحزب «شين فين» السعي نحو العمل معاً من أجل تخطي الخلافات والتوصل إلى «اتفاق جيد للوحدويين وللقوميين». غير أن زعيمة «شين فين»، ميشال أونيل، رأت أن لندن سارت نحو ضمان تسوية تتلاءم مع مطالب «الديموقراطي الوحدوي» نظراً إلى دوره في الحفاظ على «توازن القوى في ويستمينستر». وأكدت من جديد على مطلب حزبها الأساسي وهو وضع اللغة الإيرلندية بشكل متساوٍ مع اللغة الإنكليزية في إيرلندا الشمالية.
من جهته، قال بروكنشاير، الذي حذر لأسابيع من أن ويستمنستر قد تجبر على التدخل، إن وضع الميزانية كان ضرورياً لضمان استمرار سير الخدمات العامة. ودعمت الأحزاب السياسية المعارضة في ويستمنستر الميزانية، إلا أنها أعربت عن مخاوف في هذا الشأن. بدوره، عبّر «حزب العمال» في إيرلندا الشمالية عن مخاوفه من أن تلك الخطوة تقترب بشكل خطير نحو الحكم المباشر، محذراً من أن فرضه سيكون خطوة هائلة إلى الوراء. أما وزير خارجية إيرلندا، سايمن كوفيني، فأكد أنه «محبط» لعدم توصل أشهر من المفاوضات إلى اتفاق. وأضاف أن «المسائل التي تجري مناقشتها، وتحديداً تلك المرتبطة باللغة والثقافة، هي في صميم الانقسامات في مجتمع إيرلندا الشمالية، لذا سيكون الاتفاق دائماً مسألة صعبة للغاية». وأكد أنه لا يزال واثقاً من إمكانية التوصل إلى اتفاق مبني على اتفاق سلام عام 1998 الذي نص على تنصيب حكومة ذاتية في إيرلندا الشمالية للمرة الأولى.
(الأخبار، أ ف ب)