تصدّرت أوضاع التجارة والاقتصاد العالمي جدول أعمال قمة منظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ ــ «أبيك» ــ التي انطلقت أمس في مدينة دانانغ في فيتنام، بحضور أقطاب السياسة وقطاع الأعمال، من بينهم الرئيسان، الأميركي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين، اللذان كان من المنتظر أن تشهد القمة «ثاني لقاء» بينهما.
وفيما لم يحصل هذا اللقاء، فقد نقلت وكالات أنباء روسية أن «الرئيسين تصافحا وتبادلا التحية وبعض الكلمات»، مضيفة أن «ترامب اقترب من بوتين، خلال التقاط صور تذكارية جماعية لزعماء العالم في دانانغ، وربّت كتفه».
في غضون ذلك، وفي ما يشبه المنافسة، عرض الرئيس الأميركي ونظيره الصيني شي جين بينغ، رؤيتين مختلفتين كثيراً لمستقبل التجارة العالمية، أمام المنتدى، إذ أكد الأول على شعاره «أميركا أولاً» ليترك شي في موقف الدفاع عن موجة العولمة.
ترامب الذي وصل أمس إلى دانانغ، المحطة ما قبل الأخيرة في جولته الآسيوية، تعهد بأن بلاده «لن تسكت» عن مبادلات تجارية غير منصفة، ولن تسمح «بأن يتم استغلالها بعد الآن». كما انتقد المساعدات الحكومية والأسواق المغلقة، التي برأيه «تمنع التبادل الحر الحقيقي»، ملمّحاً إلى أن «منظمة التجارة العالمية لم تتعامل بصورة عادلة مع جميع دول المنطقة». إلا أن ترامب أعرب عن انفتاح بلاده واستعدادها للالتزام بسياسات التجارة العادلة والمساواة من الآن فصاعداً.
بدوره، سارع شي إلى ملء الفراغ الذي أحدثه إعلان ترامب، من خلال إبراز دور بلاده «الريادي»، مدافعاً عن العولمة التي سمحت للصين بالخروج من الفقر لتصبح قوة كبرى، ووصفها بأنه «المسار التاريخي الذي لا عودة عنه». كذلك، لفت الرئيس الصيني إلى الخلافات المتعددة بشأن انعدام التوازن التجاري وخسارة الوظائف، مُقرّاً بضرورة تطوير فلسفة التجارة الحرة لتصبح «أكثر انفتاحاً وأكثر توازناً وإنصافاً».

فتحت الصين قطاعها المالي أمام الشركات الأجنبية

وسبق خطاب شي إعلان قضى بأن بلاده ستضاعف إجراءات فتح الأسواق المالية أمام الشركات الأجنبية، ليكون بذلك قد قدم هدية إلى ترامب، الذي دعاه خلال زيارته الأخيرة لبكين قبل أيام، إلى توفير بيئة «أكثر إنصافاً» للشركات الأميركية. يذكر أن فتح القطاع المالي الصيني أمام الشركات الأجنبية كان دائماً مطلباً رئيسياً من الولايات المتحدة، ومستثمرين عالميين آخرين طالما اشتكوا من القيود المشددة على دخول ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وفي السياق، أعلنت الصين أنها ستسمح للشركات الأجنبية بحيازة حصة أغلبية في مصارف وشركات مالية أخرى فيها أمس، بعدما كانت القيود المشددة المحيطة بالقطاع المالي الصيني محل انتقاد بروكسل وواشنطن. وقال نائب وزير المال الصيني تشو غوانغ ياو، إن «التسهيلات الكبيرة التي أدخلت إلى القطاع المالي ثمرة توافق تم التوصل إليه الخميس (لقاء ترامب وشي)»، مضيفاً «من الآن فصاعداً، ستتمكن الشركات الأجنبية من حيازة حتى 51% من الشركات المختلطة العاملة في الصين في مجال السمسرة وإدارة الودائع، أو المتاجرة بالعقود الآجلة، في حين تبلغ هذه الحصة اليوم 49% كحد أقصى».
ولفت تشو إلى أن هذا السقف «سيلغى خلال ثلاث سنوات. أما في مجال التأمين على الحياة، فستتم زيادة الحصص حتى 51% خلال ثلاث سنوات»، مستدركاً بالقول إن «الأحكام التي تمنع اليوم مستثمرين أجانب من حيازة حصص أغلبية في المصارف ستلغى». كذلك، أعلن نائب رئيس الوزراء وانغ يانغ، أمس، في تصريحٍ لصحيفة «يومية الشعب»، أنه «لن يتم بعد الآن إلزام الشركات الأجنبية بمشاركة أسرارها التكنولوجية لكي تتمكن من دخول سوق الصين»، واعداً بأن بكين «ستعزز حماية الملكية الفكرية وستشن حملة على جرائم الغش والتزييف».
وبالعودة إلى خطاب الرئيس الأميركي، الذي لم ينسَ ذكر كوريا الشمالية ورئيسها، كيم جونغ أون، في حصة دسمة منه، إذ قال «إن منطقة الهند والمحيط الهادئ يجب ألا تبقى رهينة بديكتاتور الأوهام المتقلبة بين العنف والابتزاز النووي»، في إشارة إلى كيم. كما اعتبر أن آسيا لا يمكن أن تعيش تحت تهديد النووي الكوري، محذراً من أن أي خطوة تتخذها بيونغ يانغ نحو تعزيز سلاحها النووي أو الصاروخي هي خطوة باتجاه تفاقم الخطر أكثر فأكثر.
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)