بعد أسبوع من الاستفتاء الذي تسبب بأزمة سياسية غير مسبوقة في إسبانيا منذ 40 عاماً، نزل مئات الآلاف إلى شوارع برشلونة أمس، للتعبير عن معارضتهم لاستقلال كاتالونيا، في الوقت الذي يمضي فيه رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، في الموقف الرافض لانفصال الإقليم الشمالي، مؤكداً أن «وحدة إسبانيا غير قابلة للتفاوض».
وفي مشهدٍ وُصف بأنه الأول منذ سقوط الديكتاتور الإسباني فرانشيسكو فرانكو، سار المتظاهرون في برشلونة تحت شعار «كفى! لنتعقّل»، وهي التظاهرة الأولى المناهضة للانفصال في الإقليم منذ بدء الأزمة. وأعلنت شرطة البلدية أن نحو 350 ألف شخص شاركوا في التظاهرة، فيما قال المنظمون إن العدد راوح بين 930 و950 ألف شخص. ويعتبر المتظاهرون، الذين حملوا أيضاً أعلاماً كاتالونية وأوروبية، أنفسهم «غالبية صامتة» لم يتم الأخذ برأيها منذ أن نظمت السلطات الانفصالية الاستفتاء في الأول من الشهر الجاري.
ومن المتوقع أن يتحدث رئيس حكومة كاتالونيا، كارليس بيغديمونت، إلى برلمان الإقليم مساء غد، بعدما علقت المحكمة الدستورية الإسبانية الجلسة التي كان مقرراً عقدها اليوم، وهناك تكهنات بأن البرلمان سوف يعلن استقلال الإقليم.
في هذا الوقت، تبدو الأزمة بين مدريد والسلطات الانفصالية في طريق مسدود، إذ شدد راخوي على أنه لن يكون هناك تفاوض «من دون العودة إلى الشرعية»، مؤكداً أنه سيمنع أن يأخذ إعلان استقلال إقليم كاتالونيا شكلاً واقعياً، ومردداً «أن إسبانيا ستظل إسبانيا».
وأضاف راخوي أن حكومة كاتالونيا «تعلم جيداً أنه لا يمكن التفاوض بشأن وحدة إسبانيا»، مؤكداً أن بلاده ستستخدم «جميع الأدوات التي تسمح بها الشرعية لمنع حدوث التقسيم». وفي هذا السياق، لم يستبعد إمكانية تفعيل المادة 155 من الدستور التي تقضي بالسماح للبرلمان بالتدخل في إدارة إقليم يتمتع بالحكم الذاتي، ما يعني أن الأزمة ذاهبة نحو التصعيد في الأيام المقبلة، الأمر الذي يزيد المخاوف من تجدد المواجهات بين مؤيدي الانفصال والشرطة، بعدما شهد يوم الاستفتاء قبل أسبوع صدامات عنيفة بين الطرفين. هذه المخاوف عززها تأكيد راخوي بأنه يخطط لإبقاء عدد كبير من الشرطة في الإقليم، مستبعداً الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة بسبب الأزمة.
(أ ف ب، رويترز)