بعد اختتام زيارة لليابان استمرت ثلاثة أيام، وصل الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أمس، إلى كوريا الجنوبية، المحطة الثانية في جولته الآسيوية، معلناً عن «تقدّم كبير» في الملف النووي للجارة الكورية، ومؤكداً في الوقت عينه أنه يمكن استخدام الخيار العسكري ضد بيونغ يانغ «إذا لزم الأمر».إلا أن ترامب غيّر رأيه مرة ثانية، إذ أعرب عن استعداده للتفاوض مع كوريا الشمالية، ودعا بيونغ يانغ إلى طاولة المفاوضات بهدف إبرام اتفاق ينهي برنامجها النووي!

وفي خطوة مفاجئة وغير مسبوقة، استقبل رئيس كوريا الجنوبية، مون جاي إن، نظيره الأميركي في قاعدة «كامب همفريز» للقوات الأميركية في كوريا الجنوبية، التي تقع في مدينة بيونغ تايك على بعد 70 كيلومتراً جنوبي العاصمة سيول.
وذكرت وسائل الإعلام أن قدوم مون إلى القاعدة فاجأ الجميع لأنه لم يعلن عنه مسبقاً، إذ كان من المتوقع أن يستقبل ضيفه في العاصمة.
مون أكد أن هذه هي المرة الأولى في تاريخ بلاده التي يلتقي فيها زعيم كوري جنوبي نظيره الأميركي في القاعدة العسكرية الأميركية «لدعم الضباط والجنود معنوياً»، مشيراً إلى أن العسكريين هم «حجر الزاوية» للتحالف العسكري بين واشنطن وسيول، وداعياً إياهم إلى التعامل معاً من أجل إقامة السلام والازدهار في شبه الجزيرة الكورية، إذ تضم هذه القاعدة ألف عسكري، وهي أكبر قاعدة أميركية في الخارج، وتعد رمزاً للتحالف العسكري القوي بين البلدين.
بدوره، رحّب ترامب بخطة سيول لشراء معدات عسكرية أميركية، قائلاً إن ذلك سيساهم في «تقليص العجز التجاري لبلاده مع كوريا الجنوبية». وأضاف: «جيشكم يزداد قوة... جيشنا سيكون الآن في القريب العاجل على أعلى مستوى. نحن ملتزمون بإنفاق 700 مليار دولار، وقد يرتفع هذا الرقم».
بالعودة إلى الملف النووي الكوري الشمالي، قال ترامب خلال مؤتمر مشترك عقده في العاصمة مع مون، «من المنطقي في الوقت الراهن أن تتوجه كوريا الشمالية إلى طاولة المفاوضات بهدف إبرام اتفاق جيد يعود بالفائدة على شعبها خاصة، والعالم بأسره عامة».
وفي تحوّل عن خطابه الهجومي، قال بـ«تفاؤل»: «أرى تقدماً ملحوظاً في التعامل مع كوريا الشمالية»، مؤكداً أنه «لا يرغب في استخدام القوة ضدها، لكن تجاربها النووية تمثل تهديداً للعالم بأسره».
في مقابل الهدوء، عاود الرئيس الأميركي رفع سقف تصريحاته ضد بيونغ يانغ، قائلاً: «يجب على كل الدول تطبيق وثائق مجلس الأمن الدولي، ووقف التجارة والأعمال تماماً مع كوريا الشمالية... من غير المقبول أن تساعد الدول على تسليح وتمويل النظام الذي يشكل خطراً أكثر فأكثر».
أما مون، فأعلن أن بلاده والولايات المتحدة «تطالبان كوريا الشمالية بالوقف الفوري لجميع تجاربها النووية، والجلوس إلى طاولة المفاوضات»، لافتاً إلى أنه «تم التوصل الى اتفاق نهائي حول رفع القيود عن وزن الرؤوس المدمرة للصواريخ الكورية الجنوبية».
وعبّر مون عن أمله بأن تعطي زيارة ترامب لآسيا زخماً «لحل أزمة أسلحة كوريا الشمالية النووية»، وقال مخاطباً ترامب: «أتمنى أن تقدم لشعبنا تأكيدات على حل قضية الأسلحة النووية بطريقة سلمية أثناء زيارتك لنا، بينما تبعث في الوقت نفسه رسالة قوية إلى الشمال».

«فايننشال تايمز​»: التلويح بالخيار العسكري يجعل الصين عرضة لحرب محتملة


وتأتي زيارة ترامب الرسمية الأولى لكوريا الجنوبية، التي تستمر حتى اليوم الأربعاء، بعد أشهر من التصعيد المتواصل حول شبه الجزيرة بسبب البرامج العسكرية لبيونغ يانغ التي نفذت في أيلول الماضي تجربتها النووية السادسة، واختبرت العديد من الصواريخ القادرة على بلوغ الأراضي الأميركية.
وسيغادر ترامب كوريا الجنوبية متجهاً إلى الصين، ومنها إلى فييتنام الجمعة، قبل أن ينهي رحلته في الفيليبين الأحد.
في هذا السياق، نشرت صحيفة «​فايننشال تايمز​» البريطانية تقريراً عن القمة الأميركية ــ ​الصينية وأزمة ​كوريا الشمالية​، رأت فيه أن «التهديدات الكورية الشمالية تجعل من القمة الأميركية الصينية الأهم منذ عقود، إذ إن ​تحذيرات​ ترامب​، وتلويحه بالخيار العسكري لنزع سلاح كوريا الشمالية تجعل الصين على خط النار وعرضة لتبعات الحرب المحتملة».
ولفتت الصحيفة إلى أن «​الخبراء​ الصينيين منقسمون بشأن الطريقة المثلى للتعامل مع الأزمة، إذ يرى فريق منهم أن بكين مطالبة بالتعاون​ العسكري مع ​الولايات المتحدة​، بينما يحمّل آخرون ​واشنطن​ مسؤولية حصول كارثة». وأشارت إلى أن «موقف حكومة ​الرئيس الصيني​​ بعيد عن الجهتين، وتسعى إلى إحياء المسار الدبلوماسي، وانتهاج ​سياسة​ التجميد مقابل التجميد، وهي أن تجمد كوريا الشمالية برنامجها النووي، وتجمد الولايات المتحدة مناوراتها العسكرية، التي تغضب بيونغ يانغ».
(الأخبار، أ ف ب)