عقب لقاء هو الثاني في نحو عامين، بين المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أشار خامنئي إلى «التجربة الجيدة جداً للتعاون بين إيران وروسيا في سوريا»، مضيفاً أنّ «نتائج هذا التعاون أثبتت أن طهران وموسكو يمكنهما تحقيق أهداف مشتركة في ميادين صعبة».
وقال خامنئي إنّ «هزيمة التحالف الاميركي الداعم للإرهابيين في سوريا حقيقة لا يمكن إنكارها، لكن هؤلاء مشغولون في التخطيط وإعداد المؤامرات، لذلك فإن تسوية الازمة السورية بحاجة الى مواصلة التعاون الوثيق». وبينما رحّب خامنئي بمقترح الرئيس الروسي «من أجل مزيد من تعزيز التعاون في جميع المجالات»، رأى أنّ «طاقات التعاون الاقتصادي في البلدين أكبر بكثير من مستوى العلاقات الراهنة».
ورأى خامنئي أنّ «التكاتف الجيد للغاية والمقاومة المشتركة لطهران وموسكو في وجه فتنة وفساد الإرهابيين في سوريا يحملان الكثير من المعاني، وقد أثّرت روسيا في قضايا منطقة غرب آسيا»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنّ «الشعب السوري هو من يتخذ القرار النهائي حول القضايا التي تخصّ سوريا». وتوجه إلى بوتين قائلاً: «كما قلتم، يجب أن تخرج جميع الحلول حول الحكومة السورية من داخل هذا البلد، وعدم ممارسة الضغط على الحكومة السورية من أجل تنفيذ أي مشروع، وينبغي أن تكون المقترحات والمشاريع شاملة قدر المستطاع». وفي السياق، وصف بوتين بـ«الشخصية القوية والعملية... لذلك يمكن الحديث والتعاون المنطقي مع روسيا بوصفها قوة كبيرة بشأن إجراءات كبيرة وبحاجة الى الارادة والسعي».

خامنئي لبوتين: كما
قلتم، الحلول السوريّة يجب
أن تكون داخلية


من جهته، شدد بوتين على «ضرورة الحفاظ على الاستقرار والامن الإقليمي في المنطقة»، مضيفاً: «حققنا نتائج جيدة عبر التعاون المشترك في سوريا، وينبغي الى جانب محاربة الارهاب الاهتمام بالعملية السياسية المناسبة في هذا البلد». ووصف مواقف خامنئي في تحقيق الأهداف المشتركة في سوريا بـ«المؤثرة والحكيمة»، معتبراً في الوقت نفسه أنّ «الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ودعم الحكومة السورية والرئيس الشرعي لهذا البلد بشار الأسد، من مبادئ السياسة الخارجية لروسيا... ونؤمن بأنّ أي تغيير وتطور في أي بلد، ومنها سوريا، يجب أن يتم من الداخل».
من جهة أخرى، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، إثر اجتماعه بنظيره الروسي، أنّ «روسيا بلد صديق... وشريك استراتيجي لإيران»، داعياً إلى «تعزيز التعاون الثنائي» بين البلدين، وفق ما جاء في بيان للرئاسة. وبشأن سوريا، أشار الرئيس الإيراني إلى أنّ «تعاون إيران وروسيا كان له تأثير كبير في مكافحة الإرهاب»، مضيفاً أنّ بوتين أكد دعمه لإيران في مواجهة التهديدات الأميركية بالتراجع عن الاتفاق النووي المبرم في 2015.
وعقب انتهاء اللقاءين مع الرئيس الإيراني ومع خامنئي، شارك بوتين في قمة ثلاثية للدول المطلة على بحر قزوين مع روحاني ورئيس آذربيجان إلهام علييف، علماً بأنّ هذه القمة الثلاثية بين إيران وروسيا وآذربيجان هي الثانية بعد قمة في باكو في 2016.
وبخصوص هذه القمة الثلاثية، فقد وصف الرئيس الروسي المباحثات التي أجراها مع الرئيسين الإيراني والآذربيجاني بـ«الإيجابية». وقال في مؤتمر صحافي مشترك: «تطرقنا إلى مسائل مختلفة في مجال محاربة الإرهاب والجريمة، لكن في الأساس بحثنا القضايا الاقتصادية». وفي حديث بشأن مشروع الترانزيت بين إيران وآذربيجان وروسيا، أشار بوتين إلى أنّ «الممر جنوب ــ شمال للمواصلات تم اختباره عبر توجيه شحنات من الهند عبر إيران إلى روسيا وأثبت منفعته الاقتصادية». وبخصوص وضع سوق النفط، لفت إلى أنّ «التنسيق مع أوبك أدى إلى نتائج جيدة جداً في مجال استقرار سوق النفط»، مؤكداً أيضاً أنّه جرى خلال المباحثات التطرق إلى قضايا بحر قزوين بين الأطراف الثلاثة، ووضعها القانوني.
وعلى هامش زيارة بوتين لطهران، أعلنت شركة المحروقات الروسية العملاقة «روسنفط» (شبه عامة) أنّها وقّعت مع شركة النفط الايرانية العامة «خريطة طريق» لتنفيذ مشاريع مشتركة في مجال إنتاج النفط والغاز في إيران.
ونقلت وكالة «انترفاكس» عن المدير العام لـ«روسنفط»، إيغور سيتشين، قوله إنّ الأمر يتعلق «بسلسلة» من الحقول التي سيتم استغلالها مع شركاء إيرانيين في «استثمار إجمالي» يمكن أن يصل «حتى 30 مليار دولار»، بحسب المصدر ذاته.
وبدأت طهران وموسكو في السنوات الأخيرة تقارباً واضحاً على خلفية مصالح جيوسياسية مشتركة. وروسيا وإيران هما الحليفتان الرئيسيتان لدمشق وترعيان إلى جانب تركيا محادثات تُركِّز على الجوانب العسكرية والإنسانية والفنية سعياً إلى وضع حدّ للصراع في سوريا.
في غضون ذلك، ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أنّ الجنرال فاليري غيراسيموف، وهو رئيس أركان الجيش الروسي، وصل قبل بوتين إلى طهران، حيث تباحث صباح أمس مع نظيره الايراني الجنرال محمد باقري بشأن «سوريا ومكافحة الإرهاب».
وجدير بالذكر أنّ زيارة بوتين الأخيرة لطهران تعود إلى تشرين الثاني/نوفمبر 2015، وقد شهدت تأكيداً على التوافق شبه التام بين البلدين بشأن الصراع في سوريا. أما يوم أمس، فقد وصل بوتين إلى طهران غداة إعلان الخزانة الأميركية توجيهات جديدة لتطبيق قانون أصدره الرئيس دونالد ترامب، في آب/اغسطس 2017، ويفرض عقوبات جديدة على روسيا وإيران اللتين يشير إليهما نص القانون بـ«غريمتي أميركا».
وتندّد روسيا التي تبيع أسلحة لإيران، رغم معارضة واشنطن، دائماً بـ«النزعة الأحادية» للولايات المتحدة ولجوئها إلى سلاح العقوبات الاقتصادية لتحقيق غاياتها على صعيد السياسة الخارجية. أيضاً، ندّدت موسكو بشدة بتصريحات ترامب الأخيرة التي هدّد فيها بخروج بلاده من الاتفاق الموقّع بين إيران والقوى الست الكبرى.
(الأخبار، أ ف ب)