منذ بداية الأزمة الكاتالونية، قورنت مجرياتها وطبيعتها بالأحداث التي وقعت في كوسوفو في التسعينيات، غير أن المقارنة بين الأزمتين والإقليمين، مقارنة غير صحيحة وتختلف في عدة أبعاد، أولها الاختلاف في محركات كل من الأزمتين، وثانيها اعتماد إجراءات مختلفة كثيراً من قبل الحكومتين المركزيتين في كل من إسبانيا وصربيا للتعامل مع الأزمة. وأخيراً، إن مستوى «القمع» مختلف كثيراً أيضاً، وفق تقرير نشر أمس في صحيفة «بلقان إنسايت».
بالدرجة الأولى، رأى التقرير أن المسبب الأساسي للأزمة في كوسوفو كان سعي صربيا إلى تركيز القوة المركزية في يديها، فيما لم يكن الأمر كذلك في الحالة الكاتالونية، حيث المحرك الأساسي للأزمة الحالية سعي الكاتالونيين إلى «الاستقلال». بالعودة إلى صربيا، فقد اتخذت الحكومة إجراءات دستورية ضد «الحكم الذاتي» الكوسوفي، وعبر حالة الطوارئ، عززت سلطة الحكومة المركزية وخفضت من مستوى الحكم الذاتي في كوسوفو.

في المقابل، ففي الحالة الكاتالونية، تفجرت الأزمة جراء إجراءات اتخذت من الأطراف (الإقليم الكاتالوني) وليس المركز، تهدف إلى اكتساب مزيد من القوة، على الرغم من أن الإقليم كان يتمتع بسلطة ذاتية واسعة بناءً على قرار المحكمة الدستورية لعام 2010، وهي سلطة ذاتية منحتها الحكومة المركزية، لا تقارن بإجراءات تقليص الحكم التي اتبعتها صربيا بحق كوسوفو.
من جهة ثانية، رأى التقرير أنه تجدر المقارنة بين إجراءات الحكومة الإسبانية ضد الانفصال الكاتالوني بعد استفتاء 1 تشرين الأول 2017، والإجراءات الصربية في عام 1989 بشأن كوسوفو. صحيح أن الطرفين استخدما القوة، غير أن الاختلاف هو في حجم القوة المستخدمة، إذ لا يمكن مقارنة تصرف الحرس المدني الإسباني والشرطة الوطنية يوم الاستفتاء في كاتالونيا، مع القوة العسكرية الهائلة التي استخدمتها صربيا في كوسوفو عام 1989. من ناحية الإجراءات القانونية، فإنه فيما حاولت صربيا بالقوة فرض سلطتها على كوسوفو وإلغاء حكمها الذاتي، اعتمدت الحكومة الإسبانية على المادة 155 من الدستور التي تسمح لها بفرض سيطرة مؤقتة على كاتالونيا لحين إعادة السلطات الكاتالونية إلى «حكم القانون»، على الرغم من البلبلة التي يثيرها عدم وضوح الإجراءات التي يجب اتخاذها تحت المادة 155.
يمكن الإشارة أيضاً إلى وجود اختلافات اجتماعية وسياسية هائلة بين كاتالونيا وكوسوفو، إذ في حين أن كاتالونيا هي أغنى المناطق الإسبانية، فإن كوسوفو هي أفقر المناطق في يوغوسلافيا السابقة. والاختلاف بين الكاتالونيين والإسبان لا يمكن تصنيفه بأنه «اختلاف إثني، بل هو اختلاف لغوي بالدرجة الأولى». كذلك، فإن استقلال كوسوفو حظي بدعم دولي على عكس الحالة الكاتالونية، بالإضافة إلى أن نسبة قبوله بين الألبان في كوسوفو كانت أعلى بكثير من نسبة قبوله من قبل الكاتالونيين.
(الأخبار)